خبير: الاقتصاد السعودي الأكثر استقرارا خليجيا

ضمن تفاؤل بازدهار «الأسواق الناشئة» في الشرق الأوسط

TT

ضرورة البحث عن أمثل الطرق لاستثمار أسواق جديدة في منطقة الشرق الأوسط والابتعاد عن الاستراتيجيات المبنية على الوصول للربح السريع، كانا أبرز التوصيات التي خرج بها المشاركون في المنتدى العالمي للاستثمار المباشر الذي عقد بدبي من العاشر إلى الواحد والعشرين من الشهر الجاري. والتركيز على الأسواق الناشئة خارج منطقة الخليج فرصة وصفها العضو المنتدب لمجموعة شركات القلعة هشام الخازندار، ضمن إجابته لسؤال طرحته «الشرق الأوسط» حول مدى تأثر المنطقة العربية بتصاعد الأزمة الاقتصادية العالمية، خاصة مع الصعوبات التي يعانيها المستثمرون في الحصول على قروض تمويلية من المصارف لمشاريعهم. واستطرد قائلا «إن منطقتنا العربية هي الأقل تأثرا بأزمة الائتمان، بالطبع لم نكن بمنأى عن التأثر، وهو ما لمسناه على سبيل المثال في القطاع السياحي وقطاع البناء، والصدمة النفسية التي عاناها الكثير من المستثمرين انعكست على انخفاض معدل النمو الاقتصادي في العديد من القطاعات».

وتوقع الخازندار بانخفاض معدلات النمو الاقتصادي على مستوى العالم والذي كان مسبقا من 6 ـ 7 في المائة سنويا إلى ما بين 3 ـ 4 في المائة.

ويصف الخازندار الاقتصاد السعودي بالأكثر استقرارا والأقل تأثرا بالأزمة الاقتصادية العالمية في منطقة الخليج يليه الاقتصاد القطري في المرتبة الثانية. ومع ذلك يعتبر الخازندار أن تلك الفترة «استراحة محارب» للمستثمر وفترة مثالية للتأمل وتقييم الأمور بناء على الدراسات المتأنية، ويخطو من خلالها نحو ما يسمى بالاستثمار الطويل الأمد والمبني على خطط خمسية.

ويؤكد الخازندار لـ«الشرق الأوسط» أن انخفاض التكلفة المالية للعديد من المشاريع سيساعد المستثمر في الإقدام، لكن بحذر على استغلال الفرصة والاستحواذ على العديد من القطاعات ذات العوائد الاقتصادية الواسعة، لو تمت إدارتها على المدى الطويل وبشكل مثالي، ويعلق حول ذلك بقوله «المستثمر عاش منذ بدء الأزمة المالية حالة من الصدمة النفسية، أستطيع أن أقول لك إن كثيرين لم يتجاوزوها بعد، لكن هناك شريحة لا بأس بها نستطيع القول إنها بدأت تصغي لكيفية التكييف مع الوضع الراهن».

وتركز مجموعة القلعة في الوقت الحاضر على أسواق جديدة في المنطقة العربية كالجزائر والأردن ومصر وسورية والسودان، تستثمر فيها برؤوس أموال خليجية. وفيما يتعلق بالسودان أوضح الخازندار لـ«الشرق الأوسط» أن مجموعة القلعة اشترت أرضا زراعية واسعة مساحتها 254 ألف فدان تطل على النيل الأبيض لمدة تسعة وتسعين سنة على نظام حق الانتفاع، وهي كما يقولون بحجم دولة صغيرة سينجز عليها مشروع زراعي ضخم، إضافة لمشاريع أخرى صناعية تقوم على تصنيع تلك المحاصيل الزراعية وسيتم تصديرها للخارج. وسيتم كخطوة أولى العمل على تأسيس فريق قادر على إدارة هذا المشروع الضخم، وقد تم بالفعل تعيين عضو منتدب لهذا المشروع من أستراليا، إضافة لفريق من المهندسين الزراعيين من مصر والسودان، يعمل على استثمار خمسين ألف فدان على مدى خمس سنوات كمرحلة أولية، والتركيز سيكون على محاصيل سيكون لها استهلاك محلي وقابلة للتصدير في ذات الوقت مثل السمسم والقطن، إضافة للعمل على زراعة قصب السكر وإنشاء مصانع لهذا المنتج.

ويوضح الخازندار أن الهدف الأساسي من الجانب الصناعي للمشروع هو تأسيس منظومة متكاملة من الصناعات التحويلية لتلك المنتجات الزراعية وعدم الاكتفاء بتصديرها كمواد خام.

واتفقت مجموعة القلعة مع حكومة السودان على تخصيص ما نسبته 15% من كل ألف فدان أي ما يعادل 150 فدانا تستصلحها الشركة كي يستثمرها السكان المحليون لصالحهم فيما بعد.

ولن يكون السوق العراقي كما يقول الخازندار ببعيد عن هذه الفرص الإستراتيجية للاستثمار، ويعقب حول ذلك بقوله «السوق العراقي من أهم الأسواق بالمنطقة العربية بالنسبة لمجموعتنا، لذلك كانت هناك مجموعة من الزيارات قام بها الدكتور أحمد هيكل رئيس مجلس الإدارة لمختلف المدن العراقية، للتعاون في سبيل تحديث عدد من القطاعات أبرزها النفطي من خلال الشركة الوطنية للبترول والعاملة في مصر والسودان».

ولم ينكر الخازندار الصعوبات التي تعانيها مجموعة القلعة للحصول على حق التنقيب على البترول والغاز الطبيعي في ظل وجود كم هائل من شركات التنقيب الأجنبية بمنطقة الرافدين.

وفي قطاع صناعة الأسمنت قامت شركة اَسك للأسمنت والتابعة لمجموعة القلعة بعمل عروض لتأهيل مصنعين محليين للإسمنت ولا تزال المفاوضات جارية بهذا الصدد.

وتعمل مجموعة القلعة ومقرها مصر على المساهمة في كل المشاريع الاستثمارية التي تنجزها في المنطقة، ويعد الخازندار تلك المسألة على جانب في غاية من الأهمية، ويعلق على ذلك بقوله: «لا أخفيك أن المناخ الذي نعمل فيه في الوقت الحاضر صعب للغاية، واكتساب ثقة أصحاب الأموال في شركتنا يعد في قمة الأولويات بالنسبة لنا، لذلك تصل نسبة مساهمة «القلعة» في رؤوس الأموال من عشرة إلى خمسة عشر في المائة»، وحول ذلك يشرح الخازندار قائلا: «الإسهام مع المستثمرين بحصة من رأس المال إنما هو بمثابة العمل على اكتساب ثقة هؤلاء، وهو العامل الذي بات كل صاحب رأس مال بحاجة للشعور به، بل والتأكد من صحته فيما يتعلق بالشركة التي يستثمر فيها أمواله».