المناخ السياسي الملائم والرصانة المالية وتنفيذ الإصلاحات خريطة الطريق لتحجيم الدين العام

وزير المال اللبناني محمد شطح لـ: «الشرق الأوسط»

TT

أعرب وزير المال اللبناني د. محمد شطح عن أمله في إقرار الحكومة مشروع الموازنة العامة لسنة 2009، وإحالته إلى مجلس النواب قبل بلوغ استحقاق الانتخابات النيابية في 7 من يونيو (حزيران) المقبل، في حال تمت معالجة قضية مخصصات مجلس الجنوب.

وأكد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عدم وجود أي خلافات حول بنود الموازنة التي تم طرحها منذ أسابيع على جدول أعمال مجلس الوزراء، باستثناء التباين بشأن موازنة مجلس الجنوب الذي نأمل في تجاوزه، لأن التأخير في إقرار الموازنة للسنة الرابعة على التوالي يعكس إشارة سلبية حول انتظام عمل المؤسسات».

وطمأن إلى أن «نظام الموازنة يسمح بمواصلة الإنفاق، سواء أقرت قريبا أو لم تقر (وفق القاعدة الاثني عشرية)، لكننا نفضل إرسال إشارة إيجابية للمستثمرين والأسواق، كذلك إلى المؤسسات المالية الدولية ومؤسسات التصنيف التي تتابع عن كثب أوضاع المالية العامة وتهتم بأي عامل مؤثر في قياس درجة المخاطر. وهذا يؤثر بدوره على كلفة الاقتراض وتمويل عجز الموازنة».

وفي شأن إدارة الدَّين العام الذي يستمر في التفاقم، قال شطح: «لقد عبرت بالأرقام عن حجم مشكلة الدَّين، فكل عائلة لبنانية مدينة بنحو 50 ألف دولار، وكل زيادة لكتلة الدَّين ستزيد هذه الأعباء. وقصدي من هذه الإشارة التنبيه إلى أهمية إيلاء هذه المشكلة ما تتطلبه من اهتمام ومتابعة ومعالجة، خصوصا أن الدولة تستمر في الاستدانة لتغطية العجز في الموازنة». وأضاف: «الدَّين في حد ذاته لا يشكل كارثة إذا عملنا على تعزيز النمو الاقتصادي الذي ساهم خلال السنوات الثلاث الماضية في خفض نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي من 180 إلى 160 في المائة، فتحجيم الدَّين هو الطريق الأفضل لاحتوائه».

وذكر أن «بعثة صندوق النقد الدولي رأت في تقريرها الأخير أن الوضع الاقتصادي جيد في لبنان نظرا إلى الأداء الذي فاق المتوقع، حيث بلغت نسبة النمو 8 في المائة خلال عام 2008، وتحسن الوضع المالي لناحية وضع الدَّين بذاته ونسبته إلى الناتج. كما سجلت البعثة تقويما جيدا للسياسات الحالية، مع الأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي في العالم والمنطقة واحتمالات تراجع الحركة الاقتصادية في لبنان».

وأكد «أهمية تلازم تنفيذ السياسات المالية الرصينة وتحفيز النمو مع المناخات السياسية والأمنية الملائمة، فنحن ملتزمون بعملية الإصلاح الهيكلي وتصحيح الأوضاع في قطاعات عدة، في مقدمها قطاعا الطاقة والاتصالات، وتفعيل المساعدات والتقديمات الاجتماعية. وثمة تقويم بأن الأداء لم يكن على المستوى المطلوب الذي التزمنا به في مؤتمر باريس-3 الذي شكل الأرضية للسياسات المتوسطة الأمد على الصعيد الاقتصادي والمالي. وقد قام المانحون، أصدقاء لبنان، بأكثر من مبادرة، وتم تسديد أجزاء من مساعداتهم والتزاماتهم. ولا تزال أجزاء أخرى غير مسددة يتوجب علينا مقابلتها بتنفيذ ما التزمنا به لجهة تفعيل الإصلاح القطاعي والنمو وتفعيل المساعدة الاجتماعية لجهة وصولها إلى مستحقيها».

وإذ أوضح أن تأخير تخصيص شركتي الهاتف الجوال «مبرر موضوعيا بسبب الأزمة المالية الدولية وتداعياتها على الأسواق» قال: «إن صندوق النقد الدولي موافق بشدة لمحاولة الحكومة، وتحديدا وزارة المال، تفادي ارتفاع نسبة الدَّين إلى الناتج، وتفادي ما يمكن أن يفرزه من مؤشرات غير إيجابية للأسواق الخارجية وللمستثمرين المحليين وغير المحليين. وكنا نأمل أيضا إنجاز المزيد من الإصلاحات، لأن عدم وجود إصلاح كافٍ يضعف صدقية لبنان. ونأمل أن ننجح في مناقشة موضوع الطاقة ومشكلة الكهرباء، فهذه أولوية. وأمامنا نحو ثلاثة أشهر للعمل».

وتوقع زيادة كبيرة في الإنفاق من خلال الموازنة أو من خارجها هذا العام «بسبب الحاجة إلى تمويل العجز البالغ نحو 4 مليارات دولار (6 آلاف مليار ليرة)، وهذا اقتراض جديد يضاف إلى الدَّين القائم (يبلغ حاليا نحو 47 مليار دولار)، وهذا رقم كبير وفق أي مقياس، حيث إن رقم العجز يوازي نسبة 12,3 في المائة من الدخل القومي».