مادوف يعترف بالذنب والادعاء يطالب بسجنه 150 عاما

الادعاء يطالب بتغريمه 170 مليار دولار

برنارد مادوف (وسط) لدى وصوله الى المحكمة الفيدرالية في مانهاتن بنيويورك يرافقه محاميه أول من أمس (أ.ب)
TT

يواجه برنارد مادوف السجن مدى الحياة لإدارته شبكة «بونزي» التي بدأت قبل 20 سنة واستهلكت مليارات الدولارات الخاصة بعدد من المستثمرين من الأفراد والمؤسسات المالية، فبعد ثلاثة أشهر على توقيفه في قضية احتيال تطال خمسين مليار دولار، أعلن مادوف أمس الثلاثاء انه سيترافع على أساس الاعتراف بالذنب غير أن المدعي العام استبعد إبداء أي رأفة حياله مؤكدا أنه سيطالب بالسجن 150 عاما بحقه.

وبالرغم من أن مصيره لن يعرف إلى أن تنتهي محاكمته، فإن محاميه أبلغ جلسة محكمة ترأسها قاض فيدرالي ايرا لي سوركين فجأة خلال جلسة مخصصة لمسألة ثانوية يوم الثلاثاء في المحكمة الفيدرالية في نيويورك أن موكله سيقر بذنبه في 11 تهمة الخميس لدى مثوله رسميا أمام القضاء. ورد المحامي على القاضي ديني تشين الذي سأله إن كان مادوف سيعترف بالذنب قائلا «نعم».

وهذه الخطوة التي يتم التحدث عنها منذ أسابيع ستجنب المتهم المثول أمام هيئة محلفين وسيصدر القاضي حكمه مباشرة. لكن ديني تشين قال إن «هذا الحكم لن يصدر قبل عدة أشهر».

وسيبت القاضي الخميس أيضا فيما إذا كان مادوف سيبقى في منزله حيث تفرض عليه حاليا الإقامة الجبرية، أم سيتم نقله إلى السجن إلى حين صدور الحكم بحقه.

وقال المدعي العام للقاضي في قاعة المحاكمة المكتظة بالحضور «ليس هناك أي اتفاق على تخفيض العقوبة» متهما مادوف بأنه وضع «مخططا يهدف إلى نهب زبائنه.. بطلب مليارات الدولارات منهم بحجج واهية».

وأوضحت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لها أن الاتهامات التي تم الكشف عنها يوم الثلاثاء الماضي لم تقدم اي تفصيلات جديدة حول الكيفية التي أدار بها مادوف عملية الاحتيال التي استمرت فترة طويلة. كما رفعت الاتهامات حجم الأموال التي كان يستثمرها لحساب عدد من المستثمرين سواء من الأفراد أو الهيئات، من 50 مليار دولار إلى 65 مليار دولار. وأوضحت الصحيفة أن الاتهامات لم توضح مدى تورط أفراد أسرته وكبار الموظفين في مؤسسته ومعاملة المستثمرين المفضلين لديه.

وبحسب المحققين، بدأت عملية الاحتيال في الثمانينات واستمرت إلى حين توقيف برنارد مادوف. وقد تمكن خلال هذه السنوات من اختلاس مليارات الدولارات من مصارف ومشاهير ومنظمات خيرية وجامعات.

وذكر المدعون أن مادوف استخدم مجموعة من الموظفين غير المدربين ومن غير أصحاب الخبرة «ووجههم لإصدار وثائق مزورة،» والكذب وتقديم سجلات مزورة إلى الهيئات التنظيمية وتحويل مئات الملايين من الدولارات من مصرف إلى مصرف لإعطاء الانطباع بوجود نشاط تجاري.

وذكرت الحكومة أن مادوف «أصدر أوامره بتحويلات بمئات الملايين من الدولارات بين المصارف «لإعطاء الانطباع أنه يدير عمليات شراء وبيع أوراق مالية في أوروبا نيابة عن المستثمرين، بينما لم يكن ذلك يحدث».

وتؤكد «غير أن الأموال المستثمرة كانت تستخدم للاستجابة لطلبات سحب أموال محددة كان يقدمها مستثمرون آخرون»، مضيفة أن «الأموال كانت تستخدم أيضا لشراء أملاك لمادوف أو أفراد عائلته أو شركائه».

ولتغطية عملياته هذه، فإن مادوف «كذب بشكل متكرر» على المدققين في الحسابات وكانت مكاتبه الفخمة للغاية تؤثر في زبائنه. وقال المحققون «لقد أنشأ بنية تحتية توهم بأنها شركة مزدهرة وشديدة الاحتراف في قطاع الاستثمارات».

وفي اتهام يمد جرائمه إلى حافة الأعمال التي كان شقيقه وولداه يعملان فيها، اتهم الادعاء مادوف باستخدام بعض الأموال التي جمعها خلال عمليات التزوير لدعم عمليات الاتجار في الأوراق المالية بالجملة وهي العمليات التي شهرته في وول ستريت.

وأوضح الادعاء بصفة خاصة أن مادوف «تسبب في توجيه 250 مليون دولار» جمعها عبر عمليات التحايل من الفترة من 2002 إلى 2008 «عبر سلسلة من عمليات التحويل الاليكترونية إلى حسابات تمول عمليات تلك الأعمال».

ومن بين الاتهامات المطروحة في عريضة الدعوى أنه حول بعض الأموال من مكتب شركته في لندن «لشراء عقارات وخدمات لاستخداماته الشخصية» له ولأسرته ومساعديه.

وأخيرا قال المدعون إن مادوف ـ الذي كان المستثمرون يقدرون العائد الثابت لاستثماراتهم المكون من رقم واحد – تعهد لمجموعة مختارة من المستثمرين بعوائد ضخمة، بلغت في بعض الأحيان 46 في المائة لإغرائهم بتسليم أموالهم.

وكشف ليف داسين القائم بأعمال المدعي العام في مانهاتن بمدينة نيويورك أن الحكومة تنوي تغريم مادوف 170 مليار دولار ، وهو رقم مميز يضع في الحساب كل الأموال التي تنقلت عبر حسابات مادوف خلال سنوات الاحتيال باعتبارها عوائد نشاطات إجرامية.

وبالرغم من أن القانون يسمح للحكومة بمصادرة أي عقارات فإن المدعين لم يجدوا أي أدلة على أن مادوف أو أي من الأشخاص المرتبطين بأعماله لديه مثل هذا الحجم من الأموال.

وجاء في بيان لمكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) «اعتبارا من الثمانينات (من القرن العشرين) في الأقل حتى اعتقاله في الحادي عشر من ديسمبر (كانون الأول)، عمد مادوف إلى الاحتيال على عملائه... عن طريق الحصول على أموال منهم بلغت مليارات الدولارات تحت حجج وهمية. ولم يقم باستثمار أموال المستثمرين حسب وعده لهم، بل قام باستغلالها في تحقيق مصالحه الخاصة ومصالح آخرين من دون علم أو تفويض من المستثمرين.» ورغم التساؤلات العديدة والمعلومات المتعلقة بنشاط مادوف منذ أن بدأ مشروعه في توظيف الأموال خلال سبعينات القرن العشرين، أخفقت هيئة سوق المال والتداول المختصة بتنظيم عمل الأسواق المالية في مواصلة التحقيقات. ويقول المنتقدون إن خلفيته كرئيس سابق لبورصة «ناسداك» التي تضم أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى ، أكسبته نوعا من المصداقية، الأمر الذي وفر له الحماية من مثل هذه التحقيقات.

وقام الكونجرس بعمل استجواب صارم لمسؤولي هيئة سوق المال والتداول لإخفاقهم في وقف المشروع الوهمي لمادوف الذي بدأ يتكشف في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد أن حاول المستثمرون الذين تأثروا بشدة جراء الركود العالمي استعادة أموالهم لديه. وانتحر شخصان في الأقل بعد تكشف الفضيحة.

كما أطلق جندي بريطاني متقاعد يدعى ويليام فوكستون /65 عاما/ الرصاص على نفسه بعد أن علم أن مدخراته التي جمعها طيلة حياته (مليون دولار) استثمرت لدى مادوف من خلال اثنتين من شركات الاستثمار التي أودع فيهما أمواله.

كما تكبدت شركات استثمارية أسبانية وفرنسية وألمانية ونمساوية وبريطانية وبنوك خسائر بلغت مليارات الدولارات بسبب الانخفاض الحاد في قيمة الأصول في ظل الركود العالمي السائد. ومن بين الذين تضرروا بشدة شخصيات فنية شهيرة .