طهران ترفض وساطة تركية للحوار مع واشنطن.. وتعتبر أن أوباما يكرر «أخطاء» بوش

أحمدي نجاد يعلن فشل الرأسمالية ويعتبر النظام الاقتصادي العالمي «جائرا»

أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مع نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في اجتماع طهران أمس (إ.ب. أ)
TT

رفضت إيران أمس فكرة الوساطة التركية الرامية لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، بينما وجّه مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي انتقادات إلى الإدارة الأميركية الجديدة التي عبرت عن رغبتها في انتهاج سياسة تواصل مع طهران.

وبعد ثلاثة أيام من إعلان أنقرة أنها ستدرس لعب دور الوسيط، قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للصحافيين: «لا حاجة للوساطة»، وأضاف: «موقفنا واضح، لو كانت هناك عدالة واحترام.. فلن تكون هناك قضية في العالم». وجاء تصريح أحمدي نجاد بعد اجتماع مع الرئيس التركي عبد الله غل الذي كان في طهران أمس للمشاركة في «منظمة التعاون الاقتصادي»، «اكو». وكان وزير الخارجية التركي علي باباجان صرح يوم الأحد الماضي عقب لقائه بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأن تركيا تحاول حل الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران. وامتنع ناطق عن وزارة الخارجية الأميركية التعليق على إمكانية لعب تركيا دول الوسيط، قائلا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «مراجعة السياسة تجاه إيران ما زالت مستمرة». وكانت هناك تكهنات بأن كلينتون كانت قد حملت باباجان رسالة إلى الإيرانيين، إلا أن وزارة الخارجية الأميركية لم تعلق على هذه التقارير، واكتفى الناطق بالقول: «ليس لدينا رد» على تصريحات أحمدي نجاد حول الوساطة التركية.

وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية أمس أن خامنئي صرح أمس بأن «العلاقات الإيرانية - التركية لها أعداء، هم الصهاينة والأميركيون». وبعد استقباله غل مساء أول من أمس أعرب خامنئي عن ارتياحه لاتفاق الرئيسين الإيراني والتركي على المزيد من تنمية العلاقات الثنائية، وقال: «بالطبع إن تنمية العلاقات الإيرانية - التركية لها أعداء، هم الصهاينة والأميركيون، إلا أنه على إيران وتركيا أن تتحركا في الاتجاه المعاكس لرغباتهم، ووفقا لمصالحهما المشتركة».

واعتبر خامنئي أن الإدارة الأميركية الجديدة لم تبدِ أي دلائل على محاولة تصحيح «الأخطاء الفادحة» التي ارتكبتها الإدارة السابقة في المنطقة، وأدلى خامنئي بتصريحاته في اجتماع مع الرئيس التركي ونقلتها وكالات أنباء إيرانية.

وعرض الرئيس الأميركي باراك أوباما، في تغيير للسياسة التي اتبعها الرئيس السابق جورج بوش، التحاور مع إيران في محادثات مباشرة إذا «أرخت قبضتها»، إلا أن إيران لم تبدِ تحمسا لمثل هذه المحادثات. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن خامنئي قوله: «في حالتي أفغانستان والعراق ارتكبت الحكومة الأميركية خطأ فادحا، وموقف الحكومة الأميركية الحالية من قضية غزة من أخطاء أمريكا الأخرى الفادحة». وأضاف: «الحكومة الأميركية تواصل سيرها في نفس المسار السابق، ولا يوجد ما يدل على بذل أي جهد لإصلاح الأخطاء».

وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي عن مجال يمكن لبلادها أن تتعاون مع إيران فيه، وهو استقرار أفغانستان، مضيفة دعمها لدعوة إيران لمؤتمر دولي حول أفغانستان. وكانت هولندا قد أعلنت أنها ستستضيف المؤتمر حول أفغانستان يوم 31 مارس (آذار) الجاري، ومن المتوقع دعوة إيران له.

ودعا أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي في قمتهم في طهران أمس إلى إعادة إعمار أفغانستان التي دمرها العنف، وكذلك قطاع غزة على وجه السرعة. وجاء في بيان صدر في ختام القمة أن «المنظمة تحث أعضاءها على تسريع عملية إعادة الإعمار في أفغانستان». وأضاف أن المنظمة «تتعاطف» مع سكان غزة في أعقاب الحرب الإسرائيلية التي امتدت ثلاثة أسابيع على القطاع الفقير الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وقال البيان إن «المنظمة تحث المجتمع الدولي على منع تكرار مثل هذه المأساة الإنسانية، وإعادة الوضع هناك إلى طبيعته، وإتاحة العبور إلى غزة لتقديم المساعدات الإنسانية».

وركزت القمة التي أسستها إيران وباكستان وتركيا في 1985، واستمرت يوما واحدا، على الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على المنطقة.

وحضر القمة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي ونظيره الباكستاني آصف علي زرداري والتركي غل، إضافة إلى رؤساء أذربيجان وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، كذلك شارك في القمة الرئيس العراقي جلال طالباني، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ونائب الرئيس السوري فاروق الشرع، بصفة ضيوف شرف.

وفي كلمته الافتتاحية للقمة اتهم الرئيس الإيراني نجاد الولايات المتحدة وغيرها من القوى العالمية بإقامة نظام اقتصادي «جائر» أدى إلى الأزمة الاقتصادية الحالية، ورأى أحمدي نجاد الذي يحمل على الدوام على الولايات المتحدة، أن «النظام الرأسمالي فشل، كما أن النظام الاقتصادي جائر وغير مسؤول، وللأسف فإن شعوب العالم عليها أن تدفع ثمن سياسات بعض الدول غير الفعالة». وحث نجاد دول المنظمة على التغلب على «التهديدات» التي تفرضها الأزمة المالية وتحويلها إلى «فرص»، وقال: «تهديد النظام الدولي الجائر يمكن تغييره لإيجاد وضع اقتصادي آمن لبلادنا»، عن طريق تطوير التجارة بين الدول الأعضاء في المنظمة. وتعرض أحمدي نجاد إلى انتقادات في بلاده بسبب سياسته الاقتصادية التوسعية التي أدت إلى التضخم.

وبدوره حث كرزاي في كلمته دول المنظمة على مساعدة أفغانستان على مكافحة تهريب المخدرات، وقال: «علي أن أقر بالواقع المرير، بأن بلادي هي مركز إنتاج الأفيون» في العالم. وأوضح أن الشعب الأفغاني هو «الضحية الحقيقية للإرهاب»، مشيرا إلى وجود «رابط مباشر بين تهريب المخدرات والإرهاب»، وأضاف: «نتمنى تلقي مساعدة دول (منظمة التعاون الاقتصادي) لمكافحته». وتعاني إيران كذلك من آثار إنتاج الأفيون في أفغانستان، حيث تتسبب سهولة الحصول على الهيروين في زيادة عدد المدمنين في البلاد. وحث من جهته الرئيس الباكستاني دول المنظمة على مساعدة أفغانستان في مواجهة الإرهاب، وقال إن «المنظمة عليها مسؤولية خاصة تجاه أفغانستان. دعونا نكرس جهودنا للدفع القوي» بهذا الاتجاه، مضيفا أن إسلام أباد نفسها «تبني علاقات عميقة من الثقة والتفاهم» مع كابل.

ومن المتوقع تكرار الدعوة إلى استقرار أفغانستان في المؤتمر الدولي المزمع عقده في هولندا، وقد أعلن وزير الخارجية الهولندي ماكسيم فيرهاخن أن إيران تلقت دعوة للمشاركة في المؤتمر الدولي، المخصص لمساعدة أفغانستان، والذي تقرر في 31 مارس (آذار) الجاري في لاهاي. وقال الوزير في تصريحات للإذاعة الهولندية إن إيران «شأنها في ذلك شأن دول الجوار لأفغانستان»، تلقت دعوه لحضور المؤتمر، الذي سيكون تحت إشراف الأمم المتحدة. وأوضح أن توجيه الدعوات للدول والمنظمات الدولية سيكون مسؤولية ثلاثية تشمل هولندا وأفغانستان والأمم المتحدة. وحسب بيان صدر عن وزارة الخارجية الهولندية، ينعقد المؤتمر الدولي حول أفغانستان في 31 مارس (آذار) في لاهاي، بإشراف الأمم المتحدة في المركز الدولي للمؤتمرات. ومن المتوقع أن يترأسه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وسيدعى إلى المؤتمر وزراء خارجية وممثلون عن منظمات دولية مشاركة في عمليات أمنية وإعادة الإعمار في أفغانستان.