الهاشمي: لا توجد نية حقيقية للمصالحة ومساعي الحكومة اجتهادات فردية

نائب الرئيس العراقي شكك في قدرات الجيش العراقي.. واستبعد مواجهة بين العرب والأكراد

طارق الهاشمي
TT

شكك طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي أمس في وجود نيات صادقة لإجراء المصالحة في العراق، واصفا التحركات الحكومية في هذا المسعى بأنها اجتهادات فردية.

وتوقع الهاشمي انسحاب القوات الأميركية من العراق بحسب التواريخ التي أعلنها الرئيس الأميركي مؤخرا، لكنه أبدى تخوفا من عدم اكتمال عملية بناء الجيش العراقي بحلول عملية الانسحاب.

وقال الهاشمي في لقاء مع وكالة رويترز، إن لقاءات المصالحة التي ازدادت وتيرتها في الأيام الأخيرة الماضية في بغداد بين أطراف حكومية وأخرى من خارج العملية السياسية «هي مجرد اجتهادات فردية من قبل أطراف في الحكومة وأخرى امتنعت عن المشاركة في العملية السياسية».

وعاب الهاشمي عدم وجود «برنامج حقيقي» متفق عليه لإجراء المصالحة، وقال إن معايير المصالحة هي «عفا الله عما سلف، وهي كافية لاستيعاب كل الذين قاطعوا العملية السياسية».

وأضاف «المطلوب الآن هو طرح مشروع وطني واسع النطاق متفق عليه لإجراء مصالحة حقيقية بين الذين شاركوا في العملية السياسية منذ عام 2003، وآخر بين المشاركين في العملية السياسية وبين الذين قاطعوها حتى اللحظة».

وكان رئيس الحكومة نوري المالكي قد التقى خلال الأيام القليلة الماضية بالعديد من شيوخ العشائر داخل وخارج البلد لحثهم على تعزيز مشروع المصالحة التي تتبناها الحكومة ومنذ تشكيلها في ربيع عام 2006.

وتحدث المالكي لأول مرة عن إمكانية فسح المجال أمام أعضاء في حزب البعث إلى العودة لممارسة العمل السياسي في العراق. وكان مكتب نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي أعلن أن عبد المهدي التقى قبل يومين بممثل القيادة القطرية لحزب البعث محمد رشاد الشيخ راضي في لقاء كان يهدف إلى «بحث السبل الكفيلة لدعم العملية السياسية وتعزيز الحياة الديمقراطية في العراق».

وتعرضت الحكومة العراقية خلال هذه الفترة إلى انتقادات شديدة تطالبها بتفعيل عملية المصالحة وفتح الطريق أمام الأطراف التي قاطعت العملية السياسية أو التي رفعت السلاح ضد القوات الأميركية للمشاركة فيها. وقال الهاشمي «نحن بحاجة إلى صدق النوايا والى مشروع متكامل للمصالحة والى التوافق الوطني وهي مستلزمات نجاح المصالحة الوطنية»، ومضى يقول «أعتقد أن هذه العناصر غير متوفرة في الوقت الحاضر».

واستبعد الهاشمي إجراء أي تغيير في التواريخ التي حددتها الإدارة الأميركية للانسحاب من العراق، ووصف الهاشمي إظهار الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة باراك اوباما التزامها بالاتفاقية الأمنية وبالتواريخ المحددة فيها، والتي وقعتها الحكومة العراقية مع إدارة بوش بأنها «إشارة طيبة وتدعو للاطمئنان وتدعو للثقة للتعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة»، وأضاف «من خلال لقاءات سابقة مع العديد من الشخصيات الأميركية المرموقة، يبدو أن الإدارة الأميركية قد حسمت أمرها في أن تترك العراق للعراقيين، وهو ما يوجب على العراقيين أن يحسموا أمرهم في حل مشاكلهم السياسية والأمنية».

وفي سؤال عما إذا كان العراق قد يسعى إلى الطلب من الجانب الأميركي تأجيل الانسحاب قال الهاشمي «العراق لن يطلب تأجيلا للانسحاب على الإطلاق». لكن الهاشمي شكك في إمكانية اكتمال عملية بناء القدرات القتالية واستعداد الجيش العراقي بما يؤهله لسد الفراغ الأمني عند انسحاب القوات الأمنية من العراق. وقال «اعتقد أن الجيش العراقي ما زال بحاجة إلى سنوات ليستعيد عافيته وتطوير جاهزيته القتالية، ما زال هناك قصور كبير للغاية في الجانب التسليحي للجيش العراقي»، وأضاف «حتى اللحظة (الحالية) الجيش العراقي لم يسلح إلا بالأسلحة الخفيفة والتي لا يمكن أن توفر له إمكانية سد الفراغ الأمني فيما لو انسحبت القوات الأميركية من العراق»، وقال «اشعر أن الفترة المتبقية لانسحاب القوات الأميركية من العراق ربما لن تكون كافية في تطوير الجاهزية القتالية للقوات المسلحة العراقية التي ما زالت تعتمد بالكامل على الجيش الأميركي في الجانب اللوجستي». وانتقد الهاشمي تأزم العلاقة بين حكومة المركز في بغداد وبين حكومة الإقليم الكردي ووصفها بأنها «علاقات تدعو إلى الأسف، وتدعو للقلق ولا بد من إيجاد حل عاجل لتحسين هذه العلاقة».

وكانت تصريحات واتهامات متقابلة من مسؤولين في حكومة بغداد ومسؤولين في حكومة الإقليم الكردي قد أججت العلاقة بين الطرفين وأوصلتها إلى مرحلة حرجة.

وكان رئيس الحكومة قد طالب بإجراء تعديل في الدستور وبما يضمن إعطاء الحكومة المركزية الكثير من الصلاحيات على حساب الحكومات المحلية وهو أمر رفضته حكومة الإقليم الكردي ووصفته بأنه يمهد بولادة دكتاتورية جديدة في العراق.

وقال الهاشمي إن «الخلاف الرئيسي هو الخلاف حول تفسير الدستور، ومفتاح الحل هو بإعادة النظر بالدستور وعلى عجل، وبالاعتماد على وثيقة الإصلاح السياسي التي تم توقيعها بالتزامن مع الاتفاق الأمني الموقع مع الإدارة الأميركية». وأيد الهاشمي وجود حكومة مركزية في العراق وقال «العراق لن يستقر إلا بوجود حكومة قوية مركزية، وحكومات محلية أيضا لها صلاحيات بما يجعلها قوية». واستبعد الهاشمي أن يتطور الخلاف ليصل إلى مرحلة المواجهة بين الطرفين، وقال «هذا الخيار مرفوض، ولا وجود له في عراق ما بعد 2003».