بدائع سام فرانسيس.. وبروش محمود فكري باشا

في معرض «آرت دبي 2009»

بروش صمم خصيصا لمحمود فكري باشا عام 1973 يبلغ سعره مليون يورو
TT

الفن والذوق والجمال تجلت بكل معانيها في أعمال 600 من الرسامين المبدعين، أتى ربعهم من العرب والإيرانيين، واحتضن أعمالهم معرض «آرت دبي» في دورته الثالثة لعام 2009.

وجاءت أعمال الفنان الأميركي الراحل سام فرانسيس الأغلى بين اللوحات المعروضة، والمجموعة التي عرضها غاليري «إم. آند. إم.» للفنون، ومقره الرئيسي نيويورك، تصدرتها لوحته «بلاك» (1955) التي قدرت قيمتها بستة ملايين دولار أميركي، وتعد «بلاك» إنجازا استثنائيا يظهر بوضوح التركيبة المسامية الجمالية التي تميز أعمال الفنان من خلال مزجه للكتلة والضوء واللون والعدم، كما تظهر هذه اللوحة تأثره بمونييه. ومن يتأمل اللوحة يجد أن اللون الأسود هو البطل فيها، كونه بالنسبة إلى فرانسيس رمزا يعكس قوة وحيوية مفعمة بالنشاط، كما أنه لون أساسي لهذا الفنان، والذي وصفه يوما بأنه لون يمتلك إمكانيات كل الألوان. ويعد فرانسيس من أبرز ممارسي الفن التعبيري المجرد في الساحل الغربي الأميركي.

وكان هناك إقبال خاص على أعمال الفنان العراقي أحمد السوداني، التي كانت الأسرع في المبيعات. ويمكن وصف أعمال السوداني، التي عرضتها صالة ساتشي غاليري من لندن، بأنها لوحات سينمائية تمثل الألوان فيها أعمق معاني الحرب والتمزق والشعور بالغربة واللا وطن، تماما كمن يعيش حالة اللا سلم واللا حرب في آن معا. وتشع الألوان متداخلة في بوتقة واحدة لتشكل أجسادا غير متكاملة، فليس هناك من ينفرد بهمه، بل المصاب جماعي والألم مشترك، لذلك أتت أعمال السوداني لتنافس أقوى ما تعرضه نشرات الأخبار. وتراوحت قيمة أعمال السوداني ما بين خمسمائة وستمائة ألف دولار أميركي.

كما يشارك في المعرض هذا العام «أثر غاليري» من جدة بالسعودية، لتكون بذلك أول صالة فنية سعودية تعرض مقتنياتها في «آرت دبي» منذ انطلاقته. ويعرض في الغاليري نخبة من التشكيليين السعوديين أعمالهم، وفي مقدمتهم أعمال الأميرة ريم الفيصل، التي تحمل دوما بين ثناياها لمسات إبداعية توحي بمعان غنية ومتعددة. ومع الأميرة ريم يشارك كل من شادية عالم، والفنانة المقيمة في لندن لولوة الحمود، وباسم الشرقي، ونهى الشريف، وعبد الله حماس، وأحمد ماطر، إضافة إلى بكر شيخون، وأيمن يسري.

تأسس غاليري «أثر» على يد حمزة صيرفي ومحمد حافظ، ويوضح حمزة صيرفي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» وجود عودة حقيقية إلى مقتني اللوحات الفنية بالرغم من وجود أزمة الائتمان. وعلق بقوله: «منذ ثلاث سنوات تقريبا وعيون النقاد وعشاق الفن تتجه بعمق نحو المنطقة الإسلامية والشرق أوسطية بشكل خاص؛ كونها لا تزال محافظة على فنونها وأصالتها».

ولعشاق الفن التشكيلي الجنوب شرق آسيوي يعرض الفنان الكوري الجنوبي باك سيون جي سلسلة من الصيغ الفنية بالفحم المعلق على خيوط النايلون، التي تلهم الناظر إليها بضرورة تأمل العلاقة بين الإنسان والطبيعة.

أما تحفة مواطنه مين يانج التي تحمل اسم «الظروف» فتعكس الصراع بين الوجود والعدم من خلال خلق عالم نصبو فيه إلى الهروب من الواقع.

ومن بين التحف التي يمكن مشاهدتها في مقر المعرض تحفة الفنانة الألمانية من أصل مصري سوزان حيفونة، وتمثل هذه التحفة التي تحمل اسم «فضاء الحلم» مجسما على شكل مشربية ثلاثية الأبعاد تعرض في الأماكن المكشوفة، وتعبر عن انطباعات الفنانة حول الطريقة التي نرى بها أنفسنا عندما ننظر إليها من الداخل إلى الخارج ومن الخارج إلى الداخل.

ولعاشقات الجواهر احتضن معرض «فن الجواهر الساحرة» لدار فان كليف آند أربلز نحو مائة وثلاثين قطعة فنية، وجدت كاثرين كاروا صعوبة في تحديد رقم موحد لقيمة تلك المعروضات، وعلقت على سبب ذلك بقولها: «صدقيني، من الصعوبة بمكان تحديد قيمة موحدة لتلك القطع، فكلما قدمت ومرت عليها السنون ازدادت عراقة وأصالة».

لكنني عندما سألتها عن القطعة الأغلى في المعرض قادتني إلى ركن دافئ يوضع داخله «بروش» غاية في الروعة والجمال صمم في عام 1937 لمحمود فكري باشا في مصر. ويتألف البروش من الذهب والبلاتين، ورُصّع بمائتين وتسعة وثلاثين جحرا صغيرا من الألماس الأبيض النقي قيراط 29، إضافة إلى سبعمائة وستة أحجار بديعة من الياقوت الأحمر القاني عيار 701 قيراط، وقد بلغ سعر هذه القطعة مليون يورو.

ومن أبرز المعروضات عقد بديع من الياقوت الأخضر والألماس ذي الأحجار الكبيرة، صمم في عام 1930 للأميرة الهندية سلمى آغا خان. وكان ضمن المعروضات أقراط من الذهب الأبيض والألماس النقي صممت للأميرة ناظلي في عام 1938، كما حوى المعرض صورا فوتوغرافية لألمع النجمات والشخصيات العامة، كالأميرة غريس كيلي وهي ترتدي قطع جواهر رائعة بمناسبة زفاف ابنتها الأميرة كارولين عام 1978، والأميرة ثريا متألقة بقرطين ألماسيين، وجاكي كينيدي، وماريا كلاس، وكذلك مجموعة من النجمات المعاصرات كالممثلة جوليا روبرتس، وصوفيا كوبولا، وإيفا منديس وهي ترتدي مجموعة بانكا المستوحاة من الهند، لتتألق في حفل جوائز غولدن غلوب هذا العام.

واعتبر جون مارتن مدير «آرت دبي» أن المعرض هذا العام جاء فرصة لمشاركة الكثير من الفنانين الشباب، ونفى مارتن خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أية أزمة تعانيها سوق الفنون في منطقة الشرق الأوسط، بل يعتبر أن هذا الفترة إنما هي فرصة ذهبية تخرج صالات العرض الفنية في دبي وخارجها من قوقعة العزلة.

ومن جهة اخرى أطلقت دبي أمس «مكتبة العرب»، أول بوابة إلكترونية متخصصة في الكتاب العربي تم تصميمها خصيصاً لتعزيز إمكانية الوصول إلى المواد المطبوعة في العالم العربي، وتتضمن 1194 كتابا، و4081 كتاباً آخر مترجماً، و500 مراجعة لكتب معروفة، وسبعة معاجم مختلفة، وقد أصبحت متوفرة للقراء العرب مجانا. ويوفر الموقع الإلكتروني «مكتبة العرب»، الذي صممته «مايكروسوفت»، العديد من المزايا التفاعلية السهلة للمستخدمين، بما في ذلك خيار البحث، والقاموس العربي، ومنتدى للحوار.

وقام الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس «هيئة دبي للثقافة والفنون»، أمس بإطلاق البوابة الإلكترونية الجديدة «مكتبة العرب»، www.maktabatalarab.com، في إطار فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2009، الذي انطلقت فعالياته أمس، ويستمر حتى 22 مارس (آذار) الحالي. وتعد أداة مشاهدة المحتوى من الميزات الفريدة للموقع، وتسمح للمتصفحين بالانتقال إلى صفحة معينة من خلال رقمها، والانتقال للصفحات السابقة أو التالية لمشاهدة محتويات كتاب، أو دورية ما. ويقول ياسر حارب، نائب المدير التنفيذي في قطاع الثقافة في مؤسسة «محمد بن راشد آل مكتوم»: «لا شك أن إطلاق «مكتبة العرب» يعد خطوة هامة، من شأنها استقطاب اهتمام كبير على مستوى المنطقة. وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم لتوفير الوصول السهل إلى لأعمال الأدبية الهامة، بما يعود بالمنفعة العامة للقارئ العربي».

من جهته، أكد جمال الشحي، المدير التنفيذي لمعرض دبي الدولي لكتاب الأطفال أن «المؤسسة حريصة على إطلاق مجموعة من المبادرات المماثلة التي تمس حياة كل فرد في العالم العربي. وقد قمنا، في المجال الثقافي فقط، بتنفيذ العديد من البرامج، ولدينا ثقة راسخة بأن البوابة الإلكترونية الجديدة ستفتح الآفاق لعالم يزخر بالكتب والأعمال الأدبية».