«بوكر» العربية: رياض الريس يستقيل منها والكنيسة القبطية تمتعض

بعد يوم واحد من إعلان النتيجة وفوز رواية «عزازيل»

TT

فاجأ الناشر والصحافي رياض نجيب الريس مجلس أمناء «الجائزة العالمية للرواية العربية» (البوكر العربية)، بتقديم استقالته بعد اجتماع مجلس الأمناء الذي انعقد في أبوظبي يوم أول من أمس والإعلان عن اسم الفائز الرئيسي بجائزة البوكر لعام 2008. وقال الريس في كتاب استقالته إن «أعباءه المهنية كناشر وصحافي لم تعد توفر له الوقت الكافي لملاحقة أمور الجائزة. آملا أن تتيح له استقالته من مجلس الأمناء، فرصة لمتابعة تطور الجائزة عن بُعد، باتخاذ موقف نقدي حر منها». وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» معه قال إنه «بعد ثلاث سنوات من العمل في هذه الجائزة ووصولها إلى مرحلة أمينة وناجحة لم يعد وجودي في مجلس الأمناء يضيف إليها شيئا». ونفى الريس أن تكون استقالته اعتراضا على الرواية الفائزة، خاصة أن إحدى الروايات التي كانت مرشحة للفوز هي لفواز حداد وصادرة عن داره. وشرح الريس قائلا: «لا غبار على عمل اللجنة، والنتيجة التي خرجت بها مرضية تماما، لكنني ضقت ذرعا بطريقة الإدارة».

الناقدة المصرية ماري تريز عبد المسيح، عضو مجلس الأمناء وكانت حاضرة الاجتماع الأخير قالت لـ«الشرق الأوسط»: «بالفعل أعرب رياض الريس عن رغبته في الاستقالة لكننا أقنعناه بالعدول وكنا نظن أنه تراجع». واستغربت عبد المسيح أن يكون الريس قد قدم استقالته بالفعل. كما استغربت الناشرة رنا إدريس، صاحبة «دار الآداب» الموجودة حاليا في أبوظبي، خبر الاستقالة، قائلة: «إن الأجواء العامة التي عشناها أثناء الإعلان عن الجائزة لم تكن توحي بأي خلاف. ولم يظهر على الريس أنه كان ممتعضا من أي شيء». إلا أن الأسباب الحقيقية للاستقالة كما روتها مصادر مطلعة على أجواء اجتماع الأمناء في أبوظبي تتعلق بأن مجلس الأمناء وبـ(الأخص الأعضاء العرب) غير فعال، وليس صاحب قرار في أمور تخص «طريقة إدارة وتنظيم الجائزة». وأن الأمناء العرب اعترضوا على النهج الذي تدار به الجائزة أثناء الاجتماع الأخير وعلى كثير من الأمور التي تتم دون العودة إليهم. وقد أعلن أول من أمس في احتفال أقيم في أبوظبي عن نتيجة جائزة «بوكر» للرواية، في فرعها العربي، وفاز بها الروائي المصري يوسف زيدان عن روايته «عزازيل» الصادرة عن دار الشروق بالقاهرة سنة 2008. وهي واحدة من ست روايات وصلت إلى التصفية النهائية في (كانون الأول) 2008 وشملت: «جوع» للمصري محمد البساطي، و«المترجم الخائن» للسوري فواز حداد، و«روائح ماري كلير» للتونسي الحبيب السالمي، و«الحفيدة الأميركية» للعراقية إنعام كجه جي، و«زمن الخيول البيضاء» للأردني إبراهيم نصر الله.وجدير بالذكر أن رواية «عزازيل» كانت قد أثارت جدلا عند صدورها في القاهرة، لأنها تعود إلى القرن الخامس الميلادي، وتتحدث عن بعض الأحداث الدموية التي رافقت نشر المسيحية في المنطقة، وتتطرق إلى عنف وقتل مارسه المسيحيون الأوائل في تلك المرحلة. والراهب «هيبا» الذي تحكي الرواية مساره تتأرجح مشاعره طوال 370 صفحة من السرد، بين التدين الروحي الشديد والردة التي يمكن أن يقدم عليها في أي لحظة تحت غواية الوثنية أو امرأة أحبها وشغف بها قلبه. وتقول مصادر مطلعة على أجواء البطريركية القبطية في مصر إن استياءً رافق الإعلان عن نتيجة جائزة البوكر في أبوظبي، وأن بيانا يمكن أن يصدر عنها في أي لحظة كاعتراض على اختيار رواية «عزازيل» لهذا العام. وهو موقف ليس جديدا من الكنيسة القبطية التي قالت في شهر نوفمبر الماضي على لسان الأنبا بيشوي، سكرتير المجمع المقدس، إنها تعد كتابا موثقا كرد على ما جاء في رواية «عزازيل». واتهمت الكنيسة القبطية المصرية كاتب رواية «عزازيل» التي حققت أفضل المبيعات منذ صدورها، بأنها تعتبر «تدخلا في الأمور المسيحية الداخلية». وقال الأسقف بيشوي «إن زيدان يريد هدم العقيدة المسيحية الحقيقية». في ما دافع كاتب الرواية يوسف زيدان عن نفسه بالقول إنه: «ليبرالي ديني، يؤمن بكل الأديان وليس ضد المسيحية»، مضيفا انه يرى «أوجه شبه بين العنف الديني والتطرف في القرن الخامس ونفس النوع من العنف في العالم الحديث». وأشار زيدان في تصريحه للصحافة حينها إلى أن «هناك بنية واحدة للعنف الديني قابلة للتكرار عندما تتوافر الظروف الموضوعية لإبرازها، فما كان في الإسكندرية سنة 391 (عندما أصبحت المسيحية دين الدولة) هو مقلوب ما هو في مصر الآن».