12 شابا يحافظون على «صناعة الفخار» في جازان من الانقراض

مردودها المادي مجزٍ ومبيعاتها جيدة.. وتسيطر عليها العمالة الوافدة حاليا

الشبان يتدربون على صنع الفخار في جازان بجنوب السعودية («الشرق الاوسط»)
TT

يجلس 12 شابا من أبناء منطقة جازان، بأقصى جنوب غرب المملكة العربية السعودية، يوميا وعلى مدار ساعات طيلة 3 أشهر، مضى نصفها في دورة تدريبية على صناعة الفخار ومنتجاته المختلفة. ويتلقى الطلاب المتدربون تدريبهم العالي على يد 3 خبراء من كبار السن الذين يعملون في هذه المهنة منذ عقود طويلة.

محمد علي إبراهيم، وهو شاب في الـ19 من العمر يسعى لأن يكون أحد «حراس التاريخ» في السعودية من خلال مشاركته في هذه الدورة الخاصة بصناعة الفخار. ويقول: إن 11 شابا يتشاركون معه بطموحاته وأحلامه المختلفة في منطقة جازان الثرية بتراثها المتنوع، ومن بينها صناعة الأواني الفخارية التي تتوارث أبا عن جد. ويتابع محمد: «كنت أشعر بالحزن عند مشاهدة عمال غير سعوديين يعملون في صناعة الفخار التي تشكل أحد أنواع التراث الخاص ببلادي ومدينتي، ومن هذا المنطلق قررت أخذ الدورة حتى أواصل عمل آبائنا وأجدادنا، ولا ينقطع حبل استمرارية هذه المهنة».

محمد وزملاؤه الفخاريون الـ11 منخرطون في الدورة التي تنظمها جمعية الثقافة والفنون في منطقة جازان، بالتعاون مع الهيئة العليا للسياحة. وهم يعملون بجد لتحقيق الهدف من الدورة وإيجاد جيل من المواطنين يحفظ للبلاد مهنها التراثية، وذلك نتيجة التخوف من اندثار المهنة بالنظر إلى أن حرفييها من كبار السن في الوقت الحالي، وكذلك لما توفره من مردود مادي جيد بالنسبة إلى الشباب متى شجعوا على الانخراط به. وهنا يؤكد موسى بن علي نامس مدير فرع الجمعية الثقافة والفنون في منطقة جازان، خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن هدف الدورة «الحفاظ على صناعة الفخار التقليدية وتشجيع الشباب على تعلم حرفة الفخار التقليدية والقضاء على البطالة لدى بعض الشباب».

وأضاف: «ثم إن انخراطهم في هذا العمل يسهم في رفع مستوى دخل الفرد والأسرة المعيشي، ويفتح مجالات وأسواق عمل جديدة أمام الشباب. كما يمكن الاستفادة من هذا المنتج ببيعه للسياح وزائري المنطقة».

وأشار بن نامس إلى «إنهاء دورة تدريبية لهواة فن الخزف استغرقت ثلاثة أشهر، بالتعاون مع مركز النخلة للصناعات الحرفية في الأحساء، تحت إشراف الهيئة العامة للسياحة والآثار في مقر الجمعية، يقوم بتنفيذها ثلاثة من كبار السن الحرفيين لهم دراية وخبرة عريضتان في مجال صناعة الخزف أو الفخار».

ومما يذكر أن الجمعية استعانت أيضا بالخبرات الأكاديمية ولم تكتفِ بالحرفيين المسنين، إذ استعانت بالدكتور محمود السيد، المتخصص في الفن التشكيلي، لتعليم المتدربين مهارات الفن التشكيلي وتعليمهم التصنيع بطرق أفضل وإدخال التطورات والتحسينات في صناعة الفخار.

وبالعودة إلى مدير جمعية الثقافة والفنون، قال: «إن لهذه الدورة جانبا من الانعكاسات الإيجابية السريعة على المتدربين من الشباب، لأنها تمنح المتدرب مكافأة مالية شهرية إضافة إلى الشهادة المهنية التي يحصل عليها المتدرب في صناعة الخزف، وعلى ضوئها يحصل على قرض مالي من الجهات المختصة لمساعدته على فتح ورشة في هذا المجال».

ثم أضاف: «80 في المائة من فعاليات الدورة تركز على صناعة الأواني المنزلية بينما 20 في المائة تركز على إبداعات المتدربين في إخراج مهارتهم في الفن التشكيلي وإخراج مجموعة من الشباب لديهم أفكار في هذا المجال من التخصص، وهي قد تكون مصدر رزق لهؤلاء المتدربين، علما بأن صناعة الفخار تشهد إقبالا كبيرا، سواء من السكان أو زوار المنطقة الذين يفضلون شراءها سواء للاستخدام أو للاقتناء».

من جهة أخرى، أوضح رستم الكبيسي المدير التنفيذي لجهاز الهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة جازان، أن المتدربين الـ12 الذين اجتازوا الدورة السابقة في الصناعات الفخارية قبل 7 أشهر اختيروا من بين 16 متدربا». مشيرا إلى أنها كانت خطوه إيجابية في العمل على إحياء التراث الجيزاني وتعليم الشباب على كيفية العمل والاعتماد على النفس وكسر الحاجز في العمل في مجال صناعة الفخار. وأضاف: «لا يستغني أي مطبخ في جيزان عن الأواني الفخارية، وربما لجأ إليها الكثير كنوع من الفضول في الاقتناء وحب كل ما يتعلق بالتراث».