سليمان يطرح من باريس إنشاء مجلس شيوخ كحل لتحقيق التوازن الداخلي في لبنان

ساركوزي: فرنسا لن تضحي بلبنان على مذبح النزاعات الإقليمية

الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، يضع أمس إكليلا من الزهور على قبر الجندي المجهول في باريس، وذلك بمشاركة وزير الدولة الفرنسي للدفاع (رويترز)
TT

دعا الرئيس اللبناني ميشال سليمان في اليوم الثاني من زيارته إلى فرنسا إلى إنشاء مجلس شيوخ في لبنان، كسبيل إلى تحقيق التوازن الداخلي. وقال سليمان، عقب اجتماعه أمس برئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه، الشخصية الثانية في الدولة الفرنسية، إن «الدستور اللبناني ينص على إقامة مجلس شيوخ، وهو الحل الأساسي للوصول إلى توازن داخل الدول». وأكد سليمان أن تجربة إنشاء مجلس للشيوخ «يمكن أن تكون تجربة رائدة، وسنصل يوما إلى تشكيل هذا المجلس وإنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية التي تتطلب وقتا طويلا، ومن صلب عملها إنشاء مجلس شيوخ لبناني، وهو ما نص عليه الدستور بعد اتفاق الطائف». (وكان لبنان قد عرف تجربة مجلسي النواب والشيوخ في عهد الانتداب الفرنسي، ولكنه تم التخلي في ما بعد عن مجلس الشيوخ).وكرر سليمان تأكيده بأن تجري الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان وفق الأسس الديمقراطية، وفي شفافية ونزاهة تامتين.

وكان الاستحقاق الانتخابي، والوضع اللبناني الداخلي، والعلاقات الثنائية اللبنانية الفرنسية، والوضع الإقليمي، محاور البحث التي تناولها سليمان مع ثلاثة من الرؤساء الفرنسيين الأربعة (الشيوخ، والنواب، والحكومة)، علما بأنه تناولها عصر أول من أمس مع رئيس البلاد، ساركوزي. وسوف يستقبل صباح اليوم وزير الخارجية برنار كوشنير، ويختم نشاطه بلقاء صحافي في مقر السفارة اللبنانية.

وقد حظي الجانب البروتوكولي والاحتفالي بقسط وافر من نشاط الرئيس اللبناني أمس، وتسببت الإجراءات الأمنية ـ التي لازمته ـ في أزمة سير خانقة في محيط قصر الضيافة و جادة الشانزليزيه .

وكان ساركوزي قد تناول، في الخطاب الذي ألقاه ليل أول من أمس، بمناسبة «عشاء الدولة» الذي أقامه تكريما لسليمان والوفد اللبناني، كل المسائل اللبنانية العالقة، وأولها العلاقات اللبنانية السورية، مؤكدا على ثوابت الموقف الفرنسي من لبنان.

وأثار الرئيس الفرنسي موضوع انفتاح باريس على دمشق، و ما اعتبر وقتها تخليا فرنسيا عن الخط المتشدد الذي التزمه الرئيس السابق جاك شيراك. وقال ساركوزي مخاطبا سليمان «أقول لكم إن فرنسا لن تضحي بلبنان على مذبح النزاعات الإقليمية. وفرنسا تقول لجميع جيرانكم: من كانت عنده حسابات يريد تصفيتها، فليمتنع عن تصفيتها على حساب لبنان».

وفي بادرة دعم واضحة للدولة اللبنانية، قال ساركوزي «في إطار دولة تتمتع بالسيادة، لا أحد خارج السلطات الشرعية له الحق أن يكون ضامنا للأمن». وفي هذا السياق، تتمسك باريس بتطبيق مضمون القرار 1701، الذي ينص على نزع سلاح كل الفئات المسلحة غير الشرعية في لبنان. وترى فرنسا أن تطبيق هذا المبدأ يمكن أن يتم من خلال تفاهم اللبنانيين بين بعضهم البعض. وفي إشارة إلى حزب الله، قال الرئيس الفرنسي إن بلاده «تعترف وتتناقش مع كل القوى السياسية في لبنان، ولكن يتعين أن تكون الأمور واضحة. القوى السياسية ليست لديها ميليشيات، ولا قوى مسلحة. القوة المسلحة الشرعية الوحيدة هي قوة الدولة اللبنانية».

وأشار ساركوزي إلى الاجتماع الذي عقد بحضوره الصيف الماضي بين سليمان والرئيس السوري في باريس، وتم فيه «رسم الطريق لاعتراف سوري تام بلبنان، ولإقامة علاقات ندية بين البلدين». و تعتبر باريس أن الأمور تسير بشكل إيجابي مع دمشق، ولا تعتبر تأخر سورية حتى الآن في تعيين سفير في لبنان سببا خلافيا. وقال مصدر رفيع المستوى لـ «الشرق الأوسط» إن باريس «لم تحصل على شرح مقنع» من دمشق لهذا الواقع، غير أنها «لا تريد أن تعطي انطباعا بأنها تمارس ضغوطا على سورية للتعجيل بذلك». وترى مصادر سياسية أن سبب التأخر «يكمن في رغبة دمشق بتحاشي تقديم هدية» لرئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة عبر تعيين سفير سوري في بيروت قبل الانتخابات النيابية في لبنان.

وفي الملف الإقليمي، كرر ساركوزي دعوته ليكون عام 2009 عام السلام في المنطقة، معتبرا أنه «يتعين على لبنان أن يكون أحد الفاعلين» من أجل هذا السلام. ولمزيد من الوضوح، أعرب ساركوزي عن رغبته في أن «يجد لبنان مكانه تماما في إطار اتفاق شامل يتناول المسارات الثلاثة للسلام العربي الإسرائيلي»، لكن الرئيس اللبناني رد قائلا «إن لبنان لا يمكن أن يفاوض إسرائيل، إلا بعد تطبيق القرارين 425 و 1701».