الرئيس الباكستاني يصدق على قرار إعادة رئيس المحكمة العليا لمنصبه

تشودري سيختار بين العمل إلى جانب القضاة الأوفياء لمشرف.. أو الدخول في صدام مع الحكومة

TT

صادق الرئيس الباكستاني علي آصف زرداري أمس، على قرار إعادة تعيين افتخار محمد تشودري، رئيس المحكمة العليا المقال، والقضاة الآخرين بالمحاكم العليا الذين تعرضوا للفصل من عملهم منذ عامين. وأعلن المتحدث الرسمي باسم الرئيس فرحة الله بابار، أن الرئيس وقع قرار إعادة القضاة إلى المحكمة العليا والمحاكم الأخرى. وقال: «أعيد تعيين القاضي افتخار محمد تشودري رئيساً للمحكمة العليا بدءا من 22 مارس (آذار)، وأعيد القضاة الآخرون لمناصبهم بصورة فورية». ومن المقرر أن يحل القاضي تشودري محل رئيس المحكمة الحالي عبد الحميد دوغار الذي عينه الرئيس السابق برويز مشرف الذي سيتقاعد من عمله في 21 مارس (آذار). وكان تشودري قد أقيل من منصبه، إلى جانب 60 قاضياً آخر بالمحاكم العليا على يد الرئيس السابق برويز مشرف في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007. وبعد طرده 61 قاضياً من المحاكم العليا، عين مشرف أشخاصاً اختارهم من المقربين له، قضاة في المحكمة العليا والمحاكم العليا الأخرى. وقد أقسم جميع القضاة الذين عينهم مشرف على الولاء له، وأدلوا بالقسم على القرار الدستوري الاحتياطي ـ وهو وثيقة قانونية أعلنها مشرف بحيث تحل محل الدستور الباكستاني. وبعد أن فاز حزب الشعب بالسلطة، عينت الحكومة الحالية عدداً من القضاة في المحكمة العليا والمحاكم العليا الأخرى. ولاقت جميع التعيينات انتقادات حادة من قبل أحزاب المعارضة التي ادعت أن القضاة الذين عينتهم الحكومة مفضلين لديها ومتحيزين لصالحها. ويعتقد غالبية قادة حركة المحامين، أن القضية الكبرى التي تواجه رئيس المحكمة العليا الجديد تتمثل في كيفية تطهير الصفوف الأعلى من السلطة القضائية. قال الزعيم الأبرز لحركة المحامين، القاضي (المتقاعد) طارق محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن « الطريق لن يكون مفروشاً بالورود أمام رئيس المحكمة العليا الجديد». وأضاف «هناك الكثير من العناصر غير الصالحة تم تعيينها في السلطة القضائية من جانب الرئيس السابق مشرف والحكومة الحالية. والآن، باتت هناك صعوبة بالغة في التخلص منهم. والسؤال الأكبر أمام رئيس المحكمة العليا عن كيفية السيطرة على هذه العناصر». وأضاف القاضي محمود أنه سيتعين على رئيس المحكمة العليا الجديد التحلي بقدر كبير من المسؤولية في إجراءاته لتجنب الدخول في مواجهة مع الحكومة الباكستانية الحالية. وقال: «أعتقد أن علينا منح بعض الوقت لرئيس المحكمة العليا تشودري، وأن نترك له سلطة السيطرة على هذه العناصر داخل السلطة القضائية». يذكر أن رئيس الوزراء السابق نواز شريف، زعيم المعارضة اليوم، انتقد التعيينات التي أقرتها حكومة حزب الشعب الباكستاني داخل الصفوف الأعلى من السلطة القضائية. وكثيراً ما ردد في خطاباته خلال الأسبوعين الماضيين أن: «لقد عينوا أكثر العناصر فساداً كقضاة». وعندما فصل الرئيس السابق برويز مشرف رئيس المحكمة العليا من منصبه في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، أعلنت هيئة مؤلفة من سبعة أعضاء داخل المحكمة العليا أن جميع الإجراءات التي اتخذها الجنرال مشرف غير قانونية وباطلة. كما أعلنت الهيئة التي ترأسها افتخار أن جميع قرارات التعيين التي تم اتخاذها داخل الصفوف العليا من السلطة القضائية غير قانونية. من ناحيتها، وضعت المحكمة العسكرية القضاة السبعة في السجن وأعلنت عن تعيينات جديدة في الهيئة القضائية. وقال أنيس جيلاني، المحامي البارز لدى المحكمة العليا، إنه في «حال إعادة الهيئة القضائية إلى ما كانت عليه قبل 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، ستصبح كافة التعيينات التي أقرها الجنرال مشرف في سلك القضاء غير قانونية ولا ولاية قضائية لها». وأوضحت الحكومة المؤلفة من حزب الشعب الباكستاني أنه لن يتم إقالة أي من القضاة الذين عينهم الرئيس السابق مشرف من المحاكم العليا. ويعني ذلك أن رئيس المحكمة العليا الجديد تشودري، سيتعين عليه التعايش مع جميع القضاة الذين أقسموا بالولاء للرئيس السابق مشرف. ومثلما أوضح أحد كبار المحللين السياسيين، فإنه في حال إقدام رئيس المحكمة العليا الجديد على إقالة القضاة الذين عينهم مشرف، سيكون بذلك يمهد للطريق نحو الصدام مع حكومة حزب الشعب الباكستاني. ويرى المحامي البارز بالمحكمة العليا، أثار منة الله، الذي عمل متحدثاً رسمياً للقاضي تشودري، أن تشودري بعد عودته لمنصبه كرئيس للمحكمة العليا لن يرغب في القيام بأي إجراء من شأنه الدخول في مواجهة مع الحكومة. وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «رئيس المحكمة العليا يؤمن بشدة بحاجة باكستان إلى الاستقرار. أما مسألة القضاة الذين عينهم مشرف فتخص البرلمان». وكان زرداري قد قاوم عودة تشودري وزملائه القضاة بعد توليه السلطة العام الماضي، خوفا من أن يجدد تشودري تهم الفساد الموجهة ضده. وقد ظل زرداري على موقفه المتحدي الأسبوع الماضي عندما بدأت جماعات معارضة يقودها شريف والمجتمع القانوني، مسيرة عبر باكستان أطلق عليها «المسيرة الطويلة» من جنوب باكستان إلى العاصمة إسلام آباد. لكن زرداري سرعان ما استسلم وكف عن المقاومة عندما غادر شريف مدينة لاهور بشرق البلاد في مسيرة ضخمة وتوجه إلى إسلام آباد.