براون يدعو طهران إلى التجاوب مع واشنطن والتعاون في ملفها النووي

بريطانيا تسعى إلى بحث تطوير الطاقة النووية السلمية أثناء قمة العشرين

TT

دعا رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون إيران أمس إلى التعاون مع الولايات المتحدة و«ملاقاة اليد الأميركية الممدودة»، التي قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنها ممدودة إلى إيران في حال قبلت التعاون. واعتبر براون، خلال مؤتمر دولي جمع رجال علم ودبلوماسيين في لندن لبحث مستقبل الطاقة النووية، أن التهديد الذي تمثله إيران فيما يتعلق بالانتشار النووي، بلغ مستوى «خطيرا»، داعيا طهران إلى التخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم. وركز براون على أهمية عدم فصل الشؤون النووية عن التحديات الأوسع التي تواجه العالم، من التغيير المناخي إلى الأزمة الاقتصادية. وينوي براون طرح أهمية تطوير نظام عالمي أفضل لمعالجة الطاقة النووية السلمية ومنع انتشار التسلح النووي في قمة مجموعة العشرين المزمع عقدها في لندن يوم 2 أبريل (نيسان) المقبل. وكرر براون الموقف البريطاني والدولي حول مواجهة إيران: «خيار واضح، إما متابعة هذا المسار والمجازفة بالتعرض لعقوبات جديدة ومشددة، وإما اعتماد برنامج طاقة نووية مدنية بإشراف الأمم المتحدة يسمح للإيرانيين بالاستفادة القصوى منه».

وقال براون: «آمل أن تأخذ إيران الخيار الصحيح وتستفيد من إرادة المجتمع الدولي بالتفاوض، خاصة عرض التعاون الذي قدمه الرئيس الأميركي باراك أوباما، بدلا من مواجهة عقوبات جديدة واللااستقرار في المنطقة».

وأوضح الناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية، باري مارسدن، أن رئيس الوزراء «يوضح ويكرر السياسة البريطانية تجاه إيران». وعلى الرغم من تقديم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا عرضا لإيران بمساعدتها في تطوير برنامجها النووي المدني، وفتح فرص للتعاون الاقتصادي والتقني بين الطرفين، مقابل توقيف تخصيب اليورانيوم، فإن إيران لم توافق على هذا المقترح. وأكد مارسدن لـ«الشرق الأوسط» أن العرض ما زال «حيا» وأن المسؤولين البريطانيين يثيرون هذه القضية مع الإيرانيين في كل فرصة متاحة. وأضاف: «أحبطنا من الرد الإيراني (على العرض) لأننا نؤمن بأن هذا أفضل عرض من أجل إخراج إيران من المكان المظلم في عزلتها، ومساعدتها على تطوير تكنولوجيا نووية، بالإضافة إلى التعاون مع المجتمع الدولي»، موضحا أن وثيقة العرض «وثيقة حية ومطروحة، ونعتقد أن على الإيرانيين دراستها بشكل جدي». وكان أوباما أعرب في فبراير (شباط) الماضي عن الأمل في إيجاد «ثغرات خلال الأشهر المقبلة» في الجدار القائم بين الولايات المتحدة وإيران تسمح «بالجلوس على طاولة، وجها لوجه». وقال براون: «أطالب إيران مرة جديدة بالعمل معنا، وليس ضدنا. هذا الاحتمال لا يزال مطروحا على الطاولة، وعليهم حسم خيارهم». وأقر رئيس الوزراء البريطاني «بالحق المطلق» لإيران في الحصول على الطاقة النووية المدنية، واعتبر أنه من واجب المجتمع الدولي مساعدتها على تحقيق هذا الهدف. واعتبر براون أن إيران مثال على ضرورة التوصل إلى التوازن السليم بين الطاقة النووية المدنية ومنع انتشار الأسلحة النووية. وقال: «علينا إيجاد نظام دولي جديد لمساعدة الدول غير النووية للحصول على مصادر الطاقة الجديدة التي تحتاجها. لأنه، سواء أردنا ذلك أم لا، لن نتمكن من مواجهة تحديات الاحتباس الحراري من دون اللجوء إلى الطاقة النووية المدنية بشكل أوسع».

وشدد براون على أهمية التوصل إلى سبل لمساعدة الدول غير النووية على الوصول للطاقة النووية المدنية من أجل الوفاء بحاجات الطاقة والتعامل مع التهديد المتزايد للتغيرات المناخية. ويجمع المؤتمر أكثر من مائة ممثل من 37 دولة، إضافة إلى خبراء من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأكاديميين ومشرعين. ويأتي المبعوثون من دول تدرس وضع برنامج نووي، وأيضا من دول طورت صناعات نووية مدنية. ومن بين الدول المشاركة، المملكة العربية السعودية ومصر والأردن وسلطنة عمان وقطر وتايلاند وتركيا والإمارات العربية المتحدة وغانا وإندونيسيا وقازاخستان وألبانيا والجزائر والأرجنتين والبحرين وبنغلاديش والبرازيل. ويتماشى المؤتمر مع استراتيجية بريطانيا المتعلقة بمساعدة الدول التي تلتزم باستخدام سلمي للطاقة النووية مع عدم إبداء تسامح تجاه انتشار الأسلحة النووية. ودعا براون إلى إجراءات وقائية أشد ضد انتشار الأسلحة النووية، وتسليط الضوء على خطر امتلاك المزيد من الدول لأسلحة نووية، مشيرا إلى أنها قد تقع في أيدي جماعات متشددة مثل تنظيم القاعدة. وتعهد بأن تكون بريطانيا في مقدمة جهود نزع السلاح النووي، وقال إن بريطانيا قد تكون مستعدة لخفض عدد الرؤوس النووية التي تحملها غواصاتها، وذلك في إطار مفاوضات متعددة الجنسيات.

ولفت براون في خطابه إلى أن الطاقة النووية تتعلق بالتحديات الأربعة الرئيسية التي تواجه العالم، قائلا إن «عدم الاستقرار المالي العالمي، والتغيير المناخي العالمي، والفقر العالمي، والأمن العالمي» متعلقة ببعضها بعضا، وبحاجة إلى معالجة من خلال التعاون الدولي. ومن المتوقع أن تكون هذه التحديات الأربعة على أجندة قمة العشرين التي تعد لها بريطانيا.