إجماع على ضرورة فرض رقابة على صناديق التحوط

خطة إصلاح النظام المالي الأميركي

TT

أشار مسؤولون حكوميون إلى أن إدارة أوباما ستدعو إلى زيادة الرقابة على رواتب ومكافآت المسؤولين التنفيذيين في كافة البنوك ومؤسسات «وول ستريت»، ويحتمل أن يمتد ذلك ليصل إلى شركات أخرى، في إطار خطة لإصلاح النظام المالي. ومن المتوقع أن يكشف النقاب عن الصيغة الأولية لهذه الخطة خلال الأسبوع الجاري، استعدادا لأول قمة تعقد خارج البلاد يحضرها الرئيس أوباما في مطلع أبريل (نيسان). ويقول مسؤولون «إن المقترح سوف يسعى إلى أن يكون هناك دور جديد موسع للمصرف الاحتياطي الفيدرالي للإشراف على الشركات الكبرى، بما فيها صناديق التحوّط الرئيسية، التي من الممكن أن تتسبب المشاكل التي تعاني منها في مخاطر للنظام المالي في مجمله». وستقترح الإدارة تداول الكثير من أنواع المشتقات وغيرها من الأوعية المالية الدخيلة، التي أسهمت في الأزمة الراهنة، داخل البورصات، أو من خلال مكاتب المقاصّة، حتى تحظى بقدر أكبر من الشفافية، وحتى تتسنى مراقبتها عن قرب. ولحماية المستهلكين، سوف تدعو الإدارة إلى تبني معايير فيدرالية لمقرضي الرهن العقاري تتجاوز ما تبناه الاحتياطي الفيدرالي العام الماضي، وإلى تطبيق قواعد الرهن العقاري بحزم أشد. وتنظر الإدارة في زيادة الرقابة على رواتب التنفيذيين منذ وقت قليل، ولكن برز هذا الأمر خلال الأيام الأخيرة، بسبب الغضب العام من المكافآت التي حصل عليها بعض التنفيذيين. ويقول المسؤولون إن الإدارة ما زالت تناقش تفاصيل خطتها، بما في ذلك النطاق الذي يجب فيه تطبيق الخطة، وإلى أي مدى يمكن أن يتجاوز الأمر مجرد التقارير. وبناء على محصلة هذه النقاشات، سوف تقوم الإدارة بوضع التغييرات في حيز التنفيذ، عن طريق قواعد ولوائح، وليس باستخدام تشريعات. ويحتمل أن يفرض مقترح متطلبات أكثر على مجالس إدارة الشركات لربط التعويضات التي يحصل عليه التنفيذيون بصورة أكبر بمستوى أداء المؤسسة، ولاتخاذ خطوات أخرى لضمان أن يكون التعويض مرتبطا بمصلحة الشركة من الناحية المالية. وسوف تغطي القواعد الجديدة كافة المؤسسات المالية، بما فيها المؤسسات الحالية التي لا تشملها قواعد الرواتب، لأنها لا تحصل على مساعدات مالية فيدرالية. ويقول مسؤولون إن القواعد يمكن أن تطبق بصورة أوسع على الشركات التي يجري التداول عليها علنا، التي ترسل تقارير عن بعض تطبيقات رواتب التنفيذيين إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة. يذكر أنه خلال حملته الرئاسية، دائما ما كان يدعو أوباما المنظمين إلى تبني قواعد جديدة، كي يكون لحملة الأسهم صوت أعلى في تحديد رواتب المسؤولين التنفيذيين بالنسبة لكافة الشركات العامة. وفي الشهر الماضي، وفي إطار حزمة التحفيز الاقتصادي، منع الكونغرس المسؤولين التنفيذيين في البنوك الكبرى التي تحصل على مساعدات إنقاذ من الحصول على مكافآت تزيد على ثلث الراتب السنوي. ويجري حاليا تحديد أطر الخطة التنظيمية قبل اجتماع لمجموعة العشرين في لندن. وتضم هذه المجموعة دولا صناعية وأخرى نامية. ومن المتوقع أن يسيطر على الاجتماع، الذي من المقرر أن يبدأ في الثاني من أبريل (نيسان)، مناقشة الأزمة المالية العالمية، ونقاشات حول رقابة أفضل على المؤسسات المالية الكبرى، التي يمكن أن تهدد مشاكلها بتقويض الأسواق الدولية. وهناك جزء هام في الخطة، التي تجري مناقشتها في الوقت الحالي، يتعلق بكيفية تنظيم القطاع المصرفي الذي تستخدمه شركات وول ستريت لجمع الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري والتداول عليها، ما يسمى بالأصول السامة التي توجد لدى الكثير من المصارف، وهي السبب في أزمة الائتمان. ويقول مسؤولون إن الخطة سوف تدعو أيضا إلى زيادة مستويات رأس المال الذي تحتاج إليه المؤسسات المالية، كي تتمكن من امتصاص خسائر محتملة. وفي إشارة إلى هشاشة النظام الاقتصادي، يقول مسؤولون إن الإدارة سوف تؤكد على هذه المعايير المعززة التي لا يجب تطبيقها في الوقت الحالي، لأنها يمكن أن تحد من المزيد من عمليات الإقراض، ولكنها سوف تدخل حيز التنفيذ، بعد أن يستعيد الاقتصاد عافيته. ويقول موريس غولدشاتين، وهو زميل بارز في معهد «بترسون للاقتصادات الدولية» ومسؤول بارز سابق في صندوق النقد الدولي «يقول البعض إنهم لا يريدون الضغط على دواستي البنزين والفرامل في نفس الوقت».

كما يناقش مسؤولون في الإدارة طريقة للوصول إلى رقابة حازمة على صناديق التحوط. وقد ظهر إجماع على نطاق واسع بين المنظمين ومسؤولي الإدارة على أنه يجب تسجيل صناديق التحوط، وأنه يجب رقابتها عن قرب، ربما عن طريق لجنة الأوراق المالية والبورصة. ولكن لم يحدد المسؤولون الكمية التي سيتعين على الصناديق الكشف عنها بشأن استثماراتها وعمليات التداول. وقد تحدث المسؤولون، شريطة عدم ذكر أسمائهم، عن أن الخطة التنظيمية ما زالت قيد الصياغة، ولأنهم لا يريدون أن يستبقوا أوباما أو وزير الخزانة تيموثي غيتنر، الذي سوف يتحدث عن الخطة أمام الكونغرس في يوم الثلاثاء. وثمة ملمح هام في الخطة، التي أعلنت الإدارة عنها، حيث يتم إعطاء الحكومة سلطة أكبر للاستحواذ أو حل المشاكل داخل الشركات المتعثرة الكبرى التي لا تقوم واشنطن على تنظيم شؤونها، مثل شركات التأمين وصناديق التحوط. وعلى سبيل المثال، سوف تسهل الخطة على الحكومة إلغاء المكافآت، مثل تلك التي تم توزيعها على المسؤولين التنفيذيين في شركة «أميركان إنترناشونال غروب»، التي تسببت في حالة من الغضب السياسي. وحسب المقترح، فسوف يكون لوزارة الخزانة سلطة مصادرة وإغلاق المؤسسات المالية المتعثرة، بعد التشاور مع الرئيس، وبناء على توصية من ثلثي أعضاء مجلس الاحتياط الفيدرالي. وقبل أن يصبح غيتنر وزيرا للخزانة، كان يسعى لأن يكون هناك دور أكبر للحكومة في حل المشاكل داخل المؤسسات المالية التي لا تخضع لإشراف مراقبي المصارف. وفي الوقت الحالي، فإن لدى الحكومة سلطة الاستحواذ على الوحدات المصرفية التي تسيطر على ودائع مؤمن عليها فيدراليا للمؤسسات المتعثرة الكبرى، وليس الشركة الأم، ويعد ذلك قيدا يمكن أن يتسبب في مشاكل إذا استمر التراجع في الكيانات المالية الكبرى، مثل «سيتي غروب»، و«بنك أوف أميركا». وبالكشف عن الخطة، يريد أوباما أن يبعث إشارة إلى أوروبا تفيد بأنه ينوي التعامل مع عملية المخاطر وغيرها من الممارسات التي تتم داخل الصناعة المالية، وأدت إلى التباطؤ الاقتصادي العالمي. وقالت فرنسا وألمانيا، على وجه الخصوص، إن رد الفعل الأفضل لا يكون عن طريق المزيد من الإنفاق الحكومي، ولكن عن طريق رقابة أشد. ودعت إدارة أوباما الدول الأوروبية إلى بذل المزيد لتنشيط اقتصاداتها عن طريق عمليات تحفيز مالية. ويأمل أوباما في حال إبداء التزام جاد للرقابة الأشد أن يتمكن من أن يقنع الدول الأخرى بسهولة بزيادة الإنفاق الحكومي، وتنشيط الطلب من قبل المستهلكين والشركات، وهو الأمر الذي يمكن أن يساعد على دفع الاقتصاد العالمي خارج مرحلة التراجع الخطير في الوقت الحالي. ولكن، ليس من المتوقع أن تهدأ الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية، خاصة الرقابة الأشد على صناديق التحوط، من بعض الدول الأوروبية. وبالإضافة إلى ذلك، يوجد لدى قطاع صناديق التحوط نفوذ كبير على الكونغرس، كما أنه أظهر أنه يمكن هزيمة المقترحات التي يجدها القطاع صعبة. وفي الوقت الذي وافق عدد متنامٍ من مستشاري صناديق التحوط طوعا على التسجيل لدى لجنة الأوراق المالية والبورصة، فمن المتوقع أن يعارض الكثير من الصناديق الأكثر شهرة جهودا تحتم عليهم تقديم ما يرونها معلومات ملكية عن حيازاتهم وعمليات التداول التي يقومون بها، حتى لو كان ذلك شريطة الإبقاء عليها سرية. ومنذ بدء تولي إدارة أوباما مهامها، كان هناك تباين بين مسؤولين وقيادات أوروبية بشأن الحد الذي يجب أن يفرض على الرواتب. وشجع غيتنر الإدارة على عدم فرض قيود شاملة على تعويضات كافة الموظفين في الشركات المتعثرة التي تحصل على مساعدات فيدرالية، وعلى عدم فرض المزيد من القيود على الرواتب في المؤسسات جيدة الأداء، التي تسعى الحكومة إلى حثها على الحصول على أموال حكومية، حتى يتسنى لها القيام بالمزيد من عمليات الإقراض. وخلال الأسبوع الماضي، دعا بن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، المنظمين إلى المزيد من الرقابة على رواتب التنفيذيين في المصارف، لتجنب «ممارسات تعويضات يمكن أن تؤدي إلى حالة من عدم التباين بين المكافآت والمخاطر التي تسببت فيها أية مؤسسة أو المديرون الذين يعملون بها». وسيتعين الحصول على موافقة من الكونغرس على الكثير من الأجزاء داخل الخطة، في الوقت الذي توجد فيه خلافات داخله على الطريقة المثلى لإصلاح الرقابة على القطاع المالي. ويقول بارني فرانك، النائب الديمقراطي عن ولاية ماساتشوسيتس، الذي يترأس لجنة الخدمات المالية، إنه يعتقد أن إعطاء الحكومة سلطة الاستحواذ على الشركات المتعثرة يمكن أن يوافق عليه مجلس النواب بسرعة نسبية، خاصة بعد حالة الغضب التي تسببت فيها المكافآت التي وزعتها «أميركان إنترناشونال غروب». وأضاف فرانك في مقابلة أجريت معه في أعقاب اجتماع مع غيتنر بشأن الخطة «يعطي ذلك الحكومة نفس السلطات التي تكون لها، إذا ما كانت الشركة في حالة إفلاس». إلا أن فرانك، ومشرعين آخرين، ذكروا أن عناصر أخرى في الخطة يمكن أن تحتاج إلى المزيد من الوقت، مثل توسيع سلطة الاحتياطي الفيدرالي ليكون مراقبا عاما.

* خدمة «نيويورك تايمز»