الأمير نايف: دولنا تواجه محاولة اختراق سياجها الأمني بالفكر الضال

مجلس وزراء الداخلية العرب بدأ أعماله في بيروت بمشاركة 18 وزيرا

وزير الداخلية السعودي متوجها برفقة نظيره اللبناني إلى قاعة مؤتمر وزراء الداخلية العرب الذى افتتح أعماله أمس في بيروت (رويترز)
TT

افتتح مجلس وزراء الداخلية العرب في دورته الـ26 أعماله في بيروت أمس، برعاية الرئيس اللبناني ميشال سليمان، وبحضور 18 وزير داخلية من أصل 22، يتقدمهم الرئيس الفخري للمجلس وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز. وشرع المجلس في مناقشة جدول أعماله الحافل بالمواضيع الأمنية، بدءا من مكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات وتبييض الأموال، وصولا إلى الإرهاب الذي يهدد أمن الدول واستقرارها.

وأوضح الأمير نايف بن عبد العزيز في كلمة له خلال المؤتمر أكد فيها حرصه على «نجاح هذا اللقاء العربي ليكون بمستوى التطلع والأهداف». وقال: «يشهد العالم العربي مؤخرا حركة مصالحة وتنقية للأجواء وتعزيز لأسس التضامن العربي بين الدول العربية لمواجهة التحديات والتطورات الراهنة المحيطة بنا. وهي تحديات لا شك سوف تؤثر سلبا على أمن دولنا وشعوبنا إذا لم تواجه بتوحد عربي يحول دون خطرها ومخاطرها على الإنسان والأرض، ويصان به الأمن والاستقرار، وتتخطى به الأمة العربية مزالق التفكك والضعف. وندرك جميعا أن عالمنا العربي يواجه، بكل أسف، تحديات أمنية مختلفة في دلالاتها ومتعددة في مصادرها. وفي مثل هذا المناخ يأتي اجتماعنا هذا لمواجهة التحديات ومواكبة التطورات وتعزيز الخطوات نحو المزيد من الأمن والأمان. كل ذلك سيتحقق، بإذن الله، حين نعمل معا في جهد أمني مشترك يقوم على كفاءة الردع وفاعلية الارتداع».

وأضاف: «لا شك في أن هذه خطوات مهمة ومباركة، إن شاء الله، من قادة دولنا العربية نحو المصالحة وتعزيز التضامن والعمل العربي. وكانت بفضل الله إحدى ثمرات المبادرة الشجاعة والمخلصة التي أطلقها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في قمة الكويت العربية، انطلاقا من سعيه الدءوب، وحرصه وحرص ولي عهده الأمين، حفظهما الله، على جمع شمل العرب وإرساء أسس التضامن العربي، وجهودهما المتواصلة لإعادة اللحمة بين أبناء الأمة العربية الواحدة لمواجهة المصير المشترك الواحد، ما يبشر بمستقبل أكثر تفاؤلا وأمنا واستقرارا، بإذن الله».

وتابع الأمير نايف: «تعلمون جميعا أن من أشد المخاطر التي تواجه أمتنا العربية هو محاولة زعزعة ما تعيشه دولنا وشعوبنا من استقرار اجتماعي فريد وتطور تنموي شامل، وذلك من خلال بث الشكوك في ذهن المواطن العربي حول مقومات وجوده والحكم في بلاده وأنظمته السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتبعة، ومحاولة اختراق السياج الأمني لدولنا بالفكر الضال والفعل الإجرامي. ولذلك، وبفضل الله ثم جهودكم، عمل مجلس وزراء الداخلية العرب عبر مسيرته الطويلة في اتجاه تعزيز التعاون الأمني بين دولنا، في مواجهة ما يهدد أمنها ومصالحها وسلامة مجتمعاتها. وتبنى في سبيل تحقيق ذلك العديد من الاتفاقيات والاستراتيجيات الأمنية المشتركة التي يمكن أن تسهم في التصدي للأخطار المحيطة بالأمن الاجتماعي العربي، انطلاقا من مبادئنا الدينية والأخلاقية والإنسانية السامية التي تحارب الجريمة وتحافظ على حياة الإنسان وكرامته وحقوقه. ولن تكتمل هذه المهمات والأهداف السامية النبيلة ما لم يستشعر المواطن العربي، أينما كان، أنه رجل الأمن الأول وأنه هو وأجهزة الأمن يعملون لهدف واحد هو تحقيق أمن المواطن والوطن. وفي السياق ذاته تكون مسؤوليات الوسائل الإعلامية والدور التعليمية نحو بناء فكر أمني للمجتمع العربي، تحقيقا للأمن والأمان، ومنعا من الانزلاق في دروب الهدم والشر والإجرام».

واختتم كلمته قائلا: «إن جدول اجتماعكم قد اشتمل على ثلاثة وعشرين بندا عما أنجز في دورات سابقة وكيفية إنجازه وعوائق ما لم ينجز من جهود واستراتيجيات وسياسات واتفاقيات وخطط أمنية مشتركة، تقود نتائجها وتقارير متابعة أدائها، إن شاء الله، إلى تحديد ملامح العمل الأمني العربي المشترك في المراحل القادمة وعلى النحو الذي يسهم، بإذن الله تعالى وتوفيقه، في تعزيز مقومات أمننا العربي، ويصونها من الأخطار المحيطة بها. وكلنا أمل في أن يوفقنا المولى عز وجل إلى تحقيق ما يحب ويرضى، ويحقق توجيهات قادة دولنا، حفظهم الله، في ما أسند إلينا من مهمات، وتطلعات شعوبنا العربية تجاه المحافظة على ما تحقق من استقرار وازدهار في مختلف المجالات».

بعد ذلك، ألقى وزير الداخلية اللبناني زياد بارود، كلمة الرئيس ميشال سليمان، التي ضمنها تحياته إلى الوزراء العرب، مؤكدا «أن احتضان لبنان لهذا المؤتمر هو جزء من خيارات اتخذت بيروت منها مسارا لتكون نقطة التقاء ومساحة حوار وإطار توافق وعربون وفاء». وقال: «تستضيف بيروت وزراء داخلية يبحثون ما يأتيهم من تهديدات وهموم مشتركة. وها نحن اليوم نجد في هذه المؤسسة إطارا واجب الوجود من أجل العالم العربي. نجتمع اليوم على عناوين في المعالجة والمواجهة والوقاية والارتقاء، تندرج تحت عنوان التعاون. يعتقد البعض أن وزارة الداخلية هي وزارة أمنية فقط، لكنها أيضا وزارة التواصل الدائم مع الناس ووزارة حقوق الإنسان والوزارة الملجأ. وزارة الداخلية ينبغي أن تكون وزارة الموازنة بين الأمن والحقوق، وتنجح بقدر ما تستوي هذه المعادلة».

وخاطب بارود المؤتمرين قائلا: «لا يخفى عليكم أن استتباب الأمن يرتبط بعناصر ثلاثة: هيبة الدولة، وثقة الناس بمؤسساتهم وتعاونهم، وقدرة الأجهزة الأمنية على مواجهة الجريمة. ولعل ما تعاني منه بعض أقطارنا مرده إلى فقدان بعض هذه العناصر. ومهمتنا تقتضي ملء النواقص. فعلى مستوى مكافحة الإرهاب، لا بد من تعزيز الاتفاقات العملية، فالإرهاب يضرب بعد المدنيين القوى المسلحة. أما على مستوى الجريمة المنظمة فالحاجة ملحة لإنشاء مكتب عربي متخصص نرجو النظر في استحداثه، ولبنان على استعداد لاستضافة المقر». وإذ لفت إلى «تنامي الجريمة المعلوماتية»، قال: «لا بد من التأكيد على ضرورة مواكبتنا لدخولنا إلى زمن مكافحة الجريمة محصنين. ولا ننسى كذلك سلامة الناس البديهية المرتبطة بيومياتهم».

وقد شهدت الجلسة الأولى للمؤتمر تدشين «نظام الاتصالات» المعلوماتي الجديد بين أجهزة الأمانة العامة، الذي يفترض أن يربط في وقت لاحق بين هذه الأجهزة والأجهزة المعنية في الدول الأعضاء في المجلس.

وترافق انعقاد الاجتماع مع تدابير أمنية واسعة في العاصمة اللبنانية، التي شهدت انتشارا كثيفا لعناصر من قوى الأمن الداخلي والجيش مع آلياتهم، على أن يختتم المجلس أعماله اليوم.