السعودية: تقرير حقوقي يدعو إلى تعزيز الحريات وإيجاد مجالات جديدة لعمل المرأة وتحديث أنظمة الهيئات الرقابية

اقترح إنشاء هيئة رقابية عليا لمتابعة مشروعات الدولة.. ومراجعة نظام التقاعد

TT

دعت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية إلى تعزيز الحريات وتحسين مستويات المعيشة، وأهمية تحديث أنظمة الهيئات الرقابية.

وخلص ثاني تقرير تصدره الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان (أهلية)، منذ بداية نشاطها في مارس (آذار) 2004، إلى 31 توصية، ودعت الجهات الحكومية ذات العلاقة بالتجاوزات التي تم رصدها للأخذ بها.

ووازن التقرير الذي كان يفترض صدوره نهاية العام الماضي بين سلبيات الأجهزة الحكومية، والتقدم الإيجابي المحرز على صعيد تعزيز حقوق الإنسان في السعودية، وتناول حال تلك الحقوق من زوايا تشريعة ومؤسساتية وإجرائية.

ووصف أحد أعضاء جمعية حقوق الإنسان في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس، التقرير الذي أصدرته الجمعية بأنه جاء «شفافا وصريحا، وتناول الإيجابيات والسلبيات»، مؤكدا شمولية التقرير الذي قام بالتطرق للموضوعات المستجدة على الساحة مثل: الفساد، والأوضاع المعيشية.

وجاء في التقرير دعوات صريحة لناحية تعزيز الحريات والمحافظة عليها. وطالب بإعادة النظر في النصوص الواردة في نظام المطبوعات ونظام المعلوماتية ومشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي قد يساء استخدامها لمنع الأفراد من ممارسة حقهم الطبيعي في التعبير والمشاركة بالرأي في قضايا الشأن العام.

ونادت جمعية حقوق الإنسان الوطنية، بدعم حرية التعبير في ظل أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة السائدة. ورأت ضرورة عدم اعتقال من يتهم بتجاوز حرية التعبير مباشرة، مطالبة بإحالته إلى القضاء وتمكينه من محاكمة عادلة بما فيها حقه في الاستعانة بمحام.

ورأت الجمعية، أهمية تعديل لائحة هيئة الصحافيين السعودية، على نحو يضمن استقلالها وتمكينها من القيام بدورها في دعم الصحافيين والدفاع عن حقوقهم، بما يعزز حرية الصحافة في البلاد.

وتدعم الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان «الاستمرار في مشروع الإصلاح السياسي بما يضمن توسيع المشاركة الشعبية ويدعم الاستقرار الاجتماعي»، فيما طالبت بتوسيع صلاحيات مجلس الشورى لتشمل المراقبة، وبخاصة مراقبة الميزانية وحق مساءلة الوزراء والنظر في إمكانية انتخاب عدد من أعضائه بدلا من تعيينهم.

ويرى التقرير الثاني لأحوال حقوق الإنسان، أهمية العمل على استقلال جهاز هيئة التحقيق والادعاء العام وربطه مباشرة برئيس مجلس الوزراء، ووضع مدونة للأحوال الشخصية بما يضمن حق المرأة والطفل ويتوافق مع الرأي الراجح في الفقه الإسلامي.

وأكد التقرير على أهمية الاستعجال في تنفيذ ما لم ينفذ من مشروع تطوير القضاء وعلى وجه الخصوص بالنسبة للقضاء العام.

وانتقدت الجميعة بطء سير إنشاء المحاكم بمختلف أنواعها التي نص عليها نظام القضاء الجديد وتأهيل قضاتها ونشرها في المناطق والمحافظات، وقالت إن هذا الموضوع يحتاج إلى جهود مضاعفة من قبل المجلس الأعلى للقضاء لوضعها موضع التنفيذ، داعية إلى مزيد من الضمانات اللازمة لاستقلال القضاء وتطويره كماً وكيفاً.

وكثف التقرير من حدة انتقاداته لنظام المرور، وما جاء فيه من اشتراط عدم وجود سابقة قضائية على المتقدم للحصول على رخصة قيادة في جرائم الاعتداء على النفس أو العرض أو المال، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره.

وترى «حقوق الإنسان الوطنية» أن هذه العقوبة التبعية للشخص المرتكب لجرائم معينة، ليس فيها تقييد للمعني فقط، بل يتعدى الأمر لمن يعولهم والضرر المحتمل من جراء هذا الإجراء، مطالبة بإعادة النظر في هذا النص لا سيما في ظل الافتقار لوسائل النقل العام المناسبة.

ودعا التقرير إلى «خلق مجالات جديدة لعمل المرأة والعمل على توفير أمكنة مناسبة للنساء اللاتي يمارسن التجارة في ممرات بعض الأسواق حاليا»، فيما أكد على أهمية «إعادة النظر في أحكام الكفالة وإصلاح العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد».

وذهبت واحدة من التوصيات الـ31 إلى ضرورة «إعادة النظر في نظام معاشات التقاعد ونظام التأمينات الاجتماعية بما يتلاءم والظروف التي طرأت خلال السنوات الأخيرة وكان لها آثار سلبية على المستفيدين من هذه الأنظمة أو السماح للفئات الأقل دخلا منهم بالاستفادة من مخصصات الضمان الاجتماعي ودعم الجمعيات الخيرية». وأكدت أخرى على ضمان الحق في العمل من خلال توفير فرص وظيفية للعاطلين بمعاشات تضمن حياة كريمة لهم.

وتحدث التقرير الحقوقي عن آليات مكافحة الفساد التي أقرتها السعودية مؤخرا، ونادى بالمبادرة بتمكين هيئة مكافحة الفساد من مباشرة أعمالها ودعمها بالموارد البشرية والمالية التي تمكنها من القيام باختصاصاتها.

واقترحت الجمعية «إنشاء هيئة رقابية عليا تتولى الإشراف على المشاريع التنموية الكبرى لضمان تنفيذها وفق معايير وضوابط دقيقة والتأكد من انتهائها وفق المواعيد المحددة واقتراح ما يلزم بشأن أي صعوبات تواجه تنفيذها».

وأكدت على أهمية تحديث أنظمة الهيئات الرقابية وفي مقدمتها ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق ودعمها بالموارد البشرية والفنية التي تمكنها من القيام بدورها في حماية المال العام والوظيفة العامة من الاستغلال.

ودعت «حقوق الإنسان» إلى «إيجاد آلية واضحة للتعامل مع السجناء الأمنيين من حيث مدة الاعتقال ومكانه وتواصلهم مع أسرهم وفرز من لديهم أفكار منحرفة عن غيرهم لئلا يكون السجن وسيلة لانتشار تلك الأفكار، وتمكين هيئة التحقيق والادعاء العام من مباشرة قضاياهم والتفتيش على سجون المباحث».

ورأت أنه من الضروري تفعيل بدائل عقوبة السجن والعمل على إيجاد قائمة بهذه البدائل يزود بها القضاة من أجل الاستفادة منها، كما دعت للاستعجال في إنشاء وتوسيع الإصلاحيات بما يضمن الحد من اكتظاظ السجون بالسجناء، وزيادة العناية بتقديم الخدمات الصحية للسجناء وتحسين البيئة داخل السجون.

وأكدت على ضرورة العمل على «وضع خطة لإيجاد مقار مملوكة للدولة لأغلب الأجهزة الأمنية والإدارية التابعة لوزارة الداخلية وهيئة التحقيق والادعاء العام لضمان قيام تلك الأجهزة بالوفاء بمتطلبات المحافظة على حقوق الإنسان من حيث المكان عند توقيف الأشخاص أو التحقيق معهم أو مراجعتهم».

وطالب تقرير الجمعية بـ«الحد من إجراءات المنع من السفر وقصرها على الحالات التي يصدر فيها حكم قضائي أو تكون مقررة بموجب نص نظامي».

وشدد على أهمية «العمل على تحسين الرعاية الصحية في مختلف مناطق المملكة بما يعكس الإنفاق الكبير الذي تخصصه الدولة لهذا القطاع».

ونادى بـ«تفعيل استراتيجية الحد من العنف الأسري والإسراع في إنشاء دور إيواء في مختلف مناطق البلاد ودعم الحماية الاجتماعية وتقوية صلاحياتها أو إنشاء هيئة مستقلة للحماية الاجتماعية».