مسؤول في الاتحاد الأفريقي: دعوة القذافي الأفارقة لتعديل الدساتير لإبقاء الرؤساء فترات أطول في السلطة.. اجتهاد شخصي

قال إنها ينبغي التعامل معها على أنها مجرد مجاملات لرؤساء أفارقة ومجرد اجتهاد شخصي

TT

قال مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأفريقي لـ«الشرق الأوسط» إن تبنى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي مؤخرا الدعوة إلى تعديل الدساتير الأفريقية للسماح لرؤساء دول الاتحاد الأفريقي بالبقاء فترات أطول في السلطة، يعبر فقط عن وجهات نظر وقناعات القذافي، ولا يمثل وجهة النظر الرسمية للدول الأعضاء في الاتحاد.

وأكد المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، في اتصال هاتفي من مقر الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أن رؤى القذافي في هذا الإطار لا تمثل الموقف الصحيح للاتحاد الأفريقي أو دوله الأعضاء، مشيرا إلى أنه على العكس من ذلك فإن الاتحاد الأفريقي يرفض الاعتراف بأي انقلابات عسكرية جديدة في القارة الأفريقية ويفرض عقوبات على القائمين بها، كما حدث مؤخرا في موريتانيا. وانتخبت القمة الأخيرة لدول الاتحاد الأفريقي القذافي رئيسا للاتحاد خلفا للرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي لمدة عام خلال جلسة مغلقة.

وصدم القذافي، مجددا الشعوب الأفريقية بدعوته إلى تعديل الدساتير الأفريقية لكي تتيح لرؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي البقاء في السلطة دون التقيد بفترات رئاسية محددة.

وقال القذافي خلال حفل العشاء الذي أقامه على شرفه الرئيس النيجري محمد طانجا قبل أيام بالعاصمة النيجرية نيامي: «أنا إلى جانب تعديل الدساتير الأفريقية مع أني أجد معارضة من المعارضة في هذا، أنا إلى جانب حرية إرادة الشعب، وليس إلى جانب الحبر على ورق». وأضاف القذافي أنه حتى في الدول الغربية التي صدّرت لنا الحزبية والتعددية والانتخابات النيابية، هي نفسها لم تحدد ولاية، مشيرا إلى أن منصب الرئيس الأميركي أو من يشبهه، مجرد مناصب فخرية، لأن هناك مؤسسات رأسمالية هي التي تُسيّر المجتمع.

ولفت إلى أن الحكومة في العالم الثالث مهمة جدا، لكن في الغرب الحكومة ليست مهمة، تتغير الحكومة كم مرة لكن المؤسسات سائرة بدون حكومة. وتعليقا على هذه التصريحات المثيرة للجدل، رأى المسؤول الأفريقي لـ«الشرق الأوسط» أن «تعديل الدستور في أي دولة هو أمر مرهون بإرادة شعبها ووفقا لما تقتضيه مصالحها الوطنية»، معتبرا أن تصريحات القذافي ينبغي التعامل معها على أنها مجرد مجاملات للرؤساء الأفارقة المحسوبين عليه ومجرد اجتهاد شخصي.

ولفت إلى أن القذافي يمثل حالة خاصة واستثنائية، فلا هو رئيس دولة رسمي يمكن محاسبته على تصريحاته، ولا هو كما يزعم يحتل أي منصب حقيقي داخل الدولة الليبية، على الرغم من أن العالم كله يعتبره بمثابة المسؤول الأول والوحيد عن ليبيا. وقال: «عندما يتحدث القذافي فإنه يقدم في الغالب طروحات ثقافية وتنظيرية أكثر منها مواقف سياسية عملية وقابلة للتطبيق»، مشيرا إلى أنه لو وافقت معظم الشعوب الأفريقية على تطبيق مقترحات القذافي لعمت الفوضى وانتهى مآل القارة الأفريقية إلى أن تتحول إلى غابة من الأنظمة الديكتاتورية.

وكانت الجبهة الموحدة للحفاظ على المكتسبات الديمقراطية في النيجر، وهي منظمة غير حكومية، قد انتقدت تصريحات القذافي، حيث أكد رئيسها مارو أمادو في تصريحات محلية، «يجب ألا نروج في النيجر وسواها أفكارا غير شرعية وجائرة، بذريعة أن مطلقها هو رئيس الاتحاد الأفريقي». وأشار وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن «نصوص الاتحاد الأفريقي لا تكرس التوتاليتارية والملكية»، وطلب من القذافي أن يتحلى «بحس احترام سيادة الدول، والعمل من أجل السلام وبسط الديمقراطية في القارة».

وهناك دولتان فقط من بين أعضاء الاتحاد الأفريقي وهما إثيوبيا وموريتانيا صادقتا على الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم، في حين أن 26 دولة أخرى لم توقع ولم تصادق على هذه الوثيقة.

ولا تزال 25 من الدول الموقعة تماطل للمصادقة على هذا الميثاق الذي تم تبنيه في يناير(كانون الثاني) عام 2007. ويكتسي هذا الميثاق أهمية بالغة، نظرا لأن المشاكل المرتبطة بالديمقراطية والانتخابات والحكم بصفة عامة، ولا سيما الانقلابات العسكرية والتغييرات غير الدستورية في قيادات الدول وانتهاكات حقوق وحريات المواطنين والإدارة غير الديمقراطية للانتخابات ولنتائجها، فضلا عن الإدارة غير الشفافة للممتلكات العامة، تمثل تربة خصبة للانقلابات العسكرية والنزاعات في القارة.

ويواجه الاتحاد الأفريقي صعوبات جمة في المسائل المتعلقة بالانقلابات العسكرية والنزاعات الداخلية، طالما لم يقرر المسؤولون الأفارقة الانخراط في الآليات القانونية التي تبنوها بأنفسهم. ويتضمن هذا الميثاق البيانات والقرارات التي تبناها رؤساء الدول والحكومات والمتعلقة «بترسيخ ثقافة الديمقراطية والانتخابات والحكم الرشيد على المستويين الوطني والقاري». وقامت مفوضية الاتحاد الأفريقي، بالتشاور والتعاون مع خبراء الدول الأعضاء والخبراء الخارجيين، بإعداد الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم. وقال مسؤول بالاتحاد الأفريقي إن اعتماد هذا الميثاق يدل على عزم الاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء فيه على تعزيز الحكم الرشيد عن طريق إضفاء الصبغة المؤسسية على الشفافية والمساءلة الإلزامية والديمقراطية التشاركية.