عودة رئيس المحكمة العليا في باكستان إلى منصبه تضع حدا لحملة احتجاج شلت البلاد

جيلاني وشريف يدعوان إلى المصالحة في أول لقاء بينهما منذ بدء حركة الاحتجاج

أنصار القاضي تشودري يحتفلون رافعين بالونات ملونة ولافتة تحمل صورته خارج منزله في إسلام آباد (رويترز)
TT

استعاد افتخار تشودري كبير قضاة المحكمة العليا في باكستان منصبه أمس بعد أسبوع من إعلان الحكومة أنها ستعيده إلى العمل لتضع بذلك نهاية لاحتجاج ضخم نظمه محامون وأحزاب معارضة. وعاد القاضي افتخار تشودري إلى مهامه فيما احتشد مئات من أنصاره أمام منزله للاحتفال بهذه العودة بعد 16 شهرا على إقالته المفاجئة من قبل النظام العسكري الباكستاني عام 2007.

وأنعش قرار الحكومة إعادة تشودري، الشخصية المستقلة في النظام القضائي، الآمال في انتهاء الأزمة التي تزعزع الاستقرار والتي أدت في بعض المراحل إلى شل حركة البلاد بشكل شبه تام. ورفع علم باكستان على المنزل بينما كان يعزف النشيد الوطني الباكستاني، وسط تصفيق أنصار تشودري الذين تجمعوا أمام المنزل ومن بينهم محامون وممثلون عن المجتمع المدني ومدافعون عن حقوق الإنسان وناشطون في أحزاب سياسية، كما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. ويرمز العلم إلى انتصار تشودري بعد معركة سياسية طويلة وصعبة ساعدت على إنهاء حكم الرئيس السابق برويز مشرف.

وقال اعتزاز إحسان، زعيم حركة المحامين، الذين قاموا بحملة لإعادة تنصيب تشودري، «إن هذه الخطوة تبشر بنهاية النضال النشط للمحامين والشعب الباكستاني». وقالت المحكمة العليا إن تشودري أعيد إلى منصبه ابتداء من منتصف السبت/ الأحد. وأخضعت قوات الشرطة الزوار لعملية تفتيش وحظرت دخول العربات إلى محيط كيلومتر من منزل تشودري الذي بدأ العمل فورا في بحث القضايا المرفوعة أمام المحكمة التي تواجه تأخرا كبيرا في معالجتها.

وتهدف هذه الخطوة إلى إنهاء موجة جديدة من الاضطرابات بعد مواجهة استمرت ثلاثة أشهر بين زعيم المعارضة نواز شريف، الذي طالب بإعادة تنصيب تشودري، والرئيس آصف علي زرداري الذي لا يحظى بشعبية عالية.

وجاء إعلان جيلاني على التلفزيون بعد فشل حملة لمنع نشطاء المعارضة والمحامين من البدء بالتوجه إلى العاصمة إسلام آباد في «مسيرة طويلة» كان من المقرر أن تجري في كافة أنحاء البلاد.

وفور تنصيبه رئيسا للقضاة في 30 يونيو 2005، منع تشودري اتفاقا لتخصيص مسابك الفولاذ كان سيعود على الحكومة بملايين الدولارات. وتولى تشودري مسؤولية النظر في قضايا عدد من المفقودين الذين قيل إن قوات الأمن الباكستانية تحتجزهم أو انه تم تسليمهم للولايات المتحدة بتهم الإرهاب. كما انه شكك في أحقية مشاركة مشرف في الانتخابات الرئاسية، وهو الموقف الذي كلفه منصبه.

لكن وفيما يقول الخبراء إن إعادته إلى منصبه تعد خطوة مهمة، يحذرون من انه يواجه تحديات هائلة لإنهاء الفساد وتطبيق إصلاحات في الحكومة.

ومن المقرر أن يجري جيلاني أول محادثات مباشرة له مع شريف منذ أن أمرت المحكمة العليا في 25 فبراير بحظر زعيم المعارضة نواز شريف وشقيقه شهباز من دخول الانتخابات، مما أثار الأزمة الأخيرة.

وتقدمت الحكومة بعدة طلبات استئناف لإلغاء الحكم، وينظر إلى الاجتماع بين جيلاني وشريف، الذي يجري في مسكن شريف، على أنه خطوة أخرى نحو المصالحة.

ويعلق ملايين الباكستانيين آمالا كبيرة على عودة القاضي افتخار تشودري إلى منصبه. ويحظى تشودري المعروف بنزاهته، بدعم كبير في بلد لم يعرف يوما قضاء مستقلا ويأمل في إصلاح النظام القضائي الفاسد.

وقال رشيد رازفي، المحامي الذي قاد الحركة الاحتجاجية «إن المهمة كبيرة وفي حال لم تنجز فإن الناس سيفقدون الأمل في القضاء».

وبحسب إحصاءات رسمية فإن 2.1 مليون ملف معلق في 35 ألف محكمة في كافة أنحاء البلاد و17 ألفا في المحكمة العليا، أعلى هيئة قضائية في باكستان.

وقال ناصر إسلام زاهد، القاضي السابق في المحكمة العليا، «هناك تأخير كبير في المحاكم. سيكون هذا الأمر أصعب مهمة بالنسبة إلى القاضي تشودري».

والتأخر في إصدار الأحكام أو في الإجراءات القضائية ساهم في ارتفاع عدد المسجونين إلى حد كبير. وبحسب اللجنة البرلمانية لحقوق الإنسان هناك 100 ألف معتقل في سجون البلاد الثمانين القادرة على استيعاب 35 ألفا.

إلى ذلك، دعا رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني وزعيم المعارضة نواز شريف أمس، إلى المصالحة لوضع حد للأزمة السياسية في باكستان. وجاء ذلك في أول اجتماع يعقده الرجلان منذ إصدار المحكمة العليا قرارا بحظر شريف وشقيقه شهباز من الترشح إلى الانتخابات، مما أثار مواجهة دفعت الدولة النووية إلى حافة الفوضى.

وقال جيلاني «لقد أتيت للقاء السيد نواز شريف وفي يدي غصن زيتون من الحكومة، ورسالة من الرئيس آصف علي زرداري بأن الوضع يتطلب مزيدا من المصالحة لأن باكستان تواجه تحديات كبرى». وتوجه جيلاني إلى مسكن شريف في مدينة رايويند في ولاية البنجاب حيث قال في مؤتمر صحافي مشترك مع شريف «نريد المصالحة. وقد كانت استجابة نواز شريف إيجابية، وأنا أوجه له الشكر».

من ناحيته، أشاد شريف بالحكومة لموافقتها على إعادة شودري إلى منصبه، ورحب برسالة حسن النوايا التي بعث بها خصمه زرداري، وقال إنها «فأل حسن».