انتخابات إقليم كردستان: جدل حول المفوضية.. وسط ترجيحات بالتأجيل

أحزاب كردية لم تقرر مشاركتها بعد.. وقانون الانتخابات لم يصادق عليه

TT

بالرغم من اقتراب موعد الانتخابات النيابية في إقليم كردستان العراق، والمقررة قانونا في التاسع عشر من مايو (أيار) القادم، فإن الآراء والتصريحات والمواقف السياسية، تأتي متضاربة حول إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد تحت إشراف المفوضية العليا للانتخابات في العراق باعتبارها الجهة الشرعية الوحيدة المخولة بذلك. فيما يبدو المشهد السياسي غامضا بخصوص طبيعة التحالفات بين الأحزاب والقوى الكردستانية والجهات والشخصيات التي ستخوض المعركة الانتخابية.

وباستثناء الحزبين الرئيسيين، الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس جلال طالباني، والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، اللذين حسما أمرهما بقرارهما خوض الانتخابات بقائمة موحدة، تماشيا مع الاتفاقية الاستراتيجية المبرمة بينهما، فإن بقية القوى السياسية الكردية الدينية منها والعلمانية، لم تحدد موقفها الرسمي بعد إزاء كيفية مشاركتها في العملية الانتخابية القادمة. ويقول شيركو ميرويس، عضو اللجنة المركزية لحزب كادحي كردستان، الذي يتزعمه السياسي المعروف قادر عزيز، إن «الحزب لم يحسم أمره بعد بخصوص طبيعة مشاركته في الانتخابات، بسبب إرجاء المصادقة على قانون الانتخابات في البرلمان الكردستاني في ضوء ملاحظات رئيس الإقليم مسعود بارزاني على بعض مضامينه، وأن الحزب لن يقرر طبيعة خوضه للانتخابات القادمة قبل إقرار ذلك القانون». وأضاف ميرويس لـ«الشرق الأوسط» أن حزبه يتدارس جملة احتمالات واردة منها، خوض الانتخابات بقائمة مستقلة على غرار تجربته الانتخابية في عام 2005 مقرونا بضم شخصيات اجتماعية معروفة ومستقلة إلى قائمته، أو احتمال خوضها بقائمة موحدة مع بعض القوى اليسارية، وتابع قائلا «قد نلجأ أيضا إلى خوض الانتخابات جنبا إلى جنب مع الأحزاب الثلاثة الأخرى المتحالفة معنا وهي الحزب الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية التي يجمعنا معها مشروع الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الإقليم والمقترح من قبل قيادات الأحزاب الأربعة، وإلى أن يصدر قانون الانتخابات فإن كل تلك الاحتمالات تبقى واردة بالنسبة إلينا ويبقى موقفنا الرسمي والنهائي بخصوص طبيعة مشاركتنا في الانتخابات منوطا بذلك». ومن جانبه أكد النائب آريز عبد الله، مسؤول العلاقات الخارجية ورئيس اللجنة الثقافية في البرلمان الكردستاني، إصرار البرلمان على إجراء الانتخابات النيابية القادمة في الموعد المحدد لها بالضبط، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر قد يحتمل تأجيلا لغاية الرابع من يونيو (حزيران) القادم فقط، وهي مدة قصيرة ومسموح بها قانونا، ولكن إذا تجاوز ذلك السقف الزمني، فإن الأمر يتطلب صياغة مسوغ قانوني ودستوري مقنع لأي تأجيل للانتخابات».

وتابع عبد الله يقول إن «الدورة القانونية للبرلمان الحالي ستنتهي قانونيا في الرابع من يونيو القادم، وإلى الآن لم تطالب أي جهة أو حزب بإرجاء الانتخابات عن موعدها المقرر، كما أنه ليست هناك أي عقبات سياسية أمام إجرائها في ذلك الموعد، والكرة الآن هي في ملعب المفوضية العليا للانتخابات لتقول كلمتها».

وبخصوص قانون الانتخابات الذي يواجه اعتراضات من قبل رئاسة الإقليم، قال النائب عبد الله إن «القانون صدر بالفعل وصادق عليه البرلمان الكردستاني، وبإمكان المفوضية الاستناد إليه في عملها، لا سيما وأنها كانت قد أبلغت رسميا منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الفائت، بالعمل على إجراء الترتيبات اللازمة لضمان إتمام الانتخابات في موعدها، وكل ما في الأمر هو أن رئيس الإقليم مسعود بارزاني كان لديه بعض الملاحظات بخصوص طبيعة خوض الانتخابات ونظام القوائم والكيانات المشاركة والجهة المشرفة على عملية الانتخابات وهي ملاحظات ينبغي أخذها بعين الاعتبار، إذ أن السيد بارزاني يرى أنه من المفترض أن تشرف على الانتخابات مفوضية كردستانية عليا عوضا عن فرع كردستان التابع للمفوضية العليا في العراق والتي هي الجهة الوحيدة المشرفة على مجمل الانتخابات في البلاد حتى الآن، ولكن تشكيل المفوضية العليا للانتخابات في إقليم كردستان يتطلب تشريع قانون خاص به، كما أنها ستحتاج بعد التشكيل إلى وقت ليس بقصير كي تنظم أمورها وتقوم بالترتيبات اللازمة لعملية الانتخابات، وفي اعتقادي أنه لا ضير ولا مشكلة في أن يتولى فرع المفوضية في الإقليم الإشراف على العملية الانتخابية»، مؤكدا أن قانون الانتخابات أقر نظام القوائم بالنسبة للقوى والجهات التي ستشارك في الانتخابات.

وعلى الصعيد ذاته، يعتقد سردار عبد الكريم، عضو مجلس المفوضية العليا للانتخابات، أن إصدار قانون الانتخابات قد يؤجل إلى ما بعد عطلة عيد نوروز التي ستنتهي في 26 من مارس (آذار) الحالي، وبناء على ذلك، فإن موعد إجراء الانتخابات سيؤجل حتما إلى نهاية شهر يونيو (حزيران) القادم، لا سيما وأن إقرار الموازنة المالية المطلوبة لتمويل عملية الانتخابات ينبغي أن يصادق عليها رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي.

وفيما يتعلق بإرجاء فتح مراكز تسجيل أسماء الناخبين في الإقليم والذي كان مقررا في 15 مارس (آذار) 2009 حتى إشعار آخر، قال عبد الكريم إن «الأمر يحتاج إلى تأهيل الكوادر واتخاذ الاستعدادات اللازمة لتأمين تلك المراكز وهي أمور تحتاج إلى تمويل مادي والذي بدونه تصبح العملية عسيرة»، مؤكدا أن عدم صدور قانون الانتخابات وإقرار الموازنة المالية اللازمة للعملية من قبل مجلس الوزراء العراقي، يحول دون تحديد موعد ثابت لإجراء الانتخابات ويقول «سنحتاج إلى ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القانون المذكور لاستكمال متطلبات العملية الانتخابية».