دبي تحول اهتمامها إلى متسوقين من الدول العربية والهند

ارتفاع حركة المسافرين 6% رغم الأزمة المالية

TT

ما زالت مراكز التسوق التي تحتفي بالفراعنة وتضم ساحات تزلج وأحواض أسماك تسبح فيها أسماك القرش تجتذب الزائرين في دبي، غير أن مبيعات التجزئة تبدو ضعيفة مع تحول محبي سلع الرفاهية إلى البحث عن منتجات بأسعار مغرية.

ويزدحم أكثر من 40 مركز تسوق في عاصمة الاستهلاك في منطقة الخليج بكل شيء من الواردات الصينية رخيصة الثمن إلى سلع من إنتاج بيوت أزياء شهيرة، وتتميز هذه المراكز بالفخامة من أجل جذب السائحين، وهم الأغلبية العظمى من العملاء.

ويقول نيل تونبريدج رئيس خدمات التجزئة في مؤسسة «جي. آر. إم. سي» للخدمات الاستشارية ومقرها دبي: «سيكون هذا العام اختبارا لتجار التجزئة في المنطقة». وتابع: «سيحاولون تجاوز هذا العام دون مساس بأنظمة عملهم».

ويقول السائح الألماني تيلو أهرند الذي توقف في دبي في طريق عودته من جزر المالديف: «ينبغي أن أنتظر حتى أعرف مدى تأثير الأزمة المالية عليّ».

وأضاف من مركز الإمارات للتسوق حيث يوجد أكبر منحدر تزلج على الجليد مغطى في العالم: «ولكن أعتقد إذا كان حضوري إلى دبي للتسوق فقط فسوف أمتنع عن المجيء وأبقى في بلادي».

وأوضحت وكالة «رويترز» للأنباء أن المحللين أشاروا إلى أن أشهر الصيف، حين يقل عدد السائحين الغربيين للإمارة تفاديا لحرارة الجو الخانقة وينتهي العام الدراسي لأطفال موظفين أجانب فقدوا وظائفهم، سيكون الأمر صعبا بصفة خاصة.

وتفتقر دبي إلى إيرادات النفط التي تمتلكها جارتها أبوظبي، المساهم الرئيسي في الميزانية الاتحادية للإمارات.

وقال محيي الدين بن هندي رئيس مجموعة شركات التجزئة «مشاريع بن هندي» التي توزع علامات تجارية فاخرة مثل «بريوني» و«كالفن كلاين»، إن مبيعات فبراير (شباط) من السلع الفاخرة انخفضت بين 25 و30 في المائة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.

وأضاف بن هندي الذي يعتمد نحو ستين في المائة من أنشطته على السائحين خصوصا مَن يأتون من روسيا والدول المجاورة: «لا يزال هناك من يشترون، ولكن يتوخون الحذر عند الإنفاق. بدأوا ينفقون بتعقل دون إسراف». وتعمل مجموعة شركاته في الهند ومنطقة الخليج، وقد خفضت توقعات النمو لهذا العام بشكل كبير.

وقال: «كان معدل النمو المتوقع لعام 2009 بين 35 و40 في المائة، وهى نسبة مرتفعة جدا. التوقعات الآن عادية بين خمسة وعشرة في المائة». واجتذب تحول دبي من منطقة صحراوية راكدة إلى محطة تجارية إقليمية شركات تجزئة من جميع أنحاء العالم من بينها «إندتكس» الإسبانية صاحبة سلسلة متاجر «زارا» للأزياء و«هارفي نيكولاس» للسلع الفاخرة البريطانية، ومصمم الأزياء الإيطالي فيندي.

وحفز ذلك ازدهار القطاع العقاري في الإمارة التي شهدت زيادة مذهلة لمساحة العقارات التجارية. وفي عام 2008 زادت المساحة المتاحة للتأجير في مراكز التسوق بنسبة 28 في المائة إلى 21,4 مليون قدم مربع وفق دراسة أجرتها شركة «جونز لانغ لاسال» للخدمات العقارية.

وتوقعت الشركة في الدراسة التي نُشرت في فبراير (شباط) أن ترتفع المساحة المتاحة للإيجار إلى 30 مليون قدم مربع بنهاية هذا العام. وبعد أعوام من التوسُّع العشوائي توقفت خطط التوسع في المراكز القائمة أو بناء مراكز جديدة. وفي مارس (آذار) أعلنت شركة «نخيل» المملوكة للدولة التي طورت جزرا صناعية على شكل نخيل في دبي، أنها سترجئ خطط توسع لإقامة مراكز تجارية بتكلفة تصل إلى ثلاثة مليارات دولار.

ودفع ذلك أكبر سلسلة متاجر في أستراليا «ماير ليمتد» إلى تأجيل خطط التوسع في الإمارة. وكان يُنتظر أن تفتتح منافذها الجديدة في مراكز تسوق جديدة تشيدها شركة «نخيل»، وقاد التباطؤ الاقتصادي العالمي إلى تغيير في الاستراتيجية.

ويقول منظمو مهرجان التسوق السنوي في الإمارة الذي أقيم لأول مرة في عام 1996 ويجتذب سائحين من جميع أنحاء العالم بفضل موسم تخفيضات يستمر شهرا، إنهم خفضوا ميزانية المهرجان وحولوا الاهتمام لاجتذاب زائرين من الدول العربية المجاورة والهند بدلا من الدول الأوروبية التي تعاني من الكساد. وتفيد بيانات رسمية من مطار دبي الدولي استمرار ارتفاع حركة المسافرين بزيادة ستة في المائة في يناير (كانون الثاني) إلى 3,3 مليون مسافر، غير أن مؤشرات أخرى تشير إلى تراجع السياحة.

وتظهر أحدث بيانات أولية من دائرة السياحة في دبي أن معدل شغل الفنادق انخفض 14 في المائة في الربع الثالث من عام 2008 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وهو أحدث الأرقام المتاحة.

ويوجه تراجع السياحة ضربة قوية، إذ يقول فريد عبد الرحمن من مجموعة «ماجد الفطيم» التي تمتلك بعض أكبر مراكز التسوق في الإمارة وأكثرها رواجا، إن ما يزيد عن ربع زوار مراكز تسوقها من السائحين.

وتابع: «رأينا شيئا من التغير في الأشهر الثلاثة الماضية. لم تعد سوق السياحة كما كانت من قبل». ويشير تونبريدج من شركة الخدمات الاستشارية إلى أن الافتقار إلى بيانات يُعتمد عليها يجعل من الصعب التوصل إلى قياس كمّي لتأثير التباطؤ، ولكنه ذكر أن شركات التجزئة في دبي تميل إلى شراء مخزون كبير، الأمر الذي سيضعها في موقف صعب حين يقل عدد السائحين في فصل الصيف الحار. وقال: «ستتسم شركات التجزئة هنا بعدم الكفاءة بصفة عامة. يُثقِل عددا كبيرا منها وجود مخزون ضخم. سيكون هناك بعض الخصومات الكبيرة جدا ولفترة طويلة من منتصف يوليو (تموز)/أغسطس (آب)».

وحتى الآن لا يزال ثمة زوار يجدون أن دبي يمكن أن تجعل التسوق تجربة جميلة. وتقول السائحة الاسكتلندية كارول سكوت خلال زيارة لمركز الإمارات للتسوق: «نتسوق هنا لأن مراكز التسوق بديعة جدا. لا أتسوق بهذا الأسلوب عادة».