مستشار الرئيس التركي: أوباما حمل رسائل واضحة على المنطقة أن تعيها

قال لـ«الشرق الأوسط» إن استئناف المفاوضات بين سورية وإسرائيل يعتمد على عزمهما السياسي

TT

حمل الرئيس الأميركي باراك أوباما رسائل عدة في زيارته إلى تركيا، بعضها تخص الشرق الأوسط وأخرى تشمل العالم الإسلامي بشكل أوسع. وشدد أرشد هرمزلي، مستشار الرئيس التركي عبد الله غل، على أهمية استماع المنطقة إلى هذه الرسائل ومقابلة «يد أوباما الممدودة»، موضحا في حوار مع «الشرق الأوسط» أن إرسال هذه الرسائل من تركيا له دلالات مهمة. وقال هرمزلي: «زيارة أوباما كانت لديها رسائل، رسائل واضحة، العملية كانت مبرمجة، وكان الرئيس أوباما يعني إيصال رسالة واضحة، وأن تكون رسالة واضحة، وأن تكون منطلقة من تركيا». وشرح أهمية اختيار تركيا كأول دولة مسلمة يزورها أوباما في جولته الخارجية الأولى، قائلا: «تركيا بموقعها الاستراتيجي وقربها من المنطقة وكونها متساوية من جميع المحاور الموجودة في المنطقة، كانت مؤهلة لتكون نقطة الانطلاق في التعبير عن هذه الرسائل». وأوضح أنه كان في خطاب أوباما، أمام البرلمان التركي وفي لقاءاته مع الرئيس غل ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، «تركيز يجب أن نعيه في المنطقة، وهو أن السياسة الأميركية الجديدة تختلف عن سابقتها. اليد الممدودة يجب أن تقابل بخطوات معينة من قبل دول المنطقة، سواء كانت من سورية أو إيران أو تركيا أو دول الخليج أو أخرى». وأضاف: «المحصلة النهائية هي إرساء دعائم الأمن والاستقرار، هذا الموضوع يهمنا جدا، ويهم تركيا بالدرجة الأولى، فهي من أولويات تركيا القصوى»، موضحا: «إذا كانت المبادرات تخدم هذا الاتجاه، فالمرحلة المقبلة ستشهد انفراجا في العلاقات على مختلف الأصعدة». وفي ما يخص تركيا تحديدا، قال هرمزلي: «كانت رسائل الرئيس أوباما واضحة جدا، وهي أن تركيا حليف قوي واستراتيجي، ودعوته في تأييد انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي كانت رسالة واضحة بأن أميركا تقف إلى جانب تركيا في الخندق الحضاري المتمثل في إنجازات تركيا ودورها المتمكن في إرساء السلام في المنطقة والأمن». وأضاف: «تركيا في سياساتها خلال السنوات الأخيرة لتصفير جميع المشكلات مع دول الجوار والمنطقة، أدت إلى خلق بؤرة جديدة، وبعدما كانت تركيا جزيرة محاطة بالأعداء، أصبحت جزيرة محاطة بالسلام والأصدقاء في دول الجوار والقوقاز والشرق الأوسط وأوروبا». واعتبر هرمزلي أن واشنطن وعت هذا الوضع «وشجعت على هذا النهج»، مضيفا أن خطاب أوباما في مجلس الشعب التركي كان منصبا على هذا الاتجاه «إذا كان في ما يخص المعايير الإنسانية في المنطقة أو في ما يخص العلاقات مع دول المنطقة». وفي ما يخص علاقات الولايات المتحدة مع دول المنطقة ودور تركي محتمل في تطويرها، قال هرمزلي: «السياسية الأميركية الجديدة تنبني على مسألة الحوار أولا وعدم تغليب العواطف في العلاقات، وكان الرئيس الأميركي واضحا في تأييده للمساعي التركية في المسار السوري الإسرائيلي مثلا، وبغض النظر عن التطورات على الساحة الدولية، أكد تأييده لحل الدولتين في موضوع فلسطين». وأضاف: «كان حازما وباتّا في قضية أفغانستان، وأن أفغانستان يجب ألا تكون بؤرة للإرهاب الدولي، وأن المجتمع الدولي بشكل عام يجب أن يتعاون في هذا الموضوع». وكان أوباما قد أثار خلال زيارته إلى تركيا أهمية مكافحة الإرهاب، وهو موضوع ذو أهمية بالنسبة لأنقرة التي تشدد على أن حزب العمال الكردستاني «بي كي كي» منظمة إرهابية تستهدف مصالحها. وقال هرمزلي: «الرئيس أوباما أجاب على كثير من التساؤلات التي كانت تطرح على موضوع ازدواجية بعض الأطراف في النظر إلى الحركات الإرهابية. في بقعة من العالم يكون الإرهابي إلى جانبي جيد، والإرهابي الذي يهاجمني هو سيئ، الإدارة الأميركية قالت بوضوح إن الإرهابي هو إرهابي». وأضاف: «الإدارة الأميركية تؤيد، ومن دون تحفظ، جهود تركيا للقضاء على الإرهاب، وتقول إن الإرهاب الدولي تجب معالجته بتعاون دولي». يذكر أن تركيا لعبت دورا أساسيا في الوساطة بين سورية وإسرائيل من أجل التوصل إلى مبادئ عملية سلام بين الطرفين. ولكن بعد حرب غزة وتولي بنيامين نتنياهو رئاسة الوزراء وتعيين افيغدور ليبرمان وزيرا للخارجية، يبدو هذا المسار بعيدا الآن. وقال هرمزلي: «هناك حكومة جديدة في إسرائيل، وعليها أن تضع أولوياتها إذا كانت ترغب بالسلام في المنطقة أو ترغب في تصعيد الأمور». وأضاف: «لقد ذكرنا سابقا، وفي مرات عديدة، أن الوساطة تقتضي طلب الطرفين، فإذا كان الطرف الإسرائيلي راغبا في سلام شامل ونهائي في المنطقة، وإذا كانت سورية تتقبل مثل هذه الفكرة وتطلب من تركيا أن تلعب دورا في المفاوضات سواء مباشرة أو غير مباشرة فعلى الرحب والسعة». ولكنه شدد على أنه «يجب أن تكون الرغبة من الطرفين، ويجب أن تتوفر الإرادة السياسية والعزم من الطرفين». ولفت إلى أنه «عندما بدأت المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية غير المباشرة كانت هناك حكومة اسرائيلية أخرى، وتركيا باعتبارها قد أبدت استعدادها للتوسط أكثر من مرة، ولكن الظروف لم تكن متوفرة، وعندما توفرت طالبت تركيا بجدية المفاوضات، ولم تدخل مسار المفاوضات إلا بعد أن أخذت ضمانات من الطرفين بأنهما جادان في هذا الموضوع». واعتبر أن الجدية مطلوبة في حال استؤنفت المفاوضات وإلا تبدأ من نقطة الصفر، قائلا: «إذا بدأوا من المربع الأول وبشروط مسبقة، فلا حاجة للتوسط». من جهة أخرى، كانت التطورات في أفغانستان جزءا مهما من نقاشات أوباما في تركيا، خاصة أنه أتى إلى تركيا بعد قمة الناتو التي أصدرت بيانا خاصا حول أفغانستان أشادت فيه بـ«مسار أنقرة». وكانت تركيا قد بادرت ودعت كلا من الرئيس الأفغاني ونظيره الباكستاني لبحث علاقات البلدين وتخطي المشكلات القائمة بينهما. وأكد هرمزلي أن «أفغانستان وباكستان أكدتا رغبتهما في التعاون الدولي للقضاء على الإرهاب وللاندماج في المجموعة الدولية بشكل صحيح». وأضاف «تركيا ممثلة بالقوة في أفغانستان، وبالنسبة لقيادة القوات التي تكفلتها تركيا سابقا، وهي الإسهام في كل ما يترتب عليه لتحقيق السلام في هذه البؤرة المحتقنة في العالم»، موضحا: «اللقاء الثلاثي مبادرة أيدتها المجموعة الدولية».