الرئيس الشيشاني يعترف بخصومته مع القائد الميداني بعد مقتله.. وكان يريده حيا لينتقم منه

شرطة دبي تؤكد أن لديها أدلة تدين اغتيال ياماداييف في دبي وترفض تهجم قادروف عليها

TT

بعد صمت لم يدم طويلا، اعترف الرئيس الشيشاني رمضان قادروف بخصومته مع سليم ياماداييف القائد الميداني الشيشاني الذي اغتيل الأسبوع الماضي في دبي. وقال قادروف إنه كان يريده حيا لمحاسبته على تورطه في اغتيال والده الراحل الحاج أحمد قادروف في التاسع من مايو (أيار) 2004، وعلى تكرار محاولاته التي كانت تستهدف تصفيته شخصيا إلى جانب اتهامه بتسميم بئر المياه الخاصة بمسكنه في قرية تسينتروي والبحيرة المحيطة بقصر الرئاسة في غوديرميس. وقال إنه كان يريد إثبات ما ارتكبه من جرائم «ثم الانتقام منه وفق تقاليد الشعب الشيشاني»، مما قد ينضوي تحت مفهوم «الثأر». وردا على الاتهامات التي وجهها ضاحي خلفان تميم رئيس شرطة دبي إلى آدم ديليمخانوف النائب السابق لرئيس الحكومة الشيشانية وعضو مجلس الدوما، بالتورط في تدبير اغتيال ياماداييف، أنحى قادروف باللائمة على سلطات دبي التي قال إنها سمحت لقاتل المسلمين في الشيشان بالعيش على أراضيها ودخول أفضل مناطقها وأكثرها هدوءا، ووصف اتهاماتها بالكذب والافتراء، وإن أشار أيضا إلى عتابه للسلطات الروسية التي سمحت بخروجه. ورد القائد العام لشرطة دبي ضاحي خلفان تميم على هجوم الرئيس الشيشاني على سلطات الإمارة، مؤكدا أن النتائج التي توصلت لها قوات الأمن لم تكن اعتباطية «كما أن لديها الحجج الدامغة التي تدين جميع المتورطين في هذه الجريمة، وإلا لما كانت أعلنت عن تفاصيل القضية، وأدرجت شخصية بعينها في قوائم المطلوبين لها».

واقترح ضاحي خلفان إشراك فريق دولي من المحققين المختصين ليطلعوا على ما لدى شرطة دبي، مؤكداً أن على الرئيس الشيشاني في المقابل تقديم الأدلة التي تنفي من وجهة نظره ضلوع الذين تم إدراجهم في قوائم المطلوبين في مقتل سليم ياماداييف بدبي. وصرح القائد العام لشرطة دبي أن قضية ياماداييف ليست الأولى في تاريخ شرطة دبي، كما أن لديها باعا طويلا وتجربة عميقة في مجال البحث والتحري.

وكانت سلطات دبي قد اعتقلت مهدي لورني الإيراني الجنسية، والذي اتضح لاحقا أنه يعمل سائسا للخيول لدى قادروف، وهو ما أشارت إليه شبكة «نيوزرو» الإلكترونية تحت عنوان «كل خيوط المتهمين تفضي إلى قادروف»، بعد اتهام ديليمخانوف الذي قال قادروف إنه يعتبره صديقه وشقيقه وساعده الأيمن. وكانت السلطات الشيشانية كشفت عن وجود ديليمخانوف في سورية في مهمة تتعلق بتفقد أحوال الدارسين الشيشان هناك، والتأكد من عدم تضمن المناهج التعليمية لأي معلومات تتسم بالتطرف. وتشير مثل هذه التصريحات، وبغض النظر عن مدى تطابقها مع الواقع والحقيقة، إلى الكثير من الارتباك وعدم منطقية السرد. فإذا كان ياماداييف متهما باغتيال الرئيس الراحل قادروف في عام 2004 على ضوء تأكيد رمضان قادروف أنه على يقين من ذلك بنسبة 70 في المائة، فلماذا طال صمته لما يقرب من الخمسة أعوام في نفس الوقت الذي كان يراه فيه يحظى بثقة السلطات الروسية التي منحته رتبة عقيد في القوات المسلحة الروسية، وأنعمت عليه بلقب «بطل روسيا الاتحادية» أعلى أوسمة الوطن لما قام به من جهود جبارة ضد المقاتلين الشيشانيين، وأوكلت إليه قيادة كتيبة «الشرق» الشيشانية التي ساهمت بقسط بالغ الأهمية في الحرب القوقازية الأخيرة ضد جورجيا في أغسطس (آب) الماضي؟

وكانت السلطات الفيدرالية رفضت مرارا الاستجابة لطلب الرئيس قادروف حول إخضاع تبعية هذه الكتيبة إلى السلطات الشيشانية لتظل تابعة لرئاسة أركان القوات الفيدرالية في الشيشان. ويتساءل الكثيرون لماذا لم يكشف عن كل هذه الأسباب والاتهامات طوال تلك السنين التي شهدت تواصل مسلسل تصفية الأشقاء ياماداييف، وآخرهم في قلب موسكو على مبعدة أمتار من مقر الحكومة الروسية، ثم إضرام النار في مساكن العائلة في غوديرميس مما اضطرها إلى مغادرة الوطن إلى دبي منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي؟ ولماذا لم يلجأ رمضان قادروف إلى الرئيس السابق فلاديمير بوتين طلبا لمعونته، وقد كان ولا يزال يملك القول الفصل في حسم مثل هذه الأمور، وهو أي قادروف الذي قال في حديثه الذي نشرته «روسيسكايا غازيتا» الصحيفة الرسمية «إنه يدين له بحياته وإنه الشخص الذي أنقذ الشيشان التي لم تكن لتستمر لولا وجود بوتين»، على حد قوله الذي بدا أشبه بالاستغاثة وليس بالاعتراف بالجميل. أما عن ديليمخانوف ومهمته في سورية، فإن ما يقال يدفع إلى الكثير من التساؤلات حول طبيعة المهمة الحقيقية وعلاقة عضو البرلمان بتفقد أحوال الدارسين. كما يصعب قبول ما قيل حول أنه كان يقوم أيضا بمراجعة المناهج التعليمية للتأكد من خلوها من المواد التي تتسم بالتطرف. هل يعقل المرء قدرة عضو البرلمان غير المتخصص في اللغة العربية والبعيد عن القطاع التعليمي على مراجعة المناهج التعليمية خلال مهمة تستغرق بضعة أيام وهو الذي كان مكلفا من قبل الحكومة بالإشراف على قطاعات الأمن والمخابرات والداخلية؟

وفي تصريحات خص بها «الشرق الأوسط»، قال عبد الواحد نيازوف رئيس المركز الثقافي الإسلامي، إن سلطات دبي تبدو مقصرة في الكشف عن الجناة الحقيقيين، وإن مسلمي روسيا يسجلون مثل هذا القصور، مؤكدا أن ممثلي العديد من الأوساط الإسلامية يعقدون اليوم في موسكو مؤتمرا صحافيا من أجل تأكيد عبثية مثل هذه الاتهامات، وإثبات عدم منطقية ارتكاب ديليمخانوف لمثل هذه الجريمة.