إيطاليا: ارتفاع عدد ضحايا الزلزال إلى 207 قتلى.. وأصداؤه تصل روما

امرأة في الـ 98 من العمر انتظرت إنقاذها 30 ساعة.. وهي تغزل الصوف

TT

ارتفع عدد ضحايا الزلزال الذي ضرب إيطاليا أول أمس، إلى 207 قتلى، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني أمس خلال مؤتمر صحافي في لاكويلا. وقال برلسكوني «إن 15 ما زالوا في عداد المفقودين، وإن هناك أكثر من ألف جريح، بينهم مائة إصاباتهم خطيرة». وأضاف أنه تم انتشال 150 شخصا أحياء من تحت الأنقاض. وقال «هناك 190 قتيلا تم التعرف على هوياتهم، و17 لم يتم التعرف على هوياتهم بعد»، موضحا أن سبعة آلاف مسعف يشاركون في عمليات الإغاثة، إضافة إلى متطوعين». وأشار إلى أن البحث عن ناجين محتملين سيستمر 48 ساعة. وبخصوص الجرحى، قال رئيس الحكومة الإيطالية إن «الحصيلة أكثر بقليل من ألف شخص، بينهم 500 أدخلوا المستشفيات، ومنهم 100 في حالات خطرة». وأضاف برلسكوني، الذي بدا عليه التعب، أن «عمليات الإنقاذ تجري في شكل مُرْضٍ تماما». وأعلن أنه قد تم مساء أمس نصب 20 خيمة كبرى مجهزة، و16 مطبخا ميدانيا يمكنها استيعاب ما يصل إلى 14500 شخص. وأضاف «أشكر الدول الأجنبية على تضامنها، لكننا نطلب منها ألا ترسل مساعدة إلى هنا. نحن قادرون على تأمين حاجاتنا. نحن شعب لديه اعتزاز، ويملك الإمكانات. نحن نشكرهم.. لكننا قادرون على مواجهة الأمر وحدنا».

وأعلن برلوسكوني أيضا أن 1500 تقني سيبدأون، اعتبارا من اليوم، في مسح الأضرار في المباني الواقعة في منطقة الزلزال. وقال «المرحلة الأكثر حساسية تبدأ غدا (اليوم)، لأن علينا مسح وتحديد قيمة الأضرار».

وأضاف قائلا «إنها كارثة خطيرة. الآن يتعين علينا أن نعيد البناء. وذلك سيتطلب مبالغ ضخمة من المال»، متعهدا بطلب مساعدة طارئة من صندوق كوارث تابع للاتحاد الأوروبي. وقال برلسكوني، الذي تواجه حكومته صعوبات بالفعل في التغلب على أزمة اقتصادية «إن مجلس الوزراء سيقدم 30 مليون يورو للمساعدة العاجلة، وتعهد ببناء بلدة جديدة في لاكويلا على مدى العامين القادمين. وأمر بإرسال ألف جندي إلى المنطقة». وقال مخاطبا سكان المنطقة المنكوبة من خلال التلفزيون الإيطالي «الليلة لا تعودوا إلى منازلكم، لأن ذلك قد ينطوي على خطورة». وواصل عمال الإنقاذ العمل طوال ليلة أول أمس في عمليات البحث عن ناجين، وأخرجوا أكثر من مائة شخص من تحت الأنقاض، لكن الأمطار ودرجات الحرارة التي تقترب من الصفر أثناء الليل وفي الساعات الأولى من الصباح، تصعِّب عملية البحث عن الناجين في مدينة لاكويلا الجبلية التي ترجع إلى العصور الوسطى، وفي القرى المدمرة المحيطة بها.

وكان الزلزال قد وقع بعد وقت قليل من الساعة الثالثة والنصف صباح يوم الاثنين، بينما كان السكان نياما، وسَوَّى بالأرض منازل وكنائس أثرية وأبنية أخرى في 26 مدينة وقرية. واستمرت توابع الزلزال في المنطقة الواقعة على بعد حوالي 100 كيلومتر شرقي روما في جبال أبروزو الوعرة حتى الليل، بينما احتمى الناس بسياراتهم، أو في معسكرات من الخيام. وأعلن مركز تنسيق عمليات الإغاثة أمس أن عدد الأشخاص المشردين بلغ 17 ألفا. وكان ماسيمو شالنتي رئيس بلدية مدينة منطقة ابروزي (وسط) قد قدَّرَ أول أمس عدد المشردين بخمسين ألفا من جراء الزلزال. وكان مصدر حكومي قد أشار إلى أن 70 ألف شخص شردوا بسبب الزلزال. ويقدر عدد سكان مدينة لاكويلا بـ 50 ألفا، ومقاطعة لاكويلا بـ 70 ألفا. وبحسب مركز تنسيق عمليات الإغاثة، فإن شخصا من كل سبعة في مقاطعة لاكويلا فقد منزله.

وأمضى عدد كبير من السكان ليلة ثانية في سياراتهم المتوقفة في مناطق غير مأهولة، لأن أكثر من 280 هزة ارتدادية سجلت خلال الساعات الـ 24 الأولى بعد وقوع الزلزال. ونصب الدفاع المدني خيما وقدَّم أَسِرَّة، لكن «هناك الكثير يجب القيام به» لتأمين الراحة اللازمة، بحسب ما ذكر مركز تنسيق عمليات الإغاثة.

وقالت وسائل الإعلام إنه قد عُثر على ماريا دانتيونو (98 عاما) حية، وأمكن إخراجها من تحت الأنقاض بعد ثلاثين ساعة من وقوع الزلزال. وذكرت قناة «سكاي تي جي 24» أن العجوز كانت في صحة جيدة حين تم إجلاؤها صباحا. ونقلت «وكالة الأنباء الإيطالية (إنسا)» عن دانتيونو إنها «قامت بغزل الصوف» طوال هذا الوقت في انتظار إسعافها. كذلك، تم صباح الثلاثاء إنقاذ امرأة حامل، ونقلت في مروحية إلى أقرب مستشفى، بحسب مشاهد بثتها «سكاي تي جي 24».

وتضررت عدة معالم أثرية بسبب الزلزال، خصوصا كنائس في مدينة لاكويلا عاصمة منطقة ابروزي الواقعة في مركز الزلزال. وشكلت هذه المدينة، التي تأسست في القرن الثالث عشر وتقع على بعد حوالي مائة كلم شمال شرق روما، أحد أهم المجموعات السكنية في القرون الوسطى في إيطاليا. وقالت وزارة التراث الوطني في بيان «إن كاتدرائية القديسة ماريا دي كوليمادجو التي تعود إلى القرن الثالث عشر، وتعد من أجمل كنائس المنطقة، وكنيستي سانتو اغوستينو، وديل سورفادجو من القرن الثامن عشر انهارت جزئيا، وكذلك برج الجرس في كنيسة سان برناردينو التي شيدت في القرن الخامس عشر».

وشعر السكان في وسط إيطاليا والأدرياتيكي، وخصوصا في روما، بالهزة الأرضية القوية. وقال انجيلو بوتيني المسؤول عن الآثار في العاصمة الإيطالية للصحافيين «إن أضرارا لحقت في روما بحمامات كاراكالا التي تعود إلى القرن الثالث الميلادي». وقال بوتيني «إن معالم أثرية أخرى في روما، مثل الكولوكسيوم، لم تتأثر بالزلزال، إذ بقي مفتوحا أمام الجمهور». وفي إيطاليا عادة ما تكون المعالم الأثرية الأكثر عرضة للأضرار نتيجة الزلازل، لأنها لم تشيد لمقاومة الهزات الأرضية.