تقرير للصليب الأحمر يؤكد ضلوع الفرق الطبية في تعذيب معتقلي غوانتانامو

استند إلى إفادات 14 سجينا من بينهم خالد شيخ محمد

TT

خلص التقرير المطول الذي أعدته اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تورط أطباء عسكريين في الانتهاكات التي مورست خلال التحقيقات بحق مشتبه بهم بالإرهاب والذين احتجزتهم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) داخل سجونها في الخارج، وقد كان التعذيب من بين هذه الانتهاكات. ووصف التقرير تلك الأعمال بأنها «انتهاك خطير للأخلاق الطبية».

واستنادا إلى إفادات 14 سجينا ينتمون إلى تنظيم القاعدة، وجرى نقلهم إلى معتقل غوانتانامو في أواخر عام 2006، انتهى محققو الصليب الأحمر إلى أن الأطباء العسكريين العاملين لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كانوا يقومون بمراقبة المعتقلين خلال عملية الإيحاء بالإغراق، لكي يتأكدوا من أنهم لم يغرقوا. وقد كان الأطباء حاضرين أيضا عندما كان يتم حجز المسجونين في صناديق صغيرة وتقييد أيديهم إلى السقف، والاحتفاظ بهم في زنزانات باردة وضربهم في الحوائط. ويقول التقرير إن تسهيل تلك الممارسات تعتبره لجنة الصليب الأحمر انتهاكا للأعراف الطبية حتى وإن كانت نوايا هؤلاء الأطباء هي إنقاذهم من الموت أو حدوث العاهات المستديمة، لكن التقرير وجد أن الأطباء العسكريين اضطلعوا بدور أساسي في مساعدة المحققين وعدم حماية المعتقلين، وأن الأطباء «تغاضوا وشاركوا في المعاملة السيئة التي تلقاها هؤلاء المعتقلون». وتشير روايات المعتقلين إلى أن الأطباء العسكريين كانوا «يعطون التعليمات للمحققين بالاستمرار أو ضبط أو وقف طرق معينة». وكان التقرير قد اكتمل في عام 2007 وحصل عليه مارك دانر الصحافي الذي كتب بصورة موسعة عن التعذيب ونشر مقالا يوم الاثنين على موقع صحيفة نيويورك تايمز رفيو أوف بوكس. وكان الكثير من محتويات التقرير قد تم نشره في شهر مارس (آذار) في مقال دانر، وكتاب جان ماير من دار ذا نيويوركر بعد ذلك في عام 2008 والذي حمل عنوان «الجانب المظلم»، لكن الجزء المتعلق بنتائج تقرير الصليب الأحمر الخاصة بأخلاقيات الطب والقضايا الأخرى هو الجديد في الأمر. وقد أخبر خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول)، المحققين بأنه تعرض لعملية إيحاء بالغرق وأن نبضه ومستوى الأكسجين لديه كان يتم مراقبتهما وأن الضابط الطبيب المقيم أوقف التعذيب عدة مرات. أما وليد بن عطاش، الذي بترت ساقه، فقال إنه أجبر على الوقوف لعدة أيام ويداه معلقتان في السقف فوق رأسه وكان أحد أعضاء الفريق الطبي يقوم بقياس العرق في رجله السليمة وكان يطلب بين الحين والآخر أن يجلسوه.

ولا يشير التقرير إلى أن العاملين في القطاع الصحي في سجون السي آي إيه أطباء أم محترفون أم كلاهما. لكن مصادر أخرى قالت إن أخصائيين نفسيين ساهموا في تصميم وإدارة برامج تعذيب وكالة الاستخبارات المركزية، وأن المساعدين الأطباء والعاملين السابقين في الجيش عملوا بصورة منتظمة في هذه البرامج، وأن الأطباء كانوا يشتركون في مرات عدة.وقال مارك مانسفيلد المتحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية إنه نتيجة لسياسة السرية التي ينتهجها الصليب الأحمر فإنه لن يعلق على الأمر. وقال إن الرئيس أوباما منع المحققين الحكوميين من استخدام الأساليب القهرية الواردة في كتب الميدان للجيش، وأن ليون بانتا المدير الجديد لوكالة الاستخبارات المركزية: «اتخذ عدة خطوات لضمان التزام الوكالة بأوامر الرئيس التنفيذية». غير أن مانسفيلد أضاف أن بانتا «أوضح مرارا بأن الأشخاص الذين ارتكبوا ممارسات بناء على توجيه من وزارة العدل في ذلك الوقت لن يتعرضوا للتحقيق أو العقاب».

وقال التقرير الذي قدم إلى جون ريزو القائم بأعمال المستشار العام لوكالة الاستخبارات المركزية، «إن الظروف التي خضع لها هؤلاء المعتقلون الأربعة عشر ترقى لأن توصف بأنها حرمان استبدادي من الحرية والإخفاء القسري، في مخالفة صريحة للقانون الدولي». وقدم التقرير أيضا تفاصيل بشأن فشل إدارة الرئيس بوش في التعاون لسنوات عدة مع محققي الصليب الأحمر والتحقيقات في برامج الاعتقال الأميركية. كما أشار التقرير إلى أن التحقيقات المستمرة والتقارير الصادرة عن المنظمة منذ عام 2002 لم تلق استجابة من المسؤولين الأميركيين على الرغم من تلقي المنظمة رسالة من الحكومة الأميركية تطلب فيها بعض الاستفسارات.

ويصف غريغ بلوتشي، أستاذ القانون في جامعة جورج تاون والذي تدرب كطبيب نفسي ويعمل كأستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة شيكاغو، نتائج التقرير بأنها «تأكيد مقلق لأسوأ مخاوفنا حول تورط المتخصصين في المجال الصحي في توجيه والاشتراك في المعاملة الوحشية والتعذيب».

وقال الدكتور ستيفن مايلز، الطبيب في مركز بيو إثيكس بجامعة مينيسوتا، أحد المنتقدين لتورط المتخصصين في المجال الطبي في التحقيقات القاسية إن التعذيب الذي ساد العقود الأخيرة كان دائما مقترنا بإخصائيين في الطب، وأن القضاء على مثل هذا السلوك في المستقبل يجب أن يتم من خلال الكشف الكامل عن الدور الطبي في برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

* خدمة نيويورك تايمز