مسؤول أمني عراقي: الثغرات الحدودية أغلقت بفضل التدريب والاتفاقيات مع دول الجوار

التهريب مهنة العاطلين عن العمل.. والقوات الأمنية العراقية تحد من نشاطهم

مجموعة من أفراد حرس الحدود العراقي خلال دورية في بادية السماوة («الشرق الأوسط»)
TT

لطالما كانت الصحراء الممتدة بين العراق والسعودية ودول الجوار الأخرى معبرا للمهربين «القجاقة» كما يسمون في العراق، حيث يعمل في هذه المهنة المتعبة العديد من أبناء المدن المحاذية للبادية كما يتخذها بعض البدو مهنة أساسية إلى جانب رعيهم المواشي. «ابو محمد» من أهالي السماوة هو احد الذين عملوا في تهريب البضائع الممنوعة من العراق الى السعودية وبالعكس ويقول «المسافة بين مركز محافظة السماوة والحدود السعودية أكثر من 350 كم منها 80 كم نقطعها سيرا على الأقدام، وذلك خوفا من رجال حرس الحدود». وأضاف لـ «الشرق الأوسط» ان كل عملية تهريب «تبدأ منذ الساعة 8 مساء بركوب شاحنة (بيك أب) ويصطحبنا دليل يعتمد على النجوم في الوصول إلى حدود السعودية، وفي الساعة الواحدة ليلا نقوم بإكمال رحلتنا مشيا على الأقدام». ويتابع «نخلع أحذيتنا ونرتدي حفايات إسفنجية قبل عملية المشي حتى لا يتعرف حرس الحدود على الجهة التي نقصدها وتستغرق هذه العملية عدة ساعات». ويستطرد قائلا «عند عبورنا الحدود السعودية بسلام يوجد بدوي ينتظرنا مع سيارته لينقلنا داخل المناطق المحاذية للحدود العراقية ونسلمه ما حملنا من الأغراض المهربة ونقضي ساعات النهار في بيته ثم نعود على نفس الطريق في الليل».

ويصف المهرب عمليات التهريب بأنها «مخيفة جدا» ويقول ان «اغلب العمليات تفشل بسبب نصب الكمائن من قبل حرس الحدود للمهربين وإلقاء القبض عليهم أو سلك طرق غير صحيحة في الصحراء القاحلة، وبالتالي يصبح المهربون فريسة سهلة للحيوانات البرية». وأوضح ان «عدد أفراد مجموعات التهريب يتراوح بين 10 ـ 15 شخصا يحمل كل منهم خمسة لترات من الماء وكمية قليلة من الأكل تحسبا للطوارئ». واوضح ان «أعمار المهربين تتراوح بين 15 ـ 35 سنة واللجوء الى هذه المهنة هو نتيجة كثرة البطالة بين أوساط الشباب». وحول أنواع البضائع التي تهرب قال «أبو محمد» الذي التقيناه في أسواق السماوة ان «اغلب البضائع هي المخدرات بأنواعها والأسلحة والمشروبات». وأضاف المهرب إن «الدوريات السعودية يقظة جدا ومن الصعوبة اختراقها». وبالنسبة للجانب السعودي، قال ان «سقوط النظام السابق وفتح الحدود دون رقيب ساعد كثيرا في عمليات التهريب إلى الدول المجاورة، لكن الآن تغير الوضع وأصبح لقوات الأمن العراقية دور كبير في غلق الحدود أمام المهربين».

العقيد مؤيد عجيل محمد مسؤول التدريب البدني في قيادة الحدود العامة اكد لـ«الشرق الأوسط» أن «قوات الحدود العراقية وما تمتلكه اليوم من كوادر وآليات إضافة إلى ذلك، دعم وزارة الداخلية  لإنجاز أعمالنا وأدى الى تسهيل مهماتنا في تأمين الحدود، خاصة من خلال ما نمتلكه من أجهزة تقنية متطورة، سواء في مجال الاتصالات والمخابرة اللاسلكية والعجلات الحديثة، إضافة إلى الأسلحة المتطورة وبرامج التدريب العالية بوجود مدربين أكفاء». وحول مبادئ التفاهم مع القوات الأمنية السعودية في الحفاظ على الحدود بين البلدين قال محمد خلال حضوره  احتفالية تخرج إحدى الدورات التدريبية لرجال الحدود ان «هناك بروتوكولات واتفاقيات تنظم علاقاتنا مع الدول المجاورة، منها التفاهمات مع المملكة العربية السعودية، وعملنا العسكري يتضمن تطبيق هذه البروتوكولات على الأرض، واليوم نجد تطورا ملحوظا وايجابيا في علاقاتنا الأمنية سواء أكان مع السعودية أو مع الأردن أو مع الكويت»، مشيراً إلى ان «الحدود العراقية مع دول الجوار تتميز اليوم بالهدوء النسبي من خلال سد الثغرات الكثيرة السابقة على مستوى المنافذ الحدودية، ونؤكد أن ظاهرة تسلل الإرهابيين قد انحسرت بنسبة كبيرة جدا».

 من جهته، قال مدير العلاقات والإعلام في الفرقة الخامسة حرس الحدود ان «الفرقة ومنذ تأسيسها عملت على غلق جميع المنافذ الحدودية مع دول الجوار أمام المهربين». وأضاف العميد نضام الحميداوي ان «المسؤولين في الفرقة يؤكدون على نصب الكمائن في المناطق التي تعتبر معبرا للمهربين، وقد تم إلقاء القبض على عدد منهم»، مؤكدا ان «الجهات المختصة جهزت أجهزة الحدود بجميع الأجهزة والعجلات الحديثة مما أعطا لرجل الحدود حافزا كبيرا في مطاردة المهربين وإلقاء القبض عليهم».