حركة سلام إسرائيلية تتوقع مواجهة مع واشنطن:أوباما يخدم مصلحة إسرائيل أكثر من نتنياهو

قالت إن زعيم الليكود لا يدرك عمق التحولات في السياسة الدولية

TT

«الرئيس الأميركي براك أوباما، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، يسيران في طريقَي مواجهة. وفي هذه المواجهة، أوباما هو الذي يعبر عن المصالح الحقيقية لإسرائيل». بهذه الكلمات عبّرت حركة «غوش شالوم» (كتلة السلام) الإسرائيلية، أمس، في بيان حول الأنباء المنتشرة بكثافة في الأيام الأخيرة عن استعداد الإدارة الأميركية لمواجهة صدام مع حكومة اليمين الإسرائيلية بقيادة نتنياهو.

وقال الكاتب الصحافي أوري أفنيري، رئيس هذه الحركة، إن نتنياهو لا يدرك بعد عمق التحولات الجارية في السياسة الدولية في أعقاب انتخاب أوباما، ولا يزال يتعاطى بالأدوات القديمة ويحسب أنه سيكون بمقدوره مواصلة المماطلة في مقتضيات عملية السلام والتلاعب مع دول العالم. وهو بهذا يهدد مصالح إسرائيل ويدفعها إلى التدهور نحو توتر أمني إقليمي ونحو الصدام مع كبرى الدول الصديقة لإسرائيل. وانضم أفنيري بذلك إلى العديد من السياسيين والإعلاميين ونشطاء الحركات السياسية الذين يشعرون بأن إدارة الرئيس أوباما وضعت لنفسها أجندة جديدة مختلفة عن أجندة الإدارة السابقة، وأنها تضع قضية تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في رأس اهتماماتها الدولية، وأن عدم تجاوب حكومة نتنياهو مع هذه الطروحات، تهدد بدخول هذه الحكومة في مواجهة مع الحليف الأكبر في واشنطن.

ويشير المراقبون في إسرائيل إلى أن نقاشا مماثلا، بل حادا أكثر، حول الموضوع، يجري في صفوف القيادات اليهودية في الولايات المتحدة. وقد عبّر عنه أحد كبار رجال الدين الأميركيين، الرباي ديفيد سبيرستاين، الذي يقيم في واشنطن ويمثل نحو 900 مجموعة يهودية هناك، فقال إن تصريحات لبرمات لم تكن مريحة لأصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة ولكنه متفائل من نتنياهو «الذي أثبت في دورة حكمه الأولى سنة 1996 أنه يستطيع منع صدام مع الإدارة الأمريكية». وقال سبيرستاين إن أصدقاء إسرائيل الأمريكيين يقدمون لها النصح المخلص: «فأنت حتى عندما ترى إنسانا كبيرا وقورا يرتكب خطأ، تجد أنك لا تكون مخلصا له إذا سكتّ عن الخطأ ولم تنبهه لضرورة تصحيحه».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قد نشرت أمس تعليقا قالت فيه إن تصريحات الرئيس أوباما في تركيا حول التزامه بتفاهمات أنابوليس (التي تتحدث عن ضرورة إنجاز مفاوضات السلام حول التسوية الدائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس مبدأ «دولتان للشعبين»)، كانت بمثابة تحذير شفافي لإسرائيل. ونبهت إلى أن أوباما لم يذكر طوال معركته الانتخابية ولا بعد انتخابه تفاهمات أنابوليس، وذكره لها في أنقرة جاء خصيصا للرد على تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد أفيغدور ليبرمان، التي قال فيها إن أنابوليس لا تلزم الحكومة الحالية.

إلا أن نائب ليبرمان في الخارجية الإسرائيلية، داني أيلون، رفض تقديرات الصحيفة الأميركية وقال في تصريح صحافي أمس، إن «أوباما لم يقل شيئا ملزما حول أنابوليس، ومن يقرأ تصريحه جيدا يلاحظ أنه قال فقط إن إدارته تريد تطبيق (خريطة الطريق) كما ورد في أنابوليس». وأضاف أيلون، الذي شغل في الماضي منصب سفير إسرائيل في واشنطن، إنه خلال أحاديث مع مسؤولين أميركيين في وسط الأسبوع الماضي استمع إلى مواقف مغايرة تدل على أن إدارة الرئيس أوباما ترى بإيجابية تصريحات ليبرمان حول التزام حكومة نتنياهو بمشروع «خريطة الطريق». من جهة ثانية أدلى مندوب الرباعية الدولية طوني بلير أمس بتصريحات في نفس السياق قال فيها إن عملية السلام تبدو اليوم صعبة جدا جدا، في أعقاب انتخاب حكومة اليمين الإسرائيلية. وقال إنه التقى قبل أيام رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، فوجد أنه معنيّ بقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، ولكنه ليس معنيا بإقامتها بالطريقة التقليدية للمفاوضات وأنه يريد بناءها «من تحت إلى فوق»، أي بواسطة ما أسماه نتنياهو «السلام الاقتصادي». وقال بلير إنه يؤيد فكرة تحسين الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية، كما يريد نتنياهو، ويرى في الفكرة عناصر إيجابية، ولكن هذا لا يمكن أن يتحقق دون مفاوضات سلام جدية وعميقة ومباشرة حول شروط التسوية الدائمة. وفي هذا الإطار صرح رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض د. صائب عريقات، لوكالة «رويترز» للأنباء، أن السلطة الفلسطينية لن تباشر في مفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية إلا إذا التزمت بحل الدولتين وفقا لما جاء في تفاهمات مؤتمر أنابوليس وجمدت البناء والنشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها الاستيطان في القدس.