تهديدات جديدة لإسلام أباد وقوات الأمن في حالة تأهب

زعيم أصولي ينسحب من اتفاق السلام بوادي سوات

TT

عززت الشرطة والجيش الباكستانيان الإجراءات الأمنية في نهاية الأسبوع في إسلام أباد، وحذرت عدة سفارات رعاياها من «تهديدات حقيقية» بوقوع هجمات إرهابية جديدة في عاصمة البلاد، حيث قتل أكثر من 1700 شخص في غضون عام ونصف العام، في اعتداءات نفذها الإسلاميون المقربون من تنظيم القاعدة. ويحذر طالبان الباكستانيون، الذين يقفون وراء هذه الموجة غير المسبوقة من الاعتداءات، التي شنها خصوصا انتحاريون، منذ عدة أيام، من أنهم سيردون في العاصمة خصوصا على أي إطلاق صواريخ للقوات الأميركية، التي تستهدف القاعدة باستمرار في معاقلها في المناطق القبلية شمال غرب البلاد على الحدود مع أفغانستان. وطلبت غالبية السفارات الغربية والمنظمات الدولية من رعاياها أو موظفيها تخفيف تحركاتهم إلى أقصى حد، حتى اثنين الفصح على أقل تقدير. في حين أكدت ممثلية الولايات المتحدة أن الخطر يتمثل خصوصا في هجوم «مثل الذي وقع في مومباي» في الهند في نهاية نوفمبر تشرين الثاني. وقد أقفلت الولايات المتحدة أمس، على أي حال، أجهزتها القنصلية «بسبب التهديد الأمني المتزايد» متحدثة عن «تهديدات حقيقية».

وأوضح المتحدث باسم السفارة لو فينتور، لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «ينبغي تفادي المطاعم والفنادق والمراكز التجارية وغيرها من الأماكن العامة». وبحسب الممثليات الدبلوماسية، وكذلك مسؤولين باكستانيين أمنيين كبار، فإن الجيب الدبلوماسي، وهو منطقة شاسعة تقع ضمن «المنطقة الحمراء» للمؤسسات الحكومية، عرضة هو الآخر للتهديد. لكنه مع ذلك يحظى بحماية مشددة يوفرها عدد كبير من الجنود ورجال الشرطة، منذ بداية موجة الاعتداءات في يوليو تموز 2007. وأكد نعمة الله كوندي، الضابط في شرطة إسلام أباد أن «هناك تهديدا مرتفعا». لكن العاصمة تشهد انتشارا واسعا لقوات الأمن يوميا منذ أكثر من عام. وقد أقامت هذه القوات مراكز مراقبة عند مداخلها والشوارع الرئيسية، وفي محيط «المنطقة الحمراء» منذ وقت طويل. وقال كوندي: «لقد عززنا الأمن في الجيب الدبلوماسي ومحيطه وفي منطقة المؤسسات المسماة المنطقة الحمراء»، مضيفا أيضا أن المدارس التي كانت موضع تهديدات محددة، تخضع لمراقبة مشددة. وكانت عدة اعتداءات انتحارية أدمت إسلام أباد والمنطقة المحيطة بها منذ عام ونصف العام، واعتبرت من الأكثر دموية في الموجة الإرهابية. وباكستان الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في «حربها على الإرهاب» منذ نهاية 2001، تشكل هدفا لتنظيم القاعدة، الذي أعلن الجهاد ضدها صيف عام 2007. وتشن الولايات المتحدة منذ عدة أشهر حملة مكثفة من القصف بالصواريخ في المناطق القبلية مستهدفة مقاتلي القاعدة. ويتهم طالبان الباكستانيون إسلام أباد بالسماح بهذه الحملة، بل وحتى المطالبة بها، الأمر الذي تنفيه السلطات الباكستانية.

إلى ذلك أعلن رجل الدين الموالي لحركة طالبان في باكستان، صوفي محمد، انسحابه من اتفاق وقف إطلاق النار بإقليم «وادي سوات»، قائلا: إن الحكومة الباكستانية لم تتخذ خطوات جدية باتجاه تطبيق الشريعة الإسلامية في المنطقة. وحمل رجل الدين، الذي يتمتع بشعبية واسعة في «وادي سوات»، الحكومة الباكستانية مسؤولية تجدد العنف، وإراقة المزيد من الدماء في الإقليم، بعد انسحابه من الاتفاق، الذي توصلت إليه إسلام أباد مع صهره مولانا فضل الله، الذي يقود حركة طالبان في الإقليم.

كما أشار محمد، في تصريحات للصحافيين الخميس، إلى أن الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، لم يقم حتى اللحظة بالمصادقة على «اتفاق السلام»، الذي وقعه الجانبان في فبراير شباط الماضي.

وكانت حركة طالبان الباكستانية قد أعلنت عن «هدنة مؤقتة» لمدة عشرة أيام، في وادي سوات الواقع بشمال غربي باكستان، بعد اندلاع مواجهات دامية بين مسلحي الحركة والقوات الحكومية، ثم قررت تمديد الهدنة بموجب اتفاق مع إسلام أباد. وجاء الإعلان عن تلك «الهدنة المؤقتة»، بعد قليل من إعلان الرئيس الباكستاني أن حكومته تخوض صراعا من أجل البقاء في مواجهة طالبان، مقرا بتساهل حكومته في التصدي للحركة المتشددة، والإخفاق في تقدير التهديدات التي تمثلها.