قصة بنكية

TT

سأسرد عليكم اليوم قصة واقعية حدثت لي الأسبوع الماضي مع فرعين لبنكين مهمين في السعودية. من سوء الطالع فقدت في الأسبوع الماضي شيكين مهمين بالنسبة لي في وقت واحد، وحينما ذهبت لفرع البنك لصرف مستحقاتي بعد ساعتين من استلامي للشيك، اكتشفت أنني فقدته، وهنا تغير الموقف فقلت للموظف: «آسف أنا فقدت الشيك وأرغب أن أبلغ عن فقدانه لتضعوا ما يشير إلا أنني فقدت الشيك وتمنعوا صرفه». قال: لا أستطيع. فالمخول بإيقاف الشيك هو الفرد أو الشركة التي أصدرته. قلت: «ولكنني طرف». فأجاب: «هذا هو النظام».

انصرفت وأبلغت الشركة بأنني فقدت الشيك وقاموا بإجراءاتهم لإشعار البنك بأنني فقدت الشيك، وهذه دامت ثلاثة أيام. فتخيلوا لو أن الشيك قد صرف ورفض إبلاغي عن الشيك من قبل البنك بحكم أنني صاحب الحاجة والأسرع في الإبلاغ عنها، ولكم أن تضعوا نهاية القصة في ظل الإجراءات البيروقراطية.

أما قصتي مع الفرع الآخر، فأنا مصدر الشيك وقد فقدته قبل أن يستلمه مستحقه وهي شركة سياحة وصاحبها ثقة لدي، فذهبت لفرع البنك وأبلغته أنني فقدت الشيك وطلبت منه إيقافه. فقال: «نوقفه إلا عن المصروف لأمره الشيك» فنحن لا نستطيع وقفه بل نصرفه متى حظر. وبحكم أن رصيدي قليل فقد طلبت منه أن يبدأ بإكمال الإجراءات وذهبت للصراف الآلي وسحبت كامل رصيدي. ولا أخفيكم القول بأنني استحسنت الفكرة وودت أن أعثر على شيكي الأول لأنهم سيصدرون لي بدل فاقد، ثم أقوم بصرف الشيك الأصلي بحكم أنني من يستفيد منه. المهم أنني عدت للموظف الذي قدم لي ورقة إيقاف الشيك ووقعت عليها وطلبت منه نسخة فرفض بحجة أن هذا الإجراء داخلي، فقلت لا يمكن أن أوقع على ورقة ولا تعطوني صورة أخرى، من يضمن لي أن يأتي موظف آخر ويرفع إيقاف الشيك سواء بالثقة أو بالتواطؤ مع المستفيد، فالبنك ومؤسسة النقد لا تقبل إلا عقود موقع عليها من الطرفين، فأصر على أن هذا إجراء داخلي.

لم أقتنع فكلمت مدير فرع آخر من نفس البنك وقال لي: «بل يجب أن تعطى صورة من الإجراء» وحاول أن يقنعه بصحة هذا الإجراء ولكنه أصر على الرفض.

ويبدو أن مدير الفرع الآخر تحدث مع الإدارة القانونية للبنك ثم عاد وهاتفني وقال لي الأمر لا يحتاج إلى تفسير كثير فلينظر الموظف لنموذج إيقاف الشيك وسيجد عبارة «الأصل للبنك ونسخة للعميل». لا نختلف أن الشيكات هي أداة وفاء واجبة الدفع وهو ما تنص عليه الأنظمة المالية في دول العالم والسعودية واحدة من هذه الدول، لكن مثل هذا الأداة واجبة الدفع يجب أن يعطل أداؤها لظروف واقعية واستثنائية ومبررة، فمثلا الشيك المصروف من قبلي من الممكن أن يذهب إلى محاسب الشركة التي صرفته لها ويودع دون أن يمر على صاحب المنشأة، وفي هذه الحالة أتضرر، وفي المقابل من الممكن أن أكون غير ذي ثقة وأقوم بصرف الشيك الأول بحكم أنني صاحب الشيك، وادعيت أنني فقدته والشركة أصدرت لي بديلا عنه.

* كاتب اقتصادي [email protected]