العراقي نوري الراوي يخشى ضياع أعماله الفنية ويدعو اليونيسكو لحفظها

15 لوحة كبيرة للفنان فقدت من المتحف الوطني عندما تعرض للتخريب والسرقة

الفنان نوري الراوي يقف إلى جانب مجموعة من أعماله ببيته في بغداد (أ.ف.ب)
TT

طالب الفنان التشكيلي العراقي نوري الراوي اليونسكو والجهات الحكومية بالحفاظ على تراثه الفني وإنجازاته الإبداعية من التلف والضياع، متطلعا إلى إقامة متحف باسمه يضم أعماله وبحوثه وأرشيفه الذي يعد أهم وأكبر أرشيف للفن العراقي منذ بداية الخمسينات وحتى اليوم.

وقال الراوي ، الذي ينتمي إلى جيل ما بعد الرواد، والذي تَخرّج في معهد الفنون الجميلة ببغداد منتصف الخمسينات، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من منزله بحي الكندي ببغداد، أمس: «لقد فاتحت مكاتب اليونسكو في بيروت وعمان ودمشق وبغداد للحفاظ على الأرشيف الذي أحتفظ به منذ أكثر من ما يقرب من ستين عاما، وازدحمت بموجوداته غرف منزلي، وهو أرشيف يهم الثقافة العراقية عموما والحركة التشكيلية خصوصا، حيث يضم آلاف الدراسات والأدلة عن المعارض والملصقات والمقالات المتخصصة وهي تهم أي دارس للفن العراقي، ومصدر مهم للأجيال المقبلة، هذا بالإضافة إلى ما تبقى من أعمالي الفنية».

الراوي الذي ولد وترعرع في بلدة يعود تاريخها إلى العصر الأموي، وكانت تعد من البلدات الجميلة بمناظرها حيث كان تعيش على ضفاف نهر الفرات، وتسقي أراضيها نواعير مشهورة باسم «نواعير راوة»، لكن هذه البلدة اختفت من الخارطة عندما أغرقتها مياه سد راوة، لكنها، راوة، ما تزال تتألق جمالا وألوانا ورمزا في أعمال الرسام الراوي الذي جسد حياة هذه البلدة وهي تطفو في ضباب الفجر،كما اشتهر برسمه للبراق، الفرس الطائر، وعرفت أعماله طريقها إلى في جميع أنحاء العالم وذلك من خلال معارضه التي أقيمت في لندن وباريس وروما وبيروت ودمشق وعمان، إضافة إلى بغداد بالطبع.

يقول الراوي الذي يترأس جمعية الفنانين التشكيليين والتي بلغت 54 سنة من عمرها: «أنا أخشى اليوم أيضا على أعمالي من السرقة، وأتمنى أن يخصص لأرشيفي مكان في المتحف العراقي»، مشيرا إلى أن «وزارة الثقافة العراقية لم تهتم بمثل هذه الأمور وكأنها ليست من اختصاصاتها ولا من اختصاصات العاملين فيها».

وكشف الراوي عن أن «ما حدث في 2003 من نهب للآثار ومقتنيات مركز صدام للفنون كان كارثة حقيقية، بل إن ما حدث للفن يفوق التصور، ولا أعتقد بسهولة نسيانه، بل أتوقع تكراره. وبالتالي، قد تواجه أعمالي التي ما زلت احتفظ بها المصير ذاته».

وكانت 15 لوحة كبيرة للفنان فُقدت من المتحف الوطني للفن «مركز صدام للفنون» سابقا، عندما تعرض للتخريب والسرقة إبان الاجتياح الأميركي عام 2003. وتمكن الراوي من استعادة لوحة واحدة بعد أن دفع ألفي دولار مقابل ذلك، على حد ما ذكره لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويبدي أسفه حيال ما آلت إليه الأمور قائلا: «كنت أتمنى من الجهات الحكومية أن تتبنى إقامة متحف مصغر يضم أعمالي مثل ما هو سائد في بلدان تهتم بالحركة التشكيلية ليكون مرجعا للفنانين الشبان وإرثا للمهتمين بهذا الفن، لكنني لم ألمس موقفا يتماشى مع تطلعاتي فبدأت أخشى مصير ما قدمته». وتابع الفنان الذي يغص منزله البسيط بأعمال فنية وقطع نحتية وصور للذكرى: «تراثنا الفني احترق وتعرض للنهب، وهذا ما يؤرقني كثيرا».

ولد الفنان عام 1925 في مدينة راوة الواقعة على نهر الفرات في محافظة الأنبار (غرب)، وأكمل دراسته الأولية في دار المعلمين في بغداد قبل أن يدرس الرسم في معهد الفنون الجميلة 1959.

والراوي من مؤسسي المتحف الوطني للفن الحديث عام 1962 عندما نجح في إقناع رئيس الوزراء الراحل عبد الكريم قاسم (1958 ـ 1963) بذلك بعد أن تمكن من استمالة الملك الراحل فيصل الثاني (1954 ـ 1958) إلى تخصيص أرض لتشييد جمعية التشكيليين العراقيين.

ويمثل الراوي انعطافة كبيرة في مسيرة الحركة التشكيلية في العراق، ولعب دورا مهما في رسم ملامح مرحلة حديثة، إلى جانب نخبة ضمت جواد سليم وفائق حسن ومحمد غني حكمت وآخرين.