السعودية: توقعات باستمرار وتيرة هبوط التضخم لما دون 3%

تباطؤ نمو أسعار المواد الغذائية وتراجع الطلب المحلي مع انكماش الاقتصاد العالمي

TT

كشفت الإحصاءات الرسمية السعودية أمس عن هبوط جديد في معدل التضخم السنوي، ليصل إلى 6 في المائة في مارس (آذار)، بعد أن كان 9.6 في المائة في فبراير (شباط)، وسط توقعات خبراء ومحللين اقتصاديين بتواصل وتيرة الهبوط بشكل دراماتيكي إلى ما دون 3 في المائة.

وأرجع الخبراء هبوط معدل التضخم السنوي إلى تباطؤ نمو أسعار المواد الغذائية، وتراجع الطلب المحلي، مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، حيث كشفت الإدارة المركزية للإحصاءات في موقعها على الإنترنت عن تراجع حزم مجموعات حساب التضخم بمعدلات جيدة دعم تراجعه.

وأفادت الإحصاءات الرسمية بأن التضخم السنوي في أسعار المواد الغذائية والمشروبات تراجع إلى 8.2 في المائة الشهر السابق، مقابل 6.4 في المائة الشهر الأسبق، بينما استقرت الزيادة السنوية في إيجارات المساكن عند 20 في المائة في مارس (آذار)، في حين سجلت تكلفة المواصلات ارتفاعا طفيفا.

من جانبه، أوضح جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين لدى البنك السعودي البريطاني (ساب) أن التضخم يتراجع سريعا في السعودية، مضيفا أنه من المنتظر أن يستمر التراجع فيما يواصل الاستفادة من الانكماش العالمي، نظرا إلى الضغوط النزولية قد يبلغ متوسط التضخم أقل 5 في المائة خلال العام الحالي 2009.

وحول صعود مؤشرات الإيجارات، أضاف سفاكياناكيس أن الإيجارات لا تتراجع بسرعة كافية، وذلك نتيجة لتباطؤ التوسع في إنشاء المباني السكنية والنقص في المساكن عموما.

وبلغ التضخم في السعودية ذروته عند أكثر من 11 في المائة في يوليو (تموز) من العام المنصرم 2008، متواصلا مع سلسلة ارتفاعات متعاقبة تزامن مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستوى قياسي كذلك عند 147 دولارا للبرميل، قبل أن تهوي منذ ذلك الحين إلى نحو ثلث هذا المستوى مع تأثر الطلب بالأزمة المالية العالمية، ودخول الاقتصادات الكبرى في ركود.

من ناحيته، توقع ـ في حديث إلى «الشرق الأوسط» ـ طلعت حافظ، مستشار اقتصادي سعودي، أن يستمر مؤشر التضخم في التباطؤ والهبوط، وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية، موضحا أن استمرار تراجع التضخم مرتبط بها.

ولم يستبعد حافظ أن يصل معدل التضخم في السعودية إلى مستوى دون 3 في المائة قريبا، لكنه يرى أن هذا المعدل من التضخم، وحتى الوصول إلى واحد في المائة، يعد إيجابيا لاقتصاد مثل اقتصاد السعودية، حيث يتوافر فيه الكثير من المعطيات الإيجابية، منها مستوى المعيشة، ومتانة الاقتصاد المحلي، إضافة إلى زيادة وعي المستهلك، ودعم الدولة.

واعتبر حافظ نسبة التضخم السالفة «معقولة»، مشيرا إلى أنه وفقا للمعطيات الاقتصادية الداخلية في البلاد، فإن النسبة المنخفضة للتضخم ستساعد على نمو الاقتصاد والحركة الإنتاجية المحلية وتوزيع السلع والخدمات، ويكون المواطن قادرًا بإمكاناته المالية على تلبية حاجاته من السلع والخدمات. ولفت حافظ إلى أن انخفاض التضخم ناتج من عوامل رئيسية، تركزت في جهود الحكومة في كبح جماح ارتفاع الأسعار، التي بدأتها منذ أن لاحظت ارتفاعا في السلع والخدمات في فترة سابقة، من خلال الإعانة 5 في المائة زيادة في المرتبات، متراكمة لـ 3 سنوات، ودعم أساسي للعديد من السلع والخدمات، وتخفيض عدد من الرسوم التي لها مساس مباشر بالمواطن، وأخيرا وعي المستهلك وإدراكه ـ إلى حد ما ـ الاتجاه نحو البدائل الأقل سعرا، وتعطي ذات الجودة والإشباع الاقتصادي. ومعلوم أن عملية قياس المؤشر تتم من خلال سلة سلع معينة، وقياس معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك مجموعات الخدمات والسلع، كل واحد منها له تأثيره في المؤشر العام للتضخم بقدر وزنه، قد لا ينطبق ذات التأثير عند هبوط أو صعود بعض المتوسطات.

وكانت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات قد أرجعت، في تقرير لها، ارتفاع الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر فبراير (شباط) المنصرم إلى الارتفاعات التي شهدتها مجموعة واحدة من المجموعات الرئيسية المكونة للرقم القياسي لتكاليف المعيشة، وهي مجموعة الترميم، والإيجار، والوقود، والمياه بنسبة 1.6 في المائة.

وشهدت ثلاث مجموعات من المجموعات الثماني الرئيسية، المكونة للرقم القياسي لتكاليف المعيشة، انخفاضا في أرقامها القياسية، حيث انخفضت مجموعة الأطعمة والمشروبات بنسبة 0.8 في المائة، ومجموعة الأقمشة والملابس والأحذية بنسبة 0.1 في المائة، ومجموعة التعليم والترويح بنسبة 0.1 في المائة .

وظلت أربع من المجموعات الرئيسية المكونة للرقم القياسي لتكاليف المعيشة، وهي الرعاية الطبية، والتأثيث المنزلي، والنقل والمواصلات، والسلع الأخرى، عند مستويات أسعارها السابقة في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، ولم يطرأ عليها أي تغير نسبي يذكر خلال شهر فبراير (شباط) محل التقرير.