السلطات الأمنية تحذر من عمليات احتيال عبر ماكينات الخياطة

وصل سعرها إلى 100 ألف ريال بحجة وجود الزئبق الأحمر فيها

جانب من حراج ماكينات الخياطة للحصول على الزئبق الأحمر في سوق الشروق بالطائف مساء أمس («الشرق الأوسط»)
TT

أكدت السلطات الأمنية في السعودية، أن ما يدور حول وجود مادة الزئبق الأحمر في ماكينات الخياطة القديمة «سنجر»، مجرد عملية احتيال لا صحة لها، محذرة المواطنين من الانجراف خلف مثل هذه الشائعات، التي لا تمت للحقيقة بصلة. واعتبر اللواء منصور التركي، المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السعودية، الأمر في تصريح مقتضب، أن وجود الزئبق الأحمر داخل ماكينات الخياطة القديمة وما صاحبها من ارتفاع أسعار خيالي مجرد «شائعة هدفها الاحتيال». نافيا تسلم وزارة الداخلية لأي شكاوى من هذا القبيل. ويأتي ذلك في وقت طفت ماكينات الخياطة القديمة من نوع «سنجر» إلى سطح الأحداث، خلال الأيام القليلة الماضية، في عدد كبير من المدن والقرى السعودية، بسبب شائعة تُردد أن تلك الماكينات تحتوي على الزئبق الاحمر. ففي الطائف اصطف المئات في سوق الشروق في شارع البريد بالطائف، لحضور المزايدات على بيع ماكينات الخياطة، التي وصلت أسعارها إلى مائة ألف ريال، بل وأصبح الطلب عليها ملحاً، لدرجة أن أبواب كبار السن من النساء لم تهدأ من سماسرة البيع، التي تطارد كل ماكينة خياطة، حتى ولو كانت في قرى نائية بعيدة عن المدينة. أما لماذا وصلت أسعارها بهذا الشكل المخيف، بعد أن كان لا يكترث لأمرها أحد، فكما يزعم الباعة بأنها تحوي الزئبق الفضي والأحمر، الذي بإمكانه تعطيل أبراج الجوالات داخل أجهزة الاتصالات، وفريقٌ يرى أنها عملية نصب منظمة جديدة للتحايل على المواطنين، ولا تعدو كونها عملية غسيل لأموال غير مشروعة، وعملية مكملة لمنظمة بطاقات سوا والبورصة العالمية والبيض، وبقية العمليات التي وقعت في أوقات سابقة. وعلى واقع الأحداث، أوضح خالد الفعر أحد باعة هذه الماكينات في سوق الخردوات في الطائف، أن العرض المتزايد والإقبال الكبير ألهبا أسعار الخردوات في الأيام الماضية، مبيناً أن ماكينات الخياطة أصبحت غالية ونفيسة وتتجاوز قيمتها المائة ألف ريال، وتلقى رواجاً كبيراً بين المشترين، ومكاسب كثيرة لدى الباعة ولا تقف السلعة أكثر من دقائق معدودات، قبل أن تدخل في حيز «الحراج» و«المزايدات». سوق «الشروق» في محافظة الطائف، وأمام الملأ يقوم بالمزايدات بأرقام خيالية، في وقتٍ أكدت فيه الشركة المصنعة لهذه الماكينات، أن المادة الداخلية التي بداخلها لا تتعدى مواد صنعت من زهر الحديد وليست لها أي علاقة بالزئبق الأحمر. وبيًن حسن العمري، أستاذ الفيزياء، أن الزئبق الأحمر هو من المواد النادرة ويصل سعره إلى ملايين الريالات، وقيل إنه قربان للجن وأكلة مفضلة لديهم يستخدمها المشعوذون للتقرب إلى الجن. ويذكر هنا فهد فريح العبيكة من أهالي منطقة حائل (شمال السعودية)، إن هناك إقبالا كبيرا من الأهالي على البحث عن هذا النوع المحدد من الماكينات، التي مضى على إنتاجها أكثر من 70 عاما، ويتم شراؤها بمبالغ فلكية تتجاوز 20 ألف دولار، ويتم الشراء بعد الكشف الدقيق عليها للتأكد من احتوائها على الزئبق الأحمر، وذلك بتمرير الهاتف النقال بالقرب من إبر الخياطة، التي تحويها الماكينة، وفي حالة اختفاء أبراج الاتصال وتعثر الاتصال، يقبل عليها الزبائن. وأوضح أن الكل يتحدث بهذه الشائعة ما بين مصدقين ومتسائلين عن مغزاها التي ربطها آخرون بـ«كذبة أبريل». وقال العبيكة، إن وكيل الشركة، المنتجة لماكينات الخياطة، المشاع أنها تحتوي على الزئبق الأحمر بالسعودية ومقرها جدة، نفى وجود أية مواد مشــعة أو فعالة في صناعتها. ولا يزال حراج الخردة بمنطقة حائل يشهد زحاما شديدا للبحث عن فرصة لشراء الماكينة، وكذلك عرض العديد منها للبيع، بعد الكشف عليها للتأكد من احتوائها على الزئبق الأحمر. وبين عدد من الباعة بسوق الخردة بحائل لـ«الشرق الأوسط»، أن السوق أصبح يعمل منذ الصباح حتى المساء نتيجة لكثافة المتسوقين غير المعهودة، نتيجة الطلب والعرض على ماكينات الخياطة. وقال صياح السعدي بائع في السوق، إن الطلب كبير عليها وتجاوز سعرها 20 ألف دولار وحققت كذلك فرص عمل لكثير من البائعين والوسطاء. وكانت الشائعات قد انطلقت حول هذا الأمر منذ مطلع الشهر الجاري، وسرت في جميع المناطق، وعمل السماسرة على بيعها في أوقات بدت فيها ربات البيوت يستخرجن الماكينات من المخابئ والمخازن، تجاوبا مع حركة الطلب المتزايدة، كما نشطت حركة العرض عبر المواقع الالكترونية والبريد الالكتروني. ولا تزال حركة البيع تترى في العديد من المناطق، استنادا إلى الشائعات التي رصدت في الأردن قبل وصولها إلى السعودية، حيث أشارت مصادر إخبارية إلى أن شائعات روجت لوجود ماكينات خياطة من نوع سنجر والأسد صناعة عام 1879 وحتى 1900، بينها ماكينات تحمل الأرقام 28 و31 و22 صنعت يدويا ووضع المصنع بداخلها مادة الزئبق، بحسب الشائعات. يذكر أن الزئبق الأحمر من المواد النادرة جداً، وثمنه قد يصل من 100 ألف إلى 300 ألف دولار للكيلوغرام الواحد. وله استخدامات عسكرية، ويرتبط اسم «الزئبق الأحمر» بعالم الجن والمشعوذين، والترويج لقدرته على تسخير الجان لاستخراج الكنوز وسرقة الأموال والشفاء من الأمراض.