مهرجان «فن الحدائق».. جديد مراكش المغربية

يشارك فيه فنانون وتشكيليون ومهندسون وهواة بستنة

حديقة ماجوريل بمراكش («الشرق الأوسط»)
TT

يشدد منظمو مهرجان «فن الحدائق» بمراكش، الذي وصل، هذه السنة، دورته الثالثة، على أن تاريخ المدينة الحمراء تمت كتابته عبر حدائقها، أيضا. فأحياء عديدة من المدينة أخذت أسماء الحدائق عنوانا وتسمية لها، مثل «عرصة علي وصالح» و«عرصة الملاك» و«عرصة البرادعي»، وهي عرصات وحدائق ظلت تتجاور، ضمن المدينة نفسها، مع حدائق «أكدال» و«المنارة» و«ماجوريل»، وعرصات «البيلك» و«مولاي عبد السلام»، وغيرها من المساحات الخضراء، التي تكاد تدفع البعض إلى المطالبة بتغيير لقب مراكش من «المدينة الحمراء»، نسبة إلى لون بناياتها، إلى المدينة الخضراء، نسبة إلى حدائقها.

وفي خضم الفورة العقارية والتحولات المتسارعة، التي تعرفها مراكش، في السنوات الأخيرة، يشدد أبناء المدينة على أن هناك حاجة إلى الاهتمام بالجانب البيئي، عبر الاعتناء بالرصيد الهام من الحدائق، التي عرفت بها مراكش، على مر القرون، وابتكار طرق «خضراء» لمسايرة زحف الأسمنت.

ويقول عبد الرزاق بن شعبان، مؤسس مهرجان «فن الحدائق» لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف، نلاحظ اليوم أن التمدين جعل الأسمنت يملأ ويغطي، أو يكاد يمسح، خضرة الحدائق والعرصات في مراكش. وبالنظر إلى تطور المدينة الاقتصادي والنمو الديمغرافي، الذي صارت تعيش على إيقاعه، مع ما يرافق كل ذلك من تلوث بيئي، فقد اتسعت مساحة التخوف على المستقبل البيئي للمدينة، الشيء الذي صار يستدعي التحلي بقدر كبير من المسؤولية، في سبيل المحافظة على ما تبقى من حدائق مراكش ومساحاتها الخضراء، التي صارت تضيق وتتراجع أمام التطور العمراني، الذي صارت تعرفه المدينة».

و«بما أننا مقتنعون»، يقول بن شعبان، «إنه ليست هناك تنمية مستدامة من دون احترام للتوازن البيئي، فقد انطلقنا، في مجلة «حدائق المغرب، حدائق العالم»، من هذا المنطلق لأجل تكريس التنظيم المنتظم لمهرجان «فن الحدائق»، مع رغبتنا الصادقة في أن يعطي قيمة مضافة للمدينة الحمراء، وأن يجعل منها وجهة بيئية، بحيث تكون قادرة، في خضم تطورها ونموها المتسارع، على ضمان إطار بيئي وسياحي ملائم لسكانها وزوارها».

وكعادتها كل شهر أبريل، تحتضن مدينة مراكش، هذه الأيام، الدورة الثالثة لمهرجان «فن الحدائق 2009»، بمشاركة باحثين ومختصين ومهتمين بالبيئة والطبيعة من المغرب وفرنسا وإنجلترا وإسبانيا والبرتغال وشيلي والسنغال.

ويعول المنظمون على أن تكون هذه التظاهرة الثقافية والعلمية والتربوية، التي تنظمها مجلة «حدائق المغرب، حدائق العالم»، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئاسة الشرفية للأميرة للا حسناء، مناسبة للتعرف، عن قرب، على ميدان وحرف البستنة وإبراز خصوصيات فن الحدائق ومميزاته.

ويقول المنظمون: إن دورة هذه السنة، تنظم تحت شعار «الابتكار»، حيث أبدع فنانون ومهتمون بالحدائق وطلاب وتلاميذ المدارس حدائقهم الخاصة، التي تثير دهشة المتتبع بخصائصها، التي تدفع إلى الاقتناع بأن فن الحدائق هو فن الابتكار قبل أي شيء آخر.

ويطمح المنظمون إلى إعطاء متنفس لتطوير فن الحديقة بالمغرب، والتأكيد على أهمية اكتساب الوعي البيئي، فضلا عن تنظيم فضاء واسع للتربية البيئية والسياحة البيئية والأنشطة التربوية وورشات فنية لفائدة الأطفال لاكتشاف عالم الحدائق.

كما ينتظر أن تشكل هذه التظاهرة مناسبة للفت انتباه جمهور المهرجان إلى غنى وقيمة التراث المغربي في هذا المجال، من خلال تنظيم ندوات وموائد مستديرة وإلقاء محاضرات وتوقيع كتب وتنظيم معارض تشكيلية لفنانين مغاربة وأجانب.

ويتضمن برنامج الدورة تنظيم مائدة مستديرة، تناقش موضوع «الحديقة والسياحة الإيكولوجية» و«الحدائق المدرسية»، من خلال مشاركة تلاميذ 10 مدارس بمراكش، في مباراة إعداد حدائق مدرسية، ورواقا خاصا بمهنيي الحدائق والبيئة، وتنظيم معارض حول فن الحدائق، وإنجاز حدائق نموذجية.

كما تقام قرية للمشاتل للمساهمة في التعريف بمهن وحرف البستنة، والتعريف بكيفية الاهتمام بالحدائق وتهيئتها والمحافظة عليها.

وفي إطار عملية حي مليء بالورود، يتم، لأول مرة، وبشراكة مع مؤسسة «دار بلارج»، تزيين حي «زاوية الحضر»، أحد أحياء المدينة العتيقة، بالورود، فضلا عن تقديم عرض للمؤرخ أحمد متفكر، يتناول تاريخ هذا الحي.

وعلاوة على توجهه التعريفي بين عموم المواطنين، بأهمية ومكانة فن الحدائق في الثقافة، والمحافظة على البيئة والسياحة الإيكولوجية، يشكل مهرجان «فن الحدائق» فرصة لمهنيي الحدائق والبيئة وأصحاب المشاتل والمهتمين بالمجال الطبيعي، لتبادل المعارف والتجارب والخبرات في مجال البستنة الإيكولوجية.