الثلاثاء.. احتفال أسبوعي لـ120 صماء شرق السعودية

تجمعهن المسابقات ودروس التجميل.. ويحتفلن بالأسبوع العالمي للصم آخر أبريل

سيدة صماء تدخل المركز للمشاركة بفعاليات حفل الثلاثاء الأسبوعي (تصوير: إيمان الخطاف)
TT

نحو 35 كيلومتراً تقطعها أسبوعياً فاطمة العيوني (30 عاماً) للقدوم من بلدتها الصغيرة (أم الساهك) إلى مدينة الدمام، والاجتماع مع مثيلاتها من الصم شرق السعودية، في لقاء ينظمه المركز الثقافي النسائي للصم بالمنطقة الشرقية مساء كل ثلاثاء، وهو ما يجعل فاطمة ومثيلاتها يعتبرن يوم الثلاثاء احتفالا أسبوعياً لهن، والمتنفس الوحيد للتواصل بينهن داخل قاعة صامتة رغم اكتظاظها بالنساء، لا يحرك سكونها سوى الابتسامات وحركات الأصابع.

وتتقاطع «ثلاثية» السيدات الصم مع أجواء العيد، ليس فقط بفرحة التواصل، بل أيضاً بارتداء الملابس الفاخرة وتناول الأطعمة في مكان مليء بالزينة، مما يحفز فاطمة على مداومة الحضور، كما عبرت عن مشاعرها بلغة الإشارة لـ«الشرق الأوسط»، حيث قبلت باطن وظهر كفها مما يعني قولها «الحمد لله»، وأوضحت أن الانخراط الأسبوعي بمثيلاتها يكسر داخلها أي مشاعر سلبية ويحفزها للتواصل مع المجتمع.

ويأتي هذا اللقاء الأسبوعي أيضاً بمثابة الدرس المجاني للراغبات بتعلم لغة الإشارة، كما تفعل منال الدوسري، إحدى طالبات برنامج تعليم لغة الإشارة، حيث تحرص على الحضور وأخذ عناوين السيدات الصم للتواصل معهن وتطوير إلمامها بلغتهن، فيما يشمل اللقاء مجموعة من الأنشطة وتنظيم مسابقات ومحاضرات تلقيها سيدة من الصم بجانب المترجمة التي تخبر السامعات كل التفاصيل بصوتها.

هذه الفكرة ولدت قبل أعوام حينما كانت السيدات الصم يجتمعن بأحد مساجد مدينة الدمام بشكل أسبوعي حتى افتتح المركز مؤخراً وأصبح اللقاء يحظى بتنظيم وحضور أكبر، كما تقول أروى الدوسري، موظفة بالمركز، التي أفادت أن غالبية الفتيات الصم يتبادلن أرقام جوالاتهن للتواصل لاحقاً عبر الرسائل النصية، موضحة أن القلة منهن متمكنات من التعامل مع الكمبيوتر فيتبادلن الإيميلات الالكترونية، للتواصل عبر «كاميرا الويب» من خلال لغة الإشارة أو الكتابة النصية ببرامج المحادثة.

وعبر ابتسامة هادئة تصف بخيتة البريكي، موظفة من الصم بالمركز، سعادتها برؤية مثيلاتها والتواصل معهن، وبسؤالها عن تطلعاتها، بينت بلغة الإشارة رغبتها الشديدة بتعلم كيفية التعامل مع الكمبيوتر، حيث أفادت بأنها لم تستطع إكمال دراستها الجامعية بسبب إعاقتها السمعية، في حين مازالت تحلم بأن تنخرط بالعديد من الدورات وتتواصل مع المجتمع عبر اللقاءات الدورية مع السيدات من الصم وغير الصم.

من جانبها، أوضحت نوال الرشيد، رئيسة المركز الثقافي النسائي بالمنطقة الشرقية، لـ«الشرق الأوسط»، أن عدد السيدات الصم المسجلات بالمركز يبلغ نحو 120 سيدة يمثلن جميع المدن شرق السعودية، مؤكدة أن اللقاء الذي ينظمه المركز كل ثلاثاء يهدف للتنمية الاجتماعية ومد جسور التواصل بينهن، مؤكدة أن مشكلة الكثير منهن جلوسهن الدائم ببيوتهن دون انخراط بالمجتمع، وأوضحت أن لقاء الثلاثاء مستمر طيلة العام ولا يتوقف إلا في الإجازات الرسمية.

وحول المعوقات التي تواجه الفتيات الصم، أفادت الرشيد بأنها تتلخص بمحدودية فرص التعليم والعمل، وكشفت عن تحضيرهن حالياً للاحتفال بالأسبوع العالمي للصم الذي سيوافق آخر أسبوع من شهر أبريل (نيسان) الجاري. وترى الرشيد أن أكثر ما يسعد الفتيات الصم هو التعامل معهن كإنسان كامل دون إشعارهن بأنهن كائن معاق بالمجتمع، وطالبت بمساندتهن على القيام بمشروعات تتوافق مع إمكاناتهن وقدراتهن.

ويهتم المركز الذي تأسس العام الماضي بفئة الصم وضعاف السمع من النساء في جميع مدن المنطقة الشرقية، فيما تضمن أقسامه: القسم التعليمي المعني بتعليم القراءة والكتابة، وقسم التجميل لتعليم فنون التجميل وتمكين الفتاة الصماء من العمل بهذه المهنة، وقسم الفنون التشكيلية والرسم والهوايات الذي يعتني بعدد كبير من الموهوبات، وأخيراً قسم الحاسب الآلي الذي يهتم بتأهيلهن لسوق العمل.

يذكر أن حجم الصم في السعودية يبلغ حوالي 88 ألف شخص، ويشهد هذا العدد تزايداً مطرداً سنة تلو أخرى، حسب ما تفصح أحدث التقارير، وهو ما يرجعه المختصون لانتشار زواج الأقارب وتدني مستوى التثقيف الصحي لدى النساء الحوامل اللائي يتناولن أدوية من دون استشارة الطبيب، مما يعرض الجنين إلى احتمال الإصابة بإعاقة سمعية لا يتم الكشف عنها إلا بعد الولادة.