مشروع مبانٍ سكنية في وسط لندن يشعل معركة بين ولي العهد البريطاني ومعماريين عالميين

الأمير تشارلز طلب من رئيس وزراء قطر رفض التصاميم المقدمة

تصميم ريتشارد روجرز لمباني ثكنات تشيلسي و الى اليمين التصميم الذي اقترحه الامير تشارلز
TT

قام 10 من كبار المعماريين في العالم بالتوقيع على خطاب يعترضون فيه على تدخل الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني في المشروعات المعمارية التي تقام في بريطانيا. وقال المعماريون في الخطاب، إن الأمير يستغل مكانته كولي للعهد البريطاني للتأثير على مشروع تطوير ثكنات للجيش البريطاني في لندن. وكانت شركة «ديار» القطرية قد قامت بشراء الأراضي التي شغلتها الثكنات بمبلغ 950 مليون جنيه استرليني في عام 2007 وقامت بتقديم تصميمات للمباني التي ستقام في مكانها لبلدية لندن والتي صممها المعماري الشهير ريتشارد روجرز.

وقد وصف الأمير تشارلز التصميمات الجديدة بأنها «غير متوائمة» مع المنطقة، خاصة أنها تقع في مواجهة مباني رويال هوسبيتال التي صممها المعماري البريطاني كريستوفر رين في القرن السابع عشر. وانتقد تشارلز استخدام الحديد والزجاج في التصميمات الحديثة، وطالب باستخدام تصاميم تقليدية تستخدم الحجر والقرميد لتعكس معمار رويال هوسبيتال. وجاءت تصريحات الأمير أثناء حضوره افتتاح جناح جديد في الرويال هوسبيتال. وقال أحد الحضور للصحيفة إن الأمير أخبر الكل بعدم رضاه عن التصميمات الجديدة وأنه مستعد للدفاع عن الموقع الذي يعتبر من أهم أحياء لندن.

ولكن الأمير لم يكتف بإعلان آرائه حول التصميمات، وهو أمر اعتاده البريطانيون منه فهو دائم الحديث عن رؤية معمارية خاصة لبريطانيا تلتزم بالعمارة التقليدية وأسسها، ولكن الأمير أرسل خطاباً إلى رئيس الوزراء القطري يطلب منه عدم الموافقة على التصميمات المقدمة، وعرض عليه تصميمات أخرى قام بوضعها المعماري كوينلان تيري، وهو المعماري المفضل لدى الأمير وعمل معه على تصميم قرية باوندزبيري النموذجية.

وفيما يبدو فقد باءت مجهودات الأمير بالنجاح، إذ ثارت ثائرة مجموعة من كبار المعماريين العالميين، منهم العراقية زها حديد وفرانك غيري ونورمان فوستر ورينزو بيانو، الذين قاموا بالتوقيع على خطاب نشر في الصحف البريطانية يطالبون فيه الأمير بالتوقف عن التدخل في المشروعات المعمارية في بريطانيا. وقال هؤلاء في الخطاب «بدلا من أن يستخدم مكانته كولي للعهد البريطاني للتدخل في أحد أهم المشروعات السكانية التي ستبنى في لندن في السنوات الخمس المقبلة، يجب عليه أن يشترك في الجدل الدائر بطريقة شفافة وعلنية».

وقال مصدر قريب من المعماري روجرز لصحيفة «إيفننغ ستاندارد» إن «حملات الأمير تشارلز ضد المعمار الحديث إنما هي تدخل يقوم به شخص حباه وضعه بنفوذ كبير وهو يرفض الدخول في مناقشة عامة ويلجأ بدلا من ذلك للتصرف في الخفاء».

وإلى جانب ردة فعل المعماريين فهناك جدل قائم في بريطانيا حول التصميمات المعمارية الحديثة التي تنطلق في العاصمة البريطانية، وانبرى عدد من الكتاب يعددون محاسن ومساوئ تلك المشروعات، كلٌ حسب توجهه. فدعمت صحيفة التلغراف توجه الأمير للحفاظ على المعمار التقليدي الذي تتميز به مباني العاصمة البريطانية، بينما وافق آخرون على انتقاد التصميمات الحديثة ولكنه أبدوا اعتراضهم على التصميمات البديلة التي اقترحها الأمير تشارلز. ولكن انتقادات الأمير تشارلز لم تكن الأولى للمباني الحديثة المزمع إنشاؤها، فقد قام سكان المنطقة المجاورة للمشروع بالاعتراض على التصميمات الجديدة، مما اضطر شركة المقاولات المكلفة بالمشروع إلى مراجعة التصميمات وعمل بعض التغييرات فيها لتهدئة مخاوف السكان من أن تحجب العمارات الجديدة الرؤية، كما تمت إضافة مخطط لحديقة كبيرة تخدم المنطقة.

المعروف عن الأمير تشارلز اهتمامه بالعمارة بشكل خاص، وله كتاب بعنوان «رؤية للمعمار في بريطانيا» يدعو فيه إلى الطرز المعمارية التقليدية واستخدام المواد النابعة من البيئة البريطانية. ولطالما انتقد تشارلز المشروعات المعمارية الحديثة التي تقام في بريطانيا. وتذكر له الصحف البريطانية اعتراضه على بناء جناح في الناشيونال غاليري في وسط لندن، قائلا إن التصميم الجديد، الذي أعده ريتشارد روجرز أيضاً، يشبه «الدمل على وجه صديق قديم» وجاءت تعليقات تشارلز أثناء قيامه بإلقاء خطاب في مقر المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين في عام 1984 وتم العدول عن المشروع وقتها. ثم قام الأمير بالاعتراض على تصميم آخر لروجرز مجاور لكنيسة سانت بول الشهيرة، وأيضاً تم إيقاف المشروع. وعلى الرغم من أن الأمير قد توقف لفترة عن انتقاد المباني الحديثة فإنه يقوم بين حين وآخر بالتعليق على بعض المباني والتصميمات التي يرى أنها تخل بالشكل المعماري لبريطانيا. ولعل تعليقات الأمير كان لها تأثير واضح باستثارة عداوة المعماريين، إذ قام العديد منهم بتوجيه انتقادات شديدة لمشروع القرية النموذجية في باوندزبيري الذي تبناه الأمير كمثال للمعمار التقليدي الصديق للبيئة. ولا أحد يعلم ردود الفعل لدى أعضاء المعهد الملكي للمعماريين عندما يقوم الأمير بإلقاء خطاب في مقرهم الشهر المقبل بمناسبة احتفال المعهد بمرور 175 عاماً على إنشائه، ولكن من التأكيد أن هناك الكثير من عدم الارتياح تدل عليه الانتقادات العلنية بين الطرفين.