مهرجان رام الله للرقص ينطلق على إيقاع صوت درويش: «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»

بالتزامن مع 3 مهرجانات في عمان وبيروت ودمشق

يرى القائمون على مهرجان الرقص الشعبي في رام الله أنه أحد أشكال «كسر الحصار». (أ.ب)
TT

على وقع كلمات الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وهو يقرأ من قصيدته «لاعب النرد»، ومقطوعات موسيقية للثلاثي جبران من الناصرة، أطلق راقصون إيطاليون وفلسطينيون مهرجان رام الله الرابع للرقص المعاصر، والذي يعتبر جزءًا من احتفالية «القدس عاصمة للثقافة العربية»، كما أوضح خالد عليان مدير المهرجان.

وقال عليان لـ«الشرق الأوسط»، «هذا جزء من احتفالية القدس، وكل الفرق الأجنبية تأتي تحت شعار القدس عاصمة الثقافة العربية».

ويستمر المهرجان، الذي انطلق أول من أمس، وتشارك فيه 18 فرقة أجنبية، من إيطاليا وفنلندا والبرتغال والسويد والمجر وهولندا والدنمرك وكوريا الجنوبية واليونان وألمانيا والجزائر والولايات المتحدة وأيرلندا وفرنسا، و3 فرق فلسطينية، حتى العاشر من مايو (أيار). ومن المفترض أن يشارك كل هؤلاء باحتفال بيوم الرقص العالمي، الذي يوافق 29 من أبريل (نيسان) من خلال كرنفال كبير سيسير في شوارع رام الله. وسيشهد هذا اليوم رقصات من التراث الفلسطيني، الذي سيظل بعيداً عن العروض التي ستقدم على مدار 20 يوماً.

ولاقى المهرجان، في يومه الأول حضوراً فلسطينياً كبيراً، ولم تتسع قاعة قصر الثقافة في رام الله، للحضور الذي فاق الألف متفرج، وهو ما اضطر بعضهم للجلوس في ردهات المسرح، واعتبر عليان ذلك، دليلا على أن الجمهور الفلسطيني ذواق للفن، وللتعرف على ثقافة الآخرين، برغم ما يعانيه تحت الاحتلال. وبدا الجمهور، في اليوم الأول، مشدوداً مع أداء حوالي 20 راقصاً وراقصة، من فرقة سرية رام الله الأولى، وجمعية الأمل للرقص المعاصر في الناصرة، وبوتيجا الإيطالية، وهم يحاكون موسيقى على صوت درويش، وهو يؤكد أن «الجنوب كان قصياً عصياً» لأن «الجنوب بلادي».

وخلال العرض، قام ممثل بدور «حنظلة»، وهو رمز الفقراء الساخرين في رسومات رسام الكاريكاتير الراحل ناجي العلي، وهو يتناغم مع حركات الراقصين الاستعراضية التي انتهت بقول درويش «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».

وقال القائمون على المهرجان، في بيان وزعوه على الحضور، إن هذه اللوحة الراقصة تم العمل عليها على مدار أسبوع بإشراف مصمم الرقص الإيطالي إينزو جيلي «لتعبر وترسخ مفهوم التعاون والتبادل الثقافي».

وانطلق المهرجان، الذي تنظمه سرية رام الله الأولى، بالتزامن مع ثلاثة مهرجانات أخرى في عمان وبيروت ودمشق، في إطار مشروع «مساحات» المسرحي، الذي يضم مع سرية رام الله، تجمع تنوين للرقص المسرحي في دمشق، والمركز الوطني للثقافة والفنون في عمان، ومقامات للرقص المسرحي في بيروت. وقال عليان، «هدفنا اختراق الحواجز.. كل الحواجز في الخارج والداخل». ومن المفترض أن تشهد مدن أخرى غير رام الله، مثل القدس ونابلس وبيت لحم وحيفا والناصرة، عروضاً فنية، ضمن المهرجان، الذي يرى القائمون عليه بأنه أحد أشكال «كسر الحصار».

وسيواكب المهرجان في دورته هذا العام، جريدة دورية، ستكون فيها مساحة للنقد والحوار. وقالت افتتاحية العدد الأول «قد يتساءل البعض لماذا مهرجان للرقص في ظل هذه الظروف المأساوية التي يمر بها شعبنا، ونحن نقول إننا نرقص ونغني ونعزف ونرسم... لأننا نحب الحياة ولتكون رسالتنا واضحة لكل العالم بأننا نحب الحياة... وليعرف القاصي والداني بأننا فلسطينيون.. هنا خلقنا وهنا نكون وسنكون». وقال عليان، «ما العيب في الرقص؟». وكان المهرجان تعرض العام الماضي، لنقد عنيف من حركة حماس، التي اعتبرته «رقصاً على جراح الفلسطينيين». إلا أن الحركة لم تعلق، حتى الأمس، على المهرجان هذا العام. وقال عليان، «ارتبط الهجوم العام الماضي بالخلاف ما بين فتح وحماس التي انطلقت من أن المهرجان تابع للسلطة، ونحن مستقلون غير تابعين للسلطة ولا حماس».

واضطرت فرقة سارة الفلسطينية إلى إلغاء عروض كانت مقررة ضمن المهرجان، بسبب مقتل أحد أعضاء الفرقة برصاص الاحتلال، في مخيم الجلزون في رام الله الأسبوع الماضي، وقال عليان «نتمنى أن تتمكن الفرقة من تقديم عروضها يوم السبت القادم، في مركز إبداع الدهيشة بمحافظة بيت لحم، ويوم الأربعاء 29 أبريل (نيسان)، في قصر رام الله الثقافي».

وكان مهرجان فلسطين الدولي للرقص قد انطلق في عام 1993 وتوقف في عام 1999 وشارك فيه فنانون من دول عربية منهم المطرب التونسي لطفي بوشناق. وفي عام 2005 أعيد إحياؤه بمشاركة فرق أجنبية ومحلية فقط ليتوقف في عام 2006، ويعاد إقامته الأم الماضي.

ويشتمل المهرجان هذا العام، على معارض فنية متخصصة، وندوات في البحث التاريخي في الآثار والمادة التراثية المقدسية، ومعارض فنية.

وقال عليان «رسالتنا أن نؤكد على أن القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ونحن نكرس بعدها السياسي كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة».