استمرار المصارف اللبنانية في التوسع خارجياً رغم الأزمة

تحديات العمل المصرفي اللبناني

الأزمة العالمية ستؤثر على التجارة، ولا سيما الصادرات اللبنانية (الشرق الاوسط)
TT

أكد رئيس لجنة الرقابة على المصارف في لبنان، وليد علم الدين، استمرار توسع المصارف اللبنانية في الخارج، ولكن بنسبة أقل من نموها في السنوات القليلة الماضية. وتوقع أن تجد الرساميل العربية واللبنانية في الخارج، في لبنان ملاذاً آمناً في ظل الأزمة القائمة.

وقال خلال الجلسة الأولى من اليوم الثاني لورشة عمل «مصارف لبنان: تحديات النجاح» التي نظمتها شركة «فيرست بروتوكوول» برعاية مصرف لبنان المركزي وبالتعاون مع «بنك عودة»: «إن الأزمة العالمية ستؤثر على التجارة، ولا سيما الصادرات اللبنانية، كما ستؤدي إلى انخفاض عدد العاملين اللبنانيين في الخارج وتحويلاتهم إلى لبنان». واعتبر أن تحول لبنان المالي إلى ملاذ آمن هو «الإنجاز الأكبر للبنان في هذه الأزمة العالمية».

وإذ أشار إلى أن «وضع مصارفنا اللبنانية الآن إجمالاً هو عكس التيار العالمي»، قال: «بإمكاننا الاستمرار في النجاح واستغلال الفرصة التي يعطيها هذا النجاح، لنقله بشكل كامل إلى مصارفنا التي تعمل في الخارج. إن البناء على النجاح يكون بالاستمرار بالعمل على المحافظة على مقومات هذا النجاح، وهذه الثقة. وهناك عنصران أساسيان للنجاح خارجان عن قدرة إدارة المصارف، ولكن من الضروري المحافظة عليهما، وسأسميهما للذكر فقط، وهما الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني، وضبط العجز المالي للدولة للحّد من زيادة اقتراضها من المصارف. أما عناصر النجاح التي يمكن للمصارف العمل على المحافظة عليها، فمن أهمها الاستمرار بالعمل على تقوية أنظمتها وإدارييها وموظفيها، وتقوية تصنيفاتها، والاستمرار في النمو، وتقوية رساميلها، وطبعاً المحافظة على انفتاح رساميلها على المستثمرين العرب وتثبيت مواقعها كمصارف إقليمية وكقطاع إقليمي».

وعرض رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك لبنان والمهجر، سعد الأزهري، لتوسع المصارف اللبنانية خارج لبنان وللنجاح الذي حققته، لا سيما على الصعيد الإقليمي والذي انعكس ارتفاعاً في حصتها من السوق. وقال: «ونتيجة ذلك أصبح مجموع الموجودات والأرباح الناتجة عن الانتشار الإقليمي يشكل 20 في المائة من ميزانية المصارف اللبنانية وأرباحها. ويعود نجاح المصارف اللبنانية خارج لبنان إلى المنافسة الحرة التي اعتادت عليها من زمن بعيد مع المصارف الإقليمية والعالمية».

أضاف: «أصبحت رائدة في القطاع المصرفي اللبناني نتيجة لحسن النظام المصرفي وانفتاحه، بالإضافة إلى خبرة وكفاءة العاملين في القطاع وفاعلية الأنظمة الرقابية... نتوقع أن يستمر نمو ونجاح المصارف اللبنانية على الصعيد الإقليمي للأسباب التالية: عدم تأثرها بالأزمة المالية العالمية، نمو حصة سوق المصارف اللبنانية في الأسواق الإقليمية المتواجدة فيها حالياً وتوقع انفتاح أسواق إقليمية أخرى على المصارف الإقليمية والأجنبية ما يخلق فرص توسع إقليمي أكبر للمصارف اللبنانية».

واختتمت ورشة العمل بجلسة تحت عنوان «المصارف المتخصصة: دور ورهان»، وتحدث فيها رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك الموارد مروان خير الدين عن القطاع المصرفي الذي يتميز به لبنان، مشيراً إلى استمراره في تحقيق نمو مطرد وملحوظ منذ العام 1992.

وبعدما عدد ميزات المصارف المتخصصة، شرح التحديات المستقبلية التي تواجهها، مؤكداً ضرورة أن تفيد هذه المصارف من الوضع الاقتصادي العالمي الرديء لجهة استقطاب رؤوس الأموال واستثمارها في لبنان وعبره، ومركّزاً على متانة القطاع المصرفي اللبناني وكفاية أمواله الخاصة ولا سيما لجهة إدارة المخاطر «بما مكّن القطاع من تجنب الآثار السلبية للأزمة المالية الدولية». وقال إنه «بفضل هذه السياسة المحافظة، أكد لبنان على دوره كمركز مالي ومصرفي أساسي في المنطقة».

وتناول المدير العام «لبيت التمويل العربي» الدكتور فؤاد مطرجي موضوع تأثير الأزمة على المصارف الإسلامية، موضحاً أن المصرف الإسلامي يعمل على تكامل وتكافل عناصر الإنتاج الأربعة: الأرض، رأس المال، العمل والتنظيم، وذلك بتقديمه رؤوس الأموال بالمشاركة والمضاربة لعنصري العمل والتنظيم أو لعنصر الموارد الطبيعية ممّا يحقق هذا المبدأ الاقتصادي المهم.

وإذ أكد وجود فارق واضح بين نجاح المشروع لمصلحة المتعامل وجدوى المشروع للمجتمع، سأل: «أي جدوى يجنيها المجتمع من مقترض يوظف الأموال في المقامرة في البورصات أو الأسواق المالية؟» وأشار الدكتور بول مرقص من جهته إلى «الحاجة إلى تشريعات مصرفية خلاقة للعمليات المصرفية الحديثة»، ولفت إلى أن معظم القوانين المعتمدة في العمل المصرفي قديم العهد وخصوصاً منها قانون التجارة وقانون النقد والتسليف، معتبراً أن سد هذا النقص يكون بالتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف «بحيث تثار التساؤلات في الآونة الأخيرة عن حدود التشريع العائد لمصرف لبنان في ظل صلاحياته». ودعا إلى «تشريع مصرفي واقتصادي جديد «ولا سيما في موضوع التشريع الإلكتروني الذي يتخبّط فيه مجلس النواب منذ نحو عشرة أعوام بدون نتيجة».