تركيا وأرمينيا تتفقان على «خارطة طريق» لتطبيع العلاقات الثنائية

أذربيجان تحذر من تداعيات تجاهل مطالبها وغل يتصل برئيسها لطمأنته

الرئيس الروسي دمتري مدفيديف وإلى يمينه الأقصى رئيس أرمينيا سرخ ساركيسيان يصيدان في منتجع زافيدوفو شمال موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

اقتربت أنقرة من طموحها لـ«تصفير المشاكل» الدبلوماسية العالقة أمس مع إعلان وزارة الخارجية التركية أن تركيا وأرمينيا توصلتا إلى اتفاق على «خارطة طريق» لتطبيع العلاقات الثنائية بينهما. وأكدت سويسرا، التي ترعى المفاوضات بين الطرفين، على أن تركيا وأرمينيا تتفاوضان بـ«كثافة» من أجل التوصل إلى خارطة الطريق. وعلى الرغم من ترحيب أطراف عدة وعلى رأسها واشنطن بهذه الخطوة، فإن أذربيجان أعربت عن مخاوفها من أن يكون التصالح التركي ـ الأرميني على حسابها. وسارع الرئيس التركي عبد الله غل في العمل على طمأنة أذربيجان بالاتصال بنظيره الأذربيجاني إلهام علييف مساء أمس.

وأصدر وزيرا خارجية تركيا وأرمينية بيانا صحافيا جاء فيه أن المحادثات التي تجري بعيدا عن الإعلام برعاية سويسرا أثمرت «تقدما حقيقيا وتفاهما متبادلا». وأضاف البيان أن البلدين «اتفقا على إطار عمل شامل لتطبيع علاقاتهما الثنائية بطريقة ترضي كلا الطرفين وحددت خارطة طريق في هذا الإطار».

وأكدت الوزارة التركية أن التقدم الذي تحقق «يخلق أفقا إيجابيا للعملية الجارية»، من دون أن تكشف أي تفاصيل عن مضمون الاتفاق. ولم يذكر البيان كيفية التعامل مع النزاع المرير الدائر حول قتل الأرمن خلال عهد الإمبراطورية العثمانية أو ما إذا كانت أنقرة ويريفان توصلتا إلى اتفاق لفتح الحدود.

ولا تقيم أنقرة علاقات دبلوماسية مع يريفان منذ استقلال أرمينيا في 1991 بعدما كانت جمهورية سوفياتية، بسبب خلافات تتعلق بقضية مجازر الأرمن التي شهدتها السلطنة العثمانية بين 1915 و1917.

ويؤكد الأرمن أن هذه المجازر وتهجير الأرمن أديا إلى سقوط أكثر من مليون قتيل، بينما تقول تركيا إن عدد القتلى بين 300 ألف و500 ألف، وتنفي أن تكون هذه المجازر وقعت في إطار حملة إبادة اعترفت بها فرنسا وكندا والبرلمان الأوروبي.

وجاء الإعلان عن الاتفاق التاريخي قبيل إحياء ذكرى ضحايا هذه المجازر اليوم. وأغلقت تركيا حدودها مع أرمينيا في 1993 دعما لأذربيجان، وذلك إثر النزاع بين باكو ويريفان على السيطرة على إقليم ناغورني قره باخ، الجيب الأذربيجاني الذي تقطنه غالبية أرمينية.

وأنهت زيارة رسمية قام بها الرئيس التركي عبد الله غل إلى يريفان في سبتمبر (أيلول) الماضي بمناسبة مباراة في كرة القدم بين البلدين، صمتا دبلوماسيا. وأعلن البلدان عزمهما على تطبيع العلاقات منذ ذلك الحين. وخلال الأشهر الماضية، تضاعفت الاتصالات على مستوى وزاري قبل أن يلتقي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان في دافوس. وقد صرح سركيسيان في 10 أبريل (نيسان) أنه يتوقع فتح الحدود خلال السنة الجارية.

وأعرب الحزب الجمهوري الحاكم في يريفان أمس عن ارتياحه لتوقيع خارطة طريق تهدف إلى تطبيع العلاقات، معتبرا أن ذلك سيساعد أرمينيا في الخروج من عزلتها. وأعلن الناطق باسم الحزب اديك شارمزانوف «أنها خطوة إيجابية. وقد رحب شركاؤنا في الاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية الأميركية وروسيا بكل خطوة نحو إقامة علاقات» دبلوماسية.

وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية إن «الولايات المتحدة ترحب بإعلان أرمينيا وتركيا عن تطبيع في العلاقات الثنائية»، مؤكدا أهمية هذه الخطوة «لإحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها».

وأكدت السلطات التركية مرات عدة أنها لم تتوصل إلى اتفاق مع أرمينيا قبل حل الخلاف بين باكو ويريفان. وأفاد مكتب الرئيس التركي غل أنه اتصل بنظيره الأذربيجاني، وأنهما شددا على أهمية «التضامن والتعاون» بين البلدين من أجل الاستقرار الإقليمي. وطالبت أذربيجان أمس الخميس تركيا وأرمينيا بعدم تطبيع العلاقات الثنائية إلا إذا سحبت أرمينيا قواتها في الوقت ذاته من إقليم قره باخ المتنازع عليه. وتخشى أذربيجان، وهي مصدر للنفط والغاز بالنسبة للدول الغربية، من أن تفقد ثقلها في مواجهة أرمينيا في النزاع إذا ما أعادت تركيا فتح حدودها مع أرمينيا وأعادت العلاقات الدبلوماسية الكاملة. ونقل موقع إخباري أذربيجاني عن متحدث باسم وزارة الخارجية قوله: «من حق كل بلد ذي سيادة تحديد علاقاته مع الدول الأخرى، غير أن أذربيجان تعتبر أن تطبيع العلاقات التركية الأرمينية لا بد أن يسير بالتزامن مع سحب القوات الأرمينية من أراضي أذربيجان المحتلة».

وهدد مسؤولون أذربيجانيون أخيرا بقطع الغاز الذي تزخر به بلادهم المطلة على بحر قزوين، إذا تجاهلت أنقرة قضية ناغورني قره باخ في مناقشاتها مع يريفان.