رفعت عيد: وثيقة المصالحة باتت «حبرا على ورق».. والعلويون سيحصلون على حقوقهم ولو بإسقاط الحكومة

لوائح الشمال اللبناني الانتخابية تعلن على وقع الرصاص والقنابل

TT

بالكاد هدأت التوترات الأمنية في طرابلس بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن التي احتدمت طوال أشهر الصيف الماضي، حتى بدا أن هناك ما يمكن أن يفجرها من جديد ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر، فبعد أن تم الإعلان أول من أمس عن «لائحة التضامن الطرابلسي» للانتخابات النيابية المقبلة، وضمت الحلفاء الأقوياء الثلاثة؛ نجيب ميقاتي، محمد الصفدي، وسعد الحريري ممثلا بعدد من المرشحين الطرابلسيين بينهم بدر ونوس عن المقعد العلوي، حتى كانت الأخبار تتطاير في طرابلس منذرة بأن المعارك قد تندلع بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن، بسبب غضب الحزب العربي الديمقراطي (العلوي) من تجاهله واعتبار ونوس ممثلا للطائفة العلوية بدلا من رفعت علي عيد مسؤول العلاقات السياسية في الحزب.

وعلى الرغم من أن هذا اللائحة تطلبت من المفاوضات والتنازلات ما استغرق وقتا طويلا بغية تجنيب المدينة معركة انتخابية طاحنة، فإن الأجواء قد توترت مساء أول من أمس بين المنطقتين وشهدت انفجار أربع قنابل وسمعت رشقات رصاص، ألقى كل فريق مسؤوليتها على الآخر، فيما قال رفعت على عيد إن «امرأة أصيبت في الجبل، مما يدل على أنهم يتجاهلوننا في لوائحهم، ومن ثم يطلقون الرصاص علينا، لقد بات الوضع لا يحتمل». وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع رفعت علي عيد تساءل: «ما الذي قاله سعد الحريري لكل العلويين بإعلان لائحته بالأمس. لقد أراد أن يقول أنا آتيكم بالقوة بمن أريد، لكن نحن لن ننكسر للقوة. وسنأخذ حقنا». وأضاف: «وثيقة المصالحة التي وقعنا عليها مع سعد الحريري باتت حبرا على ورق. ولن نقبل بأقل من قانون عادل ينصف الطائفة العلوية. قانون الانتخاب جائر ولن نقبل به. بقي للانتخابات أكثر من شهر، وبمقدورهم أن يعملوا اتفاق دوحة آخر، في أيام قليلة، ينصف العلويين، ويعطيهم حقهم كما الطوائف الأخرى». وجدير بالذكر أن جبل محسن ذا الغالبية العلوية الذي يسيطر عليه الحزب العربي، يعتبر انتخابيا جزءا من دائرة طرابلس، ذات الغالبية السنية. ويطالب عيد بفصل الجبل انتخابيا كي يتمكن من إيصال مرشحه بأصوات علوية. وهناك مقعد علوي ثان عن منطقة عكار الشمالية. ويعلق عيد قائلا: «لقد رشحوا لنا في عكار شخصا لا نعرف من أين أتوا به؟ ولا نعرف له اسما، وسكتنا. وها هم يعيدون الكرة، وليس لنا إلا هذين المقعدين، لذلك لن نسكت، سنصعد ضد الحكومة وسنسقطها إن اقتضى الأمر، ولنا طرقنا». وإذ نسأل عن الوسائل التي سيستخدمونها يقول ضاحكا: «هذا لن نبوح به، لكننا حين ننتفض هذه المرة، لن يكون الجبل وحده، فناسنا موجودون في عكار والمتن وبيروت وحتى في الغجر على الحدود الجنوبية».

وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع نائب طرابلس مصطفى علوش عن كتلة تيار المستقبل قال: «رفعت علي عيد يعتبر أنه وحده من يمثل الجبل. وهذا غير صحيح، ففي الانتخابات الماضية نال 1200 صوت فقط، ونحن حريصون على أن تمثل الطائفة العلوية خير تمثيل، ونختار على لوائحنا من يتماشى مع خطنا السياسي. ولسنا بوارد وضع جواسيس للنظام السوري على لوائحنا.

قانون الانتخاب يعرفه الجميع وهو لا يقر أن تنتخب كل طائفة ممثليها بمفردها. والموضوع الآن بيد الجيش والقوى الأمنية التي عليها أن تضبط الوضع، وكل ما نملكه من ناحيتنا، هو أن نطلب من مناصرينا في باب التبانة أن لا يسهموا في زيادة التوتر». وعن وثيقة المصالحة مع جبل محسن التي يعتبر عيد أن تيار المستقبل لم يلتزم بها يقول علوش: «وقعت الوثيقة لوقف القتال. وكنت موجودا يومها وطالب عيد بتعهد انتخابي، فقيل له هذا أمر آخر، ولا مجال لوعد من هذا النوع». واتصلت «الشرق الأوسط» بمفتي طرابلس والشمال مالك الشعار، فارتأى «أن نتريث في الأمر.. الوضع يحتاج حكمة لنزع فتيل هذه الفتنة، فبيني وبين الطائفة العلوية علاقات وزيارات لم تحدث بينهم وبين أي أحد من المرجعيات من قبل. وكنت السبب المباشر في إيجاد المجلس الإسلامي الشيعي، وهذا حقهم أعطي لهم. ونتمنى أن نجد مخرجا من المشكلة الطارئة الآن».

عضو المجلس البلدي عن منطقة باب التبانة أحمد المرج، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن نزوح على خطوط التماس، وتخوف من قبل الأهالي، وحرق دواليب وقطع طرقات وتظاهر، قام به أهالي الجبل فور الإعلان عن لائحة طرابلس، وأن الجو لا يزال متوترا. والأهالي يتحسبون أن يبقى الوضع متأزما إلى ما بعد الانتخابات. لكنه قال مستطردا: «نحن لا نتوقع أن تنفجر الأمور بشكل كبير، لأن لا قرار سياسيا بذلك، ويرجح أن يبقى الوضع يراوح مكانه».

جدير بالذكر أن أكثر من مشكلة أمنية أثارها الإعلان عن لوائح 14 آذار للانتخابات النيابية في الشمال اللبناني.

وما بين النزاعات العائلية والحساسيات الطائفية، تم الإعلان عن لوائح 14 آذار في الشمال اللبناني وسط توترات شديدة، سويت، أو في طريقها إلى التسوية. وتبقى عقدة جبل محسن عالقة وتهدد بأن تستمر طويلا، لما لها من جذور تاريخية وامتدادات طائفية، ولارتباطها بنزاع مسلح عمره أكثر من ربع قرن، يخشى انفجاره من جديد في أي لحظة.