الصحف البريطانية تصبغ ميزانية العام الجديد بألوان قاتمة

في ظل رفع الضرائب والتضييق على الإنفاق العام

TT

«على الأقل فإن الطقس مشمس!»، هذا هو الشيء الإيجابي الوحيد الذي استطاعت صحيفة الـ«صن» الشعبية البريطانية طمأنة القراء به صباح أمس، حيث طغت على كافة وسائل الإعلام ما يمكن وصفه بتغطية «قاتمة النكهة» بسبب إعلان وزير المالية البريطانية، أليستر دارلينغ، لميزانية عام 2009.. وهو الحدث الذي كان ينتظره الشعب البريطاني كافة، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية الدولية الراهنة.

فقد ركزت الصحف على ما تضمنته الميزانية من التضييق على الإنفاق العام وتشديد الضرائب على الأغنياء ذوي الدخول المرتفعة، حيث يدفع من يحصلون على أكثر من 150 ألف جنيه إسترليني ضريبة قدرها 50% من دخلهم، في حين تم رفع الضرائب على البنزين والمشروبات الروحية والسجائر.

وفي حين اختارت الـ«صن» هذا العنوان مع صورة لمجموعة من الناس يتشمسون على أحد الشواطئ البريطانية، ذهبت صحيفة «مترو» المجانية إلى أسلوب أكثر مباشرة في نقل الأخبار السيئة، فلم تجد حرجا في جعل خلفية صفحتها الأولى سوداء اللون، خصوصا أنها وصفت كلمة الوزير بأنها «الأقتم في التاريخ الذي يمكن تذكره»، واختارت صورة من جلسة إعلان الميزانية يظهر فيها رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون يربت على كتف وزير ماليته مع عنوان يقول «إلى أن يفرق الدين بيننا» (لعب على الكلام مقتبس من عبارة «إلى أن يفرق الموت بيننا» التي تقال في مراسم الزواج المسيحية).

ولم تخلُ عناوين الصحف وصفحاتها الأولى من انتقادات صريحة لوزير المالية، ولعل أطرفها كان عنوان صحيفة «ديلي ميل» البريطانية التي اختارت أن تقول «أليستر في بلاد العجائب» (لعب على الكلام مبني على قصة «أليس في بلاد العجائب» الشهيرة)، منتقدة قضم دارلينغ للإنفاق العام وضربه لأصحاب المداخيل المرتفعة، وإنهاءه حلم العودة السريعة للنمو الاقتصادي.

صحيفة «ذي اندبندينت» من جهتها، ركزت على ما وصفته بـ«اختراق» دارلينغ لتعهدات حزب «العمال الجدد» (الذي بدأ مع رئيس الوزراء العمالي السابق توني بلير)، بعدم رفع ضريبة الدخل على الأغنياء فوق خانة الـ40 بنسا (لكل جنيه أو 40%).

وإن كان لدى دارلينغ أي أمل أن يتذكر أي من محرري الصحف البريطانية المثل الذي يقول «ما أضيق الحياة لولا فسحة الأمل»، فيقوم أحدهم بالتركيز على ما ذكره في كلمته بأنه يتوقع عودة الانتعاش عام 2010، فقد دمرت صحيفة «ذا غارديان»، تلك الآمال؛ حيث عنونت بالقول «اعتصار دارلينغ الرهيب»، وأوردت الأخيرة تحذيرا صادرا عن صندوق النقد الدولي لبريطانيا باستمرار الركود خلال العام المقبل. وتقول الجريدة إن تحذير صندوق النقد الذي يستند إلى تراجع إنفاق المستهلكين يتعارض مع توقعات وزير المالية البريطاني أليستر دارلينغ بأن يشهد عام 2010 عودة الانتعاش.

وفي ظل غياب «فسحة الأمل» وسطوع الشمس كما ذكرت «الصن»، إضافة إلى وصول عدد العاطلين عن العمل إلى مليوني شخص (وهو الرقم الأعلى منذ 12 عاما).. قد لا يكون أمام البريطانيين سوى الاستمتاع بالأيام المشمسة القليلة المقبلة، فإن كانت ميزانية دارلينغ ستعتصر جيوبهم.. فلا يجب أن يسمحوا لها بأن تعتصر قلوبهم.