تحذير من الإفراط في استخدام المبيدات واتهام المزارعين بنقص الوعي البيئي

أمانة الشرقية تبدي قلقها من وجود بقايا خطرة منها في المنتجات الزراعية

بائع في سوق الخضار بالدمام («الشرق الأوسط»)
TT

أبدت أمانة المنطقة الشرقية مخاوفها من وجود عوالق من المبيدات الحشرية في المنتجات الزراعية التي يجري تداولها في الأسواق المحلية، وقالت إنها تراقب عن كثب منتجات يجري بيعها في الأسواق كإجراء احترازي تحسباً من وجود آثار لمبيدات حشرية، لكنها لم تؤكد عثورها على منتجات ملوثة. وقال الدكتور خليفة السعد مدير عام صحة البيئة بأمانة المنطقة الشرقية إن هناك مخاوف من وجود مبيدات حشرية في المحاصيل الزراعية مصدرها بشكل أكبر منتجات زراعية وطنية وليس المنتجات المستوردة، وعلل هذه المخاوف بنقص الوعي لدى المزارعين بالطريقة السليمة في التعامل مع المبيدات الحشرية. وقال الدكتور السعد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الأمانة بصدد إنشاء مختبر مرجعي يوفر خدمة فحص متبقيات المبيدات الحشرية في المنتجات الزراعية والحيوانية ويخدم 26 بلدية في المنطقة الشرقية. مضيفا أن هذه الخطوة تأتي من تقدير الأمانة لخطورة وجود مثل هذه المبيدات على صحة الإنسان. وأوضح أن المختبر يحوي أجهزة حديثة من نوعGC mass، وقال إنّ البلدية تعمل على معايرة واختبار أنواع المبيدات الحشرية المتوفرة في السوق السعودية بهدف ضبط الكميات المسموح بوجودها في المنتجات الزراعية، إذ إن الكميات المسموح بها تختلف بحسب نوع المبيد، وقال إن الانتهاء من المعايرة سيتم خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وأكد السعد خلو السوق السعودية من المبيدات الممنوعة دولياً وقال إن المشكلة تقتصر في ضعف وعي المزارعين بالطريقة الآمنة للتعامل مع هذه المبيدات وسوء استخدامهم لها، موضحاً بأن الرقابة على المزارعين ومدى التزامهم بفترة التحريم بعد رش المبيدات هو من اختصاص وزارة الزراعة وأن البلدية مسؤولة عن رقابة المزروعات بعد وصولها إلى السوق فقط لتحديد مدى وجود نسبة غير مسموح بها من المبيدات. وقال السعد إن «مما يصعب الرقابة على المزارعين وتنظيم أمور رش المبيدات في المزارع وجود المزارع الفردية والشخصية وعدم وجود الجمعيات المشرفة على المزارعين». وذكر السعد أن الأمانة تتجة حالياً للتقليل من اعتماد المزارعين على المبيدات الحشرية من خلال استكشاف البؤر الحشرية والقضاء على الحشرات في بؤرها بهدف التقليل من اعتماد المزارعين على رش المبيدات. ونوّه إلى أن الأمانة لديها لوائح وأنظمة لمعاقبة أصحاب البضائع التي تحوي كمية غير مسموح بها من المبيدات وهي ترفع لوزارة الزراعة لمتابعة مصدر المنتجات الزراعية المخالفة. وتشكل المبيدات الحشرية التي يستخدمها المزارعون للقضاء على الآفات الزراعية، بحسب المختصين، خطراً يهدد صحة الإنسان إذا ما أسيء استخدامها واستخدمت بكميات كبيرة، ويضطر المزارعون إلى استخدام المبيدات لمكافحة الحشرات والآفات التي تقلل من جودة وكمية الثمار وتؤدي إلى سرعة تلفها. ويرى بعض المختصين أن لجوء المزارعين إلى الرش لا يأتي بهدف المحافظة على الزرع فحسب بل يتعداه إلى أهداف مادية لزيادة الربح من خلال الإبقاء على الثمار صالحة لأطول وقت ممكن أثناء عرضها للبيع. ويقابل هذه الرغبة لدى بعض المزارعين والتجار قلة وعي المستهلكين الذين لا يدركون أن طول بقاء المنتج من دون أن يتلف قد لا يكون دليلاً على جودة المنتج بقدر ما يدل على كثرة استخدام المبيد الذي يمنع الجراثيم من إفساده. ويقول المهندس عبد الله الشايب مدير مركز أبحاث النخلة في الأحساء إن استخدام المبيدات كان ولا يزال منشأ الإخلال بالتوازن البيئي بالرغم من إيجابية القضاء على الآفات، مطالباً الجهات المسؤولة بالالتفات إلى أهمية التوازن خلال استخدام المبيدات ومكافحة الحشرات لتجنب القضاء على الحشرات المهمة في تلقيح النباتات والتي تشكل ما يزيد على نسبة 10 % من نسبة التلقيح لدى النباتات منبهاً إلى الالتفات إلى أهمية التوازن في المعالجة لكي لا يختل التوازن البيئي من جهة أخرى لم تكن بالحسبان ما يؤدي إلى ضعف الإثمار في أنواع أخرى من النباتات. أما الدكتور أحمد اللويم أستاذ الأحياء الدقيقة في جامعة الملك فيصل فيرى أن المبيدات لا تشكل مشكلة في حدّ ذاتها إذ إنها تستخدم أساساً للقضاء على الآفات الزراعية، ولكن المشكلة تكمن في طريقة استعمال المبيدات. ويضيف بأن المبيدات تأتي في الغالب على شكل مسحوق يحتاج إلى تحضير يحتاج إلى الوعي بكيفية ونسب تحضيره لكي لا يتسبب بالأضرار بصحة المزارع أو يتسرب المبيد إلى البيئة والنباتات وبالتالي دخولها في السلسلة الغذائية للإنسان. وذكر اللويم أنّ بعض المزارعين قد يزيدون من تركيز المبيد ليضمنوا بقاء منتجهم في حالة جيدة لأطول وقت ممكن، كما أن بعض المزارعين قد يخلط غذاء الحيوان ببعض المبيدات بهدف التقليل من تكلفة العلاج ما يؤدي إلى دخول المبيدات في غذاء الإنسان. وقال اللويم إن الآثار السلبية لوجود المبيدات في غذاء الإنسان متعددة وقد يؤثر بعض المبيدات في الجهاز العصبي لدرجة قد تصل إلى الشلل كما في المبيدات العضوية الفسفورية وهي مبيدات تستخدم في رش المزروعات والحيوانات الكبيرة للقضاء على الفطريات الجلدية. وأضاف أن لهذا النوع من المبيدات آثار أخرى تتمثل في إضعاف جهاز المناعة لدى الإنسان وزيادة قابلية الخلايا للتحوّل إلى خلايا سرطانية خصوصاً إذا وجدت في الحليب واللحوم الحيوانية. وأشار إلى أن هذه المبيدات تستخدم بشكل واسع في المملكة ودعا المزارعين إلى الوعي بالأساليب المناسبة لاستخدامها. وشدد الدكتور يحيى حسين المختص في السموم والمبيدات في كلية الزراعة بجامعة الملك فيصل على خطورة المبيد من نوع DDT)) المحظور عالمياً، وقال إنّ هذا المبيد ممنوع أيضاً في المملكة وهو غير متوفر في الأسواق إلا أنّ بعض المزارعين يقومون بتحضير أنواع من المبيدات تحتوي على نسبة منه. وذكر حسين أن هذا المبيد منع من التداول في الولايات المتحدة منذ عام 1973 ولكن آثاره ستبقى في البيئة الأميركية حتى عام 2022. وحذّر من الاستخدام الخاطئ للمبيد من نوع «ديكو فول» إذ إنه يعد من المبيدات المسرطنة التي تستخدم في رش البرسيم وتدخل في السلسلة الغذائية للإنسان بتناوله لحليب الأبقار، وأكّد حسين على أن المزارعين ليس لديهم الوعي الكافي بخطورة هذه المبيدات وبالطريقة الآمنة في التعامل معها وقال إنّ هذه المعلومات يقتصر إدراكها على المختصين وحدهم.