طالبان باكستان تنسحب من بونير وتوقف تقدمها نحو اسلام أباد

الجنرال كياني: لا تنازل للمسلحين وقادرون على هزيمة الإرهاب.. ولن نسمح لهم بفرض أجندتهم على المجتمع

أحد عناصر طالبان باكستان في طريق الانسحاب من بونير (أ. ف.ب)
TT

أعلن متحدث باسم طالبان الباكستانية أمس أن قائد الحركة أمر مقاتليها بالانسحاب من منطقة بونير وسط مخاوف الولايات المتحدة وإسلام أباد من تقدم الإسلاميين صوب العاصمة الباكستانية. وقال مسلم خان المتحدث باسم طالبان الباكستانية: «أمر زعيمنا بضرورة انسحاب طالبان من بونير فورا». وينتمي خان إلى فصيل من طالبان يقوده مولانا فضل الله الذي يتخذ من وادي سوات معقلا له وهي المنطقة التي وافقت الحكومة الباكستانية على تطبيق الشريعة الإسلامية فيها. وهاجم مسلحون مجهولون قوات أمن باكستانية أرسلت أول من أمس إلى منطقة بونير التي سيطرت عليها طالبان والتي لا تبعد كثيرا عن العاصمة إسلام أباد. وأدى تصاعد العنف في أنحاء باكستان واتساع نفوذ طالبان في شمال غرب البلاد إلى إحياء مخاوف بشأن استقرار باكستان المسلحة نوويا والتي تمثل عنصرا حيويا في الجهود الأميركية لتحقيق الاستقرار في أفغانستان المجاورة. وبعد إخفاق باكستان في القضاء على طالبان بالقوة وافق الرئيس آصف علي زرداري الأسبوع الماضي على تطبيق الشريعة الإسلامية في وادي سوات والمناطق المتاخمة على الرغم من انتقادات من دول غربية وقوى ليبرالية وجماعات لحقوق الإنسان في باكستان. وقال البيت الأبيض الأميركي أول من أمس إن الولايات المتحدة «قلقة بدرجة بالغة», بشأن الوضع الأمني في باكستان. وجاء ذلك بعد يوم من قول واشنطن إن إسلام اباد أذعنت للمتشددين في منطقة وادي سوات.

من جهته حذر رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني أمس مسلحي طالبان من أن انتهاك اتفاق سلام عقد في إقليم سوات في شمال غرب البلاد سوف يجبر الحكومة على التحرك ضدهم.

جاء التحذير مع زيادة أميركا ضغوطها على الدولة النووية لمواجهة المسلحين شديدي الجرأة بدلا من التخلي عن المزيد من الأراضي للمتمردين. وقال جيلاني للنواب في البرلمان أول من أمس «أود طمأنتكم إلى أننا يمكن أن نعيد النظر في سياستنا.. إذا، انتهكوا الاتفاق، لا قدر الله». وأضاف أن الحكومة سوف ترفض أي قرار يمس المصلحة الوطنية «إننا لسنا دمى». وفيما تحدث رئيس الوزراء من العاصمة إسلام أباد، عقد رئيس وزراء الإقليم أمير حيدر خان هوتي مشاورات مع الأحزاب السياسية حول كيفية التعامل مع الزحف الذي يقوم به مسلحو سوات والذين امتنعوا عن إلقاء أسلحتهم. وكان مقاتلو طالبان اجتاحوا منطقة بونير المتاخمة لسوات 100 كلم شمال غرب إسلام أباد كما قاموا بالتسلل إلى منطقة شانجلا المجاورة. وعلى الصعيد نفسه، قال رئيس أركان الجيش الجنرال اشفاق برويز كياني أمس خلال اجتماع عقد في مقر الجيش بمدينة راوالبيندي: «لا يجب النظر إلى توقف العملية العسكرية على أنه تنازل للمسلحين، حيث يجب أن نعطي فرصة لهؤلاء الذين يسعون وراء الحوار». وأضاف: «الجيش قادر تماما على هزيمة الإرهاب وإنهاء عمليات الاقتتال بمساعدة الشعب الباكستاني، ولن نسمح للمسلحين أن يقوموا بفرض أجندتهم على الحكومة والمجتمع». وفي الوقت نفسه، تبحث الحكومة مقترحا لدعوة جميع الأحزاب لحضور مؤتمر يهدف إلى مناقشة استراتيجية قومية للتعامل مع عمليات الاقتتال. وسوف يتم دعوة جميع الأحزاب السياسية للمشاركة في المؤتمر، الذي اقترحه رئيس الوزراء السابق نواز شريف. وكان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري وافق الأسبوع الماضي على قانون الشريعة الإسلامية في ثلث إقليم الحدود الشمالية الغربية تقريبا، بعد شهرين من وساطة رجل دين متشدد للتوصل لاتفاق سلام بين المتمردين وحكومة الإقليم. ووافقت الحكومة وفق الاتفاق على إقامة محاكم إسلامية في منطقة مالاكاند التي تضم وادي سوات، في مقابل إنهاء التمرد الذي دام عدة أشهر وأسفر عن مقتل المئات. وفي واشنطن أعربت الولايات المتحدة عن قلقها المتزايد إزاء تقدم حركة طالبان الأصولية في باكستان. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبس إن «الأنباء التي وردت في الأيام الأخيرة مثيرة للقلق بشكل كبير» وأكد أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يخصص «وقتا كبيرا» لهذه المسألة. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في عددها الصادر أمس أن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس وجه تحذيرا شديد اللهجة للحكومة في إسلام اباد. وأضافت الصحيفة أن الوزير الأميركي حذر من أن استقرار باكستان من العناصر الحاسمة في العلاقات بين الولايات المتحدة والحكومة الباكستانية.