علاوي: الإدارة الأميركية تحاورت مع بعثيين من جناح الدوري.. وجناح «الأحمد» شارك في الانتخابات

رئيس الوزراء العراقي الأسبق لـ«الشرق الأوسط»: السعودية تشكل عمقنا العربي والإسلامي الذي لا يمكننا التنازل عنه

إياد علاوي أثناء حديثه لـ «الشرق الأوسط» (تصوير: حاتم عويضة)
TT

كشف الدكتور إياد علاوي، أول رئيس للحكومة العراقية بعد تغيير نظام صدام حسين، ورئيس القائمة العراقية الوطنية، عن وجود حوار «حاليا» بين الإدارة الأميركية وحزب «البعث» المنحل والمقاومة العراقية، وقال، «هذه المعلومات من مصادر موثوقة ومهمة، وهذا الحوار كان قد بدأ من خلالي، لكنني اليوم لست طرفا فيه»، مشيرا إلى أن «هناك بعثيين شاركوا في الترشيح لمجالس المحافظات، ولكن بأسماء أخرى غير حزب البعث».

وشجب علاوي الحملة الإعلامية التي شنتها أطراف في العراق، ضد المملكة العربية السعودية، وقال، إن «السعودية دعمت المعارضة العراقية وساعدت العراقيين ولا تزال، بل واحتضنت شخصيات عراقية كانت معارضة، هي ذاتها التي تهاجم السعودية اليوم»، مشيرا إلى أن «خادم الحرمين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، يحرص على العراق والعراقيين، مثلما يحرص على السعودية والسعوديين». وهاجم الأمين العام لحركة الوفاق الوطني في حوار خص به «الشرق الأوسط» خلال وجوده القصير في لندن، الأداء الحكومي وسياسة عدم الثقة بين الحكومة المركزية والأكراد، «الذين قد رفعوا شعارا خلال الثورة الكردية، يقول الديمقراطية للعراقيين والحكم الذاتي للأكراد»، كما هاجم بشدة سياسة الإدارة الأميركية السابقة برئاسة جورج بوش، التي وصفها بأنها «دفعت العراق والعالم لأن يدفعا الثمن غاليا نتيجة فشلها». وفيما يلي نص الحوار:

* من الخاسر ومن الرابح في العملية السياسية العراقية؟

ـ الخاسر هو الشعب العراقي بالتأكيد، وخسارته كبيرة، والسبب هو عدم توازن العملية السياسية منذ بدايتها، عندما تم تفكيك الدولة ومؤسساتها ووضع العراق بعد الحرب مباشرة على طريق المحاصصة الطائفية السياسية، وعندما شرعت الأبواب على من أراد الدخول، إما لإيذاء الشعب العراقي أو لضرب المواقع الأميركية في العراق، أدت هذه الخطايا التي ارتكبتها الإدارة الأميركية إلى فراغ كبير في العملية السياسية واختلال التوازن فيها، وبالنتيجة أدى ذلك إلى خسارة كبيرة للشعب العراقي، حتى إذا تخيل البعض أنهم حققوا بعض الربح، عن طريق وصولهم إلى مواقع في السلطة، على سبيل المثال، فهذا هو خسارة أيضا.

* ألا تضعون أنفسكم، كقائمة عراقية، في خانة الخاسرين خاصة بعد انسحابكم من الحكومة؟

ـ هذا يعتمد على النظرة في احتساب الخسارة والربح، إذا كانت الخسارة تعني خسارة مواقع وزارية، فأساسا وزراؤنا (القائمة العراقية) لم تكن لهم مواقع مؤثرة، حيث إن مشاريع الإصلاح السياسي، التي تقدمت بها قائمتنا إلى الحكومة العراقية، جوبهت بالسكوت والإغفال، وحتى عندما علقنا حضورنا في مجلس الوزراء، بسبب عدم الإجابة على مشاريع الإصلاح السياسي وبعد مضي تسعة أشهر، وكانت تتضمن 14 نقطة، أيضا جوبهنا بالسكوت التام من قبل الحكومة، وهذا دليل على أن وجودنا في الوزارة غير فاعل وليس له تأثير. وعلى عكس ما قيل عن أن الحكومة هي حكومة وحدة وطنية، فقد أثبتت مسألة عدم الإجابة على الملاحظات، التي طرحناها وعدم الدخول في حوار مع القائمة العراقية، أن تسمية الحكومة الوطنية لا تعدو كونها شعارات وإعلانات لا علاقة لها بالواقع، وعندما علقنا مشاركتنا في الوزارة، صار تأثير على بعض الوزراء من قائمتنا وبقوا في الوزارة، ولم يعودوا أعضاء في القائمة العراقية بالتأكيد، وإلا كان الأحرى بالحكومة وبالأخ رئيس الوزراء (نوري المالكي) الدخول معنا في حوار، أو الاعتراف بأخطاء الحكومة. الغريب في الأمر أن ما طرحناه من ملاحظات على الحكومة، بدأ رئيسها الآن يتحدث به ويتبناه، باعتبارها طروحاتهم، سواء فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية، والتعديلات الدستورية واحترام القضاء والقانون وبناء دولة المؤسسات أو فتح قنوات الحوار مع عموم الشعب العراقي، هذه النقاط كانت من جملة ما طالبنا به، والآن الحكومة تتحدث بهذه النقاط. حتى أن قائمة دولة القانون (رئيسها المالكي) طرحت في انتخابات مجالس المحافظات شعار دولة المؤسسات واحترام القانون، وكان هذا شعارنا المركزي ولا يزال.

* كيف تنظرون اليوم إلى ممارسات الحكومة العراقية؟

- هناك اصطفافات طائفية وخرق للقانون وتهميش وملاحقة للعناصر المهمشة، تماما مثلما كان يحدث في النظام السابق، هناك خلل وخلل كبير في الأداء، لو نأخذ مثلا موضوع الأكراد، فعندما كنت طالبا في الكلية الطبية وعضوا في حزب البعث، حيث نؤمن بالتيار العروبي، وهو التيار الذي كان مسيطرا على العراق وقتذاك، ومن هذا المنطلق القومي حاربنا الأكراد، حتى انتهينا سنة 1970 إلى أن نعترف بالحقوق القومية للأكراد في العراق من خلال بيان 11(آذار)، وذلك بعد مفاوضات وحروب دامت عقودا، واضطررنا إلى أن نتعامل مع الموضوع من منطلق الشعب الواحد، وان ننتقل إلى المنطق العقلاني في التعامل مع القضية الكردية، لهذا عندما أرى اليوم الأخطاء، وبغض النظر عمن يحكم العراق سواء حزب المالكي أو غيره، بسبب عدم توازن العملية السياسية، وبغياب هذا التوازن لن يستقر العراق. وللتأكيد على ما أذهب إليه هو أن جهتين سياسيتين تبنتا وثيقة الإصلاح السياسي، التي كانت ضمن شروط الموافقة على المعاهدة الأمنية بين العراق والإدارة الأميركية، نحن، القائمة العراقية والحزب الإسلامي العراقي، وقلنا، إن هذه المعاهدة يجب أن تقترن بإصلاح سياسي حقيقي وباستفتاء شعبي وصوت البرلمان بالإجماع على المعاهدة، هذا دليل على أن القوى السياسية الموجودة في البرلمان، ناهيك عن القوى غير الموجودة في البرلمان، تتطلع إلى الإصلاح السياسي، فلربما أن هناك تفسيرات مختلفة لموضوع الإصلاح السياسي، وبغض النظر عن هذه التفسيرات، فما لم نخرج من المحاصصة الطائفية، وما لم نؤسس عراقا لكل العراقيين، وما لم نؤسس دولة القانون، الدولة التي لا تلجأ إلى الثأر والانتقام، وإنما تحترم كل العراقيين، فلن يستقر العراق نهائيا.

* تحدثتم عن العلاقة بين الحكومة المركزية والأكراد، هل تتوقعون أن تصل الأمور بينهما إلى حد المواجهة العسكرية؟

- في الأساس لم يتبق في العراق جيوش حتى تتصارع وتتقاتل، ليس مثلما كان يحدث في السابق، حيث كان هناك جيش عراقي وقوات بيشمركة كردية، الآن قوات البيشمركة هي جزء من المؤسسة السياسية العراقية، حسبما يؤكده الدستور، والجيش العراقي لم يعد يملك الأسلحة التي يستطيع القتال بها، لهذا أنا اعتقد أن الأمر لا يتعدى انعكاسا لخلل في العملية السياسية نفسها، ولطريقة إدارة الدولة، واهم ما نفتقد له في جانب العلاقات بين الحكومة المركزية والأكراد هو عنصر الثقة والاطمئنان، هذا للأسف غير متوفر، ولهذا فالتوتر سوف يستمر، وهذه الثقة لن تتوافر إلا من خلال بناء عملية سياسية حقيقية ايجابية، تحتضن كل العراقيين وننطلق للعمل مع بعضنا بعضا، كأبناء شعب واحد، أما أن نقول هذا كردي وذاك عربي وهذا تركماني ومسيحي ومسلم، فهذا غير مفيد للعملية السياسية، نحن كلنا عراقيون، ومثلما قلت آنفا، نحن في الماضي ضربنا الأكراد باسم العروبة وباسم الوطن وباسم القومية، واكتشفنا خطأ هذه المواجهة وجلسنا وتحاورنا مع القادة الأكراد، حيث كان وقتذاك المرحوم ملا مصطفى بارزاني، كقائد عن الثورة الكردية، ويقود الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحاورنا منذ عام 1967 وقبل انقلاب 17 تموز 1968 ، واستمرت المفاوضات بعد هذا التاريخ، وأتت بنتائجها في بيان آذار 1970، الذي التف عليه صدام حسين وبعض البعثيين الآخرين، الذين كانوا في قمة الحكم لضرب الاتفاقية، لكن المهم أن القوميين والقوات المسلحة وصلوا إلى نتيجة أن المعارك مع الأكراد لم تجد نفعا، والحل الأوحد والممكن هو الحوار مع الأكراد لتصفية وتنقية الأجواء، وهذا ما حصل عبر مفاوضات عسيرة وصريحة، حتى تمخضت عن تشكيل محافظة كردية جديدة هي دهوك التي كانت قضاء، وكانت ضمن منطقة الحكم الذاتي، وكان شعار الحزب الديمقراطي الكردستاني حين ذاك، شعارا وطنيا واضحا، وهو: الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان، لهذا العودة الآن إلى الحرب مستبعدة بسبب عدم توفر عناصرها، والوضع السياسي لا يسمح، وهذا التصعيد هو انعكاس لحالة غير صحية في الإدارة والتعامل مع هذا الموضوع، ويبدو لي للأسف أن القضية صارت تُسيس، نحن لسنا في معركة مع الأخوة الأكراد الآن، نحن في معركة مفادها، إما أن يكون العراق أو لا يكون، معركتنا ليست مع الأكراد ولا مع الصحوة ولا مع السنة ولا مع الشيعة ولا مع المسيحيين، هل يكون عراق وفق عملية سياسية متوازنة شاملة لكل العراقيين ولا تستثني إلا القتلة والإرهابيين، هذا هو جوهر الموضوع، ثم أن العراق تقوده اليوم قيادة رباعية، لا تسمح بقيام مواجهة عسكرية مع الأكراد، وهذه القيادة هي حزب الدعوة والمجلس الإسلامي الأعلى والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وهذه الأحزاب الأربعة قادت عملية الدستور، بالنسبة للأخ مسعود بارزاني ذهبنا إليه في صلاح الدين أنا و(زلماي) خليلزاد، عندما كان سفيرا للولايات المتحدة في العراق، لإقناع بارزاني بموضوع التعديلات الدستورية، وان يبقى هذا الموضوع مفتوحا، ووافق الرجل بعد ساعة من النقاش وهذا دليل على أن بارزاني، كقائد كردي ليس عنده شيء مضمور أو مخبأ بل كان ولا يزال واضحا، وعندما اتفقنا انتهى الموضوع، ولم يكن هناك سوانا نحن الثلاثة، لان الأخ بارزاني اعتمد على موضوع الثقة في هذا الاتفاق، وليس على اتفاق مكتوب أو تواقيع، على الرغم من أني كنت وقتذاك خارج السلطة. علينا أن نقر بأن الأخطاء في القضية الكردية ليست فقط من قبل الحكومة، بل هناك أخطاء يتحملها الجانب الكردي، لكن تبقى الحكومة المركزية، أو الاتحادية، هي الراعية لكل العراقيين، وما نريده أن هذه لقضية، سواء ببعدها الكردي أو الوطني أو الإقليمي أو الدولي أن تتوازن وتقوم على حسن النوايا.

* يتردد باستمرار موضوع المصالحة الوطنية، ترى المصالحة بين من ومع من؟

- هذا المصطلح بدأ نتيجة الإقصاء والتهميش، ونتيجة مواقف الإدارة الأميركية غير الواضحة، التي اعتمدت سياسة الفرقة في العراق. المصالحة يجب أن تتم بين المتخاصمين، فإذا قلنا مثلا، إن المصالحة يجب أن تتم مع الصدريين، والصدريون نوعان، مثلما هو موجود في كل الأحزاب والمجتمعات، هناك عناصر جيدة وهناك حفنة من المسيئين، حتى في حركة الوفاق، فالتيار الصدري يبقى موجودا مثل بقية التيارات في المجتمع العراقي، أنا لا أتحدث عن جيش المهدي بل عن التيار السياسي، وهذا التيار وحسب تصريحات قياداته، فإن رموزهم تعتقل وقسما منهم فار، وقياديون في التيار تحدثوا إلينا عن ذلك، وهذه الجهة (التيار الصدري) يجب أن تكون هدفا للمصالحة، وذلك عن طريق إطلاق سراح المعتقلين غير المتورطين في جرائم بحق العراقيين. والآن هناك مشاكل مع المجلس الأعلى ومع جبهة التوافق، ومشكلة بدأت مع الصحوات، فعندما نقول مصالحة فيجب أن تتم مع هؤلاء جميعا، وان توضع الأسس والمعايير التالية: تقديم المسيء إلى القضاء، سواء كان من الصحوة أو من الصدريين أو من العسكريين أوالبعثيين السابقين، ومن بقية الأحزاب الأخرى، أما البريء فيجب أن تستمر حياته بشكل اعتيادي، وان يكون هناك قضاء عادل مستقل، له الكلمة النهائية في هذا الأمر، وألا يُسيس القضاء كما هو الآن، وان ننطلق من مسألة مسلمة ومهمة، وهي أن أي جهة في العراق لن تنفرد وحدها بحكم البلاد، أية جهة سياسية كانت أو اثنية أو دينية مذهبية فلن تستطيع بمفردها، ومهما بلغت من القوة ومهما أوتي لها من الدعم من أن تحكم العراق بمفردها، هذه المنطلقات هي الأساسية في مبدأ المصالحة الوطنية، وهذه كلها تحتاج إلى قرارات سياسية تنفيذية تقدم عليها السلطة في البلد ولا تحتاج إلى مؤتمرات واجتماعات، حين ذاك سيعود أبناء العراق إلى وطنهم. فالمواطن اللاجئ في سورية مثلا ويعرف نفسه انه بريء ولم يرتكب أي ذنب بحق العراقيين، سوى انه منتم إلى حزب البعث قسرا أو إيمانا، ومطارد لكونه بعثيا فقط، فمن المؤكد انه سيعود مع تطبيق المبادئ التي ذكرتها، والموضوع ينطبق على المنتمين للتيار الصدري أو الصحوة أو أي حزب آخر. المصالحة هي ليست شعارا وإنما هي ممارسة ويجب أن تكون ممارسة وطنية حقيقية. وللأسف موضوع المصالحة تحول إلى شعار للاستهلاك المحلي ليس إلا، وحتى الآن لم نلمس أي إجراء يعني بمعاملة اللاجئين السياسيين العراقيين الموجودين في الخارج، ولم نلمس أي إجراء حول التعامل في موضوع الجيش العراقي، أو إطلاق سراح الأبرياء، بل أني وحسبما سمعت في الأخبار أن المعتقلين الذين تطلق القوات الأميركية سراحهم تلاحقهم القوات الأمنية العراقية، كيف يمكن أن نفسر ذلك؟ هناك موضوع الصحوات الذين كانوا حتى ثلاثة أشهر ماضية وطنيين، وقاتلوا القاعدة، وكانت أطراف حكومية تفتخر بهم وتتحدث باسمهم، وفجأة أصبحت الصحوات في نظر الحكومة خارجين عن القانون ويهددون أمن البلد، هل انتهت الحاجة إليهم، أم ماذا؟ وهناك مسألة مهمة وهي عدم إخراج الحدث العراقي عن التأثيرات الإقليمية والدولية، فيما يتعلق بمسألة التهميش والإقصاء، ومن استهل هذه العملية هي الإدارة الأميركية، هم من أوجدوا قانون اجتثاث البعث مع بعض العراقيين قبل الحرب، وبالضبط سنة 1999 أو 2000، حيث اصدر الكونغرس الأميركي وبدعوة من بعض العراقيين قانون اجتثاث البعث، وهو قانون أميركي، والإدارة الأميركية السابقة نفذته في العراق، كما نفذت المشروع الطائفي السياسي وقسمت الوضع السياسي العراقي على أسس طائفية وعرقية وجهوية سياسية، ونحن اليوم ندفع ثمن السياسة الأميركية وبدعم من قوى عراقية. وتحول العراق إلى مسرح للتأثيرات الإقليمية بشكل غير مقبول، ولا يساهم في استتباب الأمن لا في العراق ولا في المنطقة.

* ماذا تفسر الحملة الإعلامية التي شنتها أطراف في العراق على المملكة العربية السعودية؟

- بصراحة وبكل وضوح أذكر موقف الملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله، كان أول قائد عربي يدعو إلى قيام حكومة وطنية عراقية في كردستان العراق أو في المنفى، على الرغم من أن نظام صدام حسين كان قائما، والمملكة العربية السعودية احتضنت مؤتمرات للمعارضة، كما أن الأخوة السعوديين احتضنوا ودعموا شخصيات عراقية معارضة، وعندما كنت رئيسا للحكومة العراقية وزرت المملكة التقيت الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكان وليا للعهد وقتذاك، ولمست عنده حرصا على العراق والعراقيين، بإمكاني القول انه يساوي حرصه على السعودية والسعوديين، بكل انفتاح، وبقلب مفتوح، قال، كل ما تحتاجونه سأنفذه، ونحن معركتنا واحدة ضد الإرهاب، ونحن معكم، فالإرهاب ضدكم وضدنا، لهذا أستغرب من عدم استثمار هذه العلاقة الطيبة، وبدلا من استثمارها في الاتجاه الصحيح، للأسف تم إصدار تصريحات وفقاعات من هذا الجانب أو ذاك ضد السعودية، بل أن بعض الشخصيات التي كانت في المعارضة، وكانت السعودية تدعمهم وتدعوهم وتديم العلاقات معهم، هم للأسف من بدأ بمهاجمة السعودية. أنا من دعمت وسعى في موضوع توجيه دعوة من الأخوة المسؤولين السعوديين والإماراتيين لرئيس الحكومة العراقية، والرجل زار السعودية والإمارات، واستبشرنا خيرا بأن العلاقات سوف تتطور بين العراق والسعودية من جهة والإمارات من جهة ثانية، ومهما يحدث فنحن في العراق لا نستطيع أن نستغني عن عمقنا العربي والإسلامي، صحيح أن في العراق هناك خصوصية للأكراد، لكن عمقنا العربي والإسلامي مهم جدا، ومواقف السعودية مع العراق والعراقيين مهمة، وعلى السياسة الخارجية العراقية أن تلعب دورا ايجابيا في هذا الاتجاه، وبناء علاقات رصينة مع الدول العربية والإسلامية ودول العالم، لكن يتضح لي انه ليس هناك خط واضح للسياسة الخارجية العراقية، ونأمل في أن الانتخابات المقبلة تفرز جهة قوية تحكم العراق وتحسن علاقاته الخارجية.

* هل تعتقدون أن سياسة الإدارة الأميركية الجديدة تتبع ذات الطريق في المسألة العراقية، الذي اتبعته الإدارة السابقة؟

- الديمقراطيون كانوا وما زالوا ينتقدون الكثير من الإجراءات التي حدثت في العراق، وهم يبحثون عن فرص للخروج من العراق وأفغانستان، ومن المناطق الساخنة، بعدما ورطت الإدارة الأميركية السابقة العالم ونفسها في مواقف، هم ونحن كنا ولا نزال في غنى عنها، وحسب معلوماتي فان الإدارة الأميركية الحالية وحتى الآن لم تتخذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بسياستها في الشرق الأوسط وفي العراق، وفي العقد الساخنة في المنطقة، سواء في لبنان أو فلسطين أو في الصومال، والآن بدأت مشكلة أرتيريا حديثا. وحتى الآن تحاول الإدارة الأميركية الحالية إيجاد مخرج لها من أفغانستان وباكستان، وتركيزها الأول على هذين البلدين، لكنها لم تنجز مواقفها الأخرى، سواء فيما يتعلق بالقضايا العالقة ومنها العراق. ونأمل من القادة الأميركيين الجدد أن تكون لهم رؤية سياسية واضحة، فيما يجب أن يكون عليه الرأي السياسي الأميركي، وبشكل واضح اتجاه المشاكل الخطيرة والعالقة في العالم، خاصة منطقة الشرق الأوسط، ويا حبذا لو يستأنسون بآراء القادة العرب، الذين يمثلون الاعتدال والحكمة، حتى تستقر المنطقة، لأنه بعكس استقرار منطقة الشرق الأوسط فهذا سيعصف بالعالم كله ومن ضمنه مصالح الولايات المتحدة، التي تدفع حاليا ثمن الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأميركية السابقة.

* ماذا عكست لكم نتائج انتخابات المجلس المحلية من نتائج؟

- هذه الانتخابات عكست صورة الارتباك غير الاعتيادي في طريقة إدارة الانتخابات، وعدم رضا الشعب العراق عنها، وإلا ماذا نفسر وصول نسبة الناخبين في محافظة من المحافظات إلى 25%، وهذا يعني أن 75% من الناخبين في هذه المحافظة لا يرغبون في التصويت، وما قيل عن أن 51% ساهموا في الانتخابات كلام غير دقيق، هذه النسبة يجب أن تأخذ قياسا على رقم نهائي وواضح، ولم يعلن عن هذا الرقم، الاعتماد حسب مفوضية الانتخابات يقوم على البطاقة التموينية، أنا لا املك بطاقة تموينية، بل أن نصف الشعب العراقي بلا بطاقة تموينية، وجميع الذين عادوا إلى العراق ليس لديهم بطاقة تموينية. هناك خلل في عدم إقبال الشعب العراقي على الانتخابات، والخلل الآخر هو غياب قانون الأحزاب، ونحن لا نعرف من يمول هذا الحزب، وكم صرف الحزب الآخر من أموال السلطة، وجميع الأنظمة الديمقراطية في العالم تعتمد على قانون يحدد الجباية المالية لدعم الأحزاب في الانتخابات، ويوضح كيف حصل كل حزب على تمويله، هذا غير موجود، أما المشكلة الثالثة فهي عدم الإتاحة لملايين من العراقيين الفرصة سواء بالترشيح أو التصويت، وهذه مشاكل استراتيجية وليست هامشية، ويجب إعادة النظر في هذه النقاط وبتشكيل مفوضيات الانتخابات في المحافظات.

* طرح رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي موضوع المصالحة مع البعثيين لكنه سرعان ما تراجع عن ذلك، كيف تفسرون هذه المسألة؟

- حسب معلوماتي الدقيقة ومن مصادر مهمة، هي أن البعثيين والمقاومة العراقية ما زالوا يتحدثون مع الإدارة الأميركية، وهذا الحوار بدأ من خلالي، والآن أنا لست طرفا فيه، وحتما هناك علاقات بين الإدارة الأميركية والحكومة العراقية ولها تأثيرات سياسية كبيرة على القرار العراقي، وأنا أتمنى أن تواصل الحكومة حوارها مع البعثيين بشكل حقيقي لتحقيق المصالحة، وإذا كانت الحكومة لها ثقة بشعبها ونفسها لا تخاف من أي طرف آخر والتحاور معه. أنا كنت رئيس حكومة وأجريت أكثر انتخابات حصلت في العراق نزاهة وأمنا ووضوحا، على الرغم من أني كنت اعرف باني سأخسر لعدم اهتمامي بالدعاية الانتخابية ولأني رفضت الانضمام إلى الائتلاف العراقي الموحد، على الرغم من أنهم في الائتلاف عرضوا علي الترشيح من خلالهم.

* هل يتحاور الأميركيون مع جناح عزة الدوري في حزب البعث أم جناح محمد يونس الأحمد؟

- عندما بدأ الحوار بين الإدارة الأميركية والبعثيين من خلالي، لم يكن هناك جناح الدوري وجناح الأحمد، بل كان هناك حزب بعث واحد وهو جناح الدوري، ثم ظهر جناح الأحمد وهم موجودون في سورية، وارتبطوا بما نطلق عليه نحن بالتنظيم السوري لحزب البعث، وهؤلاء(جناح الأحمد) أيضا يتحاورون مع الإدارة الأميركية اليوم، بل أن قسما منهم شارك في الترشيح لانتخابات المجالس المحلية، وحصل على مقاعد في بعض المحافظات، ولكن ليس باسم حزب البعث بل بأسماء أخرى.

* ماذا هيأتم للانتخابات المقبلة؟

- نحن نؤكد على موضوع بناء دولة القانون وسيادته واستقلالية القضاء وتحرير الاقتصاد، وان يكون العراق لكل العراقيين، ونحن بحاجة إلى دعم إعلامي ونعتمد في ذلك على جهود الأصدقاء الطيبين، ذلك أن الفضائية العراقية حجبت عنا خلال انتخابات مجالس المحافظات، مع أن هذه الفضائية يجب ألا تكون حكومية، بل مستقلة وبعيدة عن الصراعات السياسية.