غيتس يقر بوجود ثغرات في الاستراتيجية الأميركية بأفغانستان

ضباط سابقون في الجيش الأميركي يحذرون من تدهور الوضع العسكري في البلاد

جنود أميركيون من الكتيبة الثالثة يستمعون إلى التعليمات قبل شن حملات استطلاع جوي في مقاطعة ورداك بأفغانستان أمس «أ.ب»
TT

حذر روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي من تخلف الجانب المدني في الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان عن الجانب العسكري، وقال إن ذلك يمكن أن يغطيه إلى حين جنود الاحتياط لمشاة البحرية الأميركية، تنطلق منها القوات التي تنتشر في أفغانستان. صرح غيتس بأنه سيطلب من جنود الاحتياط أصحاب المهارات مثل الأطباء البيطريين والمحاسبين والمهندسين الزراعيين التطوع لتقديم مساعدات التنمية للشعب الأفغاني، وهي ضرورية لنجاح مهمة الولايات المتحدة هناك. واقترح غيتس أن يسد جنود الاحتياط هذه الثغرات إلى أن يحل محلهم أفراد من وزارة الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وقال للصحافيين: «أنا قلق من ألا يزيد عدد الأفراد المدنيين في أفغانستان بنفس السرعة التي يزيد بها عدد جنودنا في أفغانستان. أمامنا وقت محدود لنظهر فيه أننا نحقق تقدما في أفغانستان، ولا أريد أن يحدث أي تأخير سواء كان ذلك على الجانب العسكري أو على الجانب المدني». وقالت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» إن إدارة الرئيس باراك أوباما طلبت مما يتراوح بين 200 و300 من جنود الاحتياط شغل الاحتياجات في الجانب المدني. وقال برايان ويتمان المتحدث باسم البنتاغون في واشنطن: «هذا جزء ضئيل.. مما تتطلع الولايات المتحدة له في القدرات المدنية». وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» أول من تحدث عن النقص في الخبراء المدنيين أول من أمس. وتعتزم إدارة أوباما التي كشفت عن استراتيجيتها الجديدة في أفغانستان الشهر الماضي مضاعفة قواتها هناك وأكثر قليلا من 32 ألف جندي بنهاية عام 2008 إلى 68 ألفا بنهاية عام 2009. إلى ذلك تعرض مقر القوات الألمانية في شمال أفغانستان لقصف جديد. وقال متحدث باسم قيادة العمليات العسكرية في مدينة بوتسدام الألمانية صباح أمس إن قذيفة استهدفت مقر القوات الألمانية في قندز مساء أمس، ولكنها سقطت خارج المعسكر. ولم تحدث إصابات بشرية أو خسائر مادية جراء الهجوم». وكان مقر القوات الألمانية قد تعرض خلال الأسابيع الماضية لأكثر من قصف، كما تعرضت أيضا دوريات ألمانية لعدة هجمات.

من جهة أخرى، قبل أشهر من إرسال آلاف الجنود الإضافيين إلى أفغانستان، يرى ضباط سابقون في الجيش الأميركي أن النزاع في أفغانستان لا يمكن حله بالسبل العسكرية وحدها، مذكرين بفشل هذه الاستراتيجية في فيتنام. وقال الضابط المتقاعد في قوات المارينز السرجنت ريك ريس أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ: «بعد أن غادرت أفغانستان اكتشفت كم كان الوجود الأميركي هناك خطأ كبيرا». وأضاف: «أعتقد تماما أن التدخل العسكري ليس الطريق الصحيح». ومنذ تسلمه سلطاته في العشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما عزمه على إرسال 21 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان إضافة إلى الـ38 ألفا الموجودين هناك أصلا لمواجهة المعارك التي احتدمت خلال السنتين الماضيتين. وأضاف أمام اللجنة «أعلم أن التدهور العسكري ناتج عن خطأ جسيم». من جهته، قال الكابتن السابق في الجيش الأميركي وسلي مور «إن الطابع العسكري مهم لأنه لا بد من ضمان الأمن في البلاد، إلا أنه يجب أن يستكمل بإجراءات أخرى».

وتقضي استراتيجية أوباما الجديدة أيضا بإرسال تعزيزات مدنية تساعد في التنمية الاقتصادية في أفغانستان. وتطرق عدد من الضباط السابقين إلى المثل الفيتنامي عندما أجبرت القوات الأميركية في مطلع السبعينات على الانسحاب منهزمة بعد أن غرقت في المستنقع الفيتنامي.

وفضل رئيس اللجنة الديمقراطي جون كيري التشديد على وجود بعض نقاط التشابه بين الأزمتين في فيتنام وأفغانستان من دون الذهاب بعيدا في هذا السياق. وقال «إننا مرة أخرى نحارب تمردا في بلد ريفي حكومته المركزية ضعيفة. إن أعداءنا يندمجون تماما بين السكان المحليين ويعبرون بسهولة حدودا طويلة للاختباء في بلد مجاور». وتابع كيري: «إننا بتجاهلنا نقاط التشابه نجعل رجالنا يدفعون الثمن». أما التجربة التي يجب العمل لتجنب تكرارها حسب المتعاقبين على الكلام أمام اللجنة، فهي توقف الدعم الأميركي لأفغانستان بعد انسحاب القوات السوفياتية منه في أواخر الثمانينات. وقالت السرجنت المتقاعدة جنفيان تشايس إن على الأميركيين أن يتأكدوا من فرض الأمن في أفغانستان قبل الانسحاب من هذا البلد. وقالت: «في حال غادرنا من دون ضمان الأمن ومن دون تعزيز وضع الحكومة والسلطات المحلية فسنكون مضطرين لاحقا إلى العودة». ولقي الخيار العسكري في أفغانستان معارضة من قبل أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء. وأعرب السناتور الجمهوري بوب كوركر عن الأسف للاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستان. وقال: «باستثناء إرسال المزيد من القوات، لا أفهم شيئا إضافيا من هذه الخطة». من جهته، قال السناتور الديمقراطي راس فينغولد «إن التدهور العسكري يمكن أن يزعزع الوضع أكثر فأكثر على حساب سلامة الأميركيين». وأقر السناتور كيري أخيرا أنه «لا يزال من الضروري القيام بالكثير في أفغانستان وباكستان».