مصادر فرنسية: لابد من «دينامية تفاوض» مع طهران.. ودول عربية لوحت بالخيار النووي

كلينتون: إسرائيل يمكن أن تخسر الدعم العربي ضد إيران.. إذا تعثر السلام مع الفلسطينيين

مظاهرة تأييد نسائية للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بعد صلاة الجمعة في طهران أمس (رويترز)
TT

فيما تتواصل الاتصالات بين خافيير سولانا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية وسعيد جليلي أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، للاتفاق على موعد لاجتماع قادم بين إيران وممثلي مجموعة دول «5+1» التي تفاوض إيران، قالت مصادر فرنسية رسمية رفيعة المستوى إن المجموعة الدولية ستعيد طرح مقترحها المعروف بـ«التجميد المزدوج» في محاولة منها للتغلب على عقبة وقف إيران عملية التخصيب النووي وهو الأمر الذي ترفضه طهران رفضا مطلقا.

وترى المصادر الفرنسية أن التجميد المزدوج «سيكون في قلب المقترحات» التي ستقدم للجانب الإيراني. ويقوم المقترح الذي سبق لمجموعة «5+1» أن طرحته على إيران على تجميد إيران للتخصيب، مقابل تجميد العقوبات الدولية ضدها وذلك خلال فترة التفاوض. وفائدة هذا الطرح أنه يتيح الالتفاف على تمسك «5+1» بشرط وقف إيران عمليات التخصيب مقابل مطالبة إيران بمفاوضات من غير شروط. ومن الناحية المبدئية، يُفترض أن تخصص فترة الأسابيع الستة لبحث تفاصيل وإجراءات المفاوضات «الفعلية» اللاحقة بين الجانبين. ولكن عمليا، وبحسب ما تقوله الأوساط الفرنسية، «ليس من فارق سوى لفظي» بين الأمرين، والمهم هو «معرفة إذا ما كان الإيرانيون يودون التفاوض حقيقة، أي هل هم مستعدون للتوصل إلى صفقة أو تسوية» بالنسبة إلى برنامجهم النووي. وترى باريس أن التعاطي الأميركي مع إيران يتصف بـ«الحذر» لسببين: الأول، لكون العلاقة بين طهران وواشنطن «مسألة سياسية داخلية» في إيران ومصيرية بالنسبة إلى مستقبل النظام الإيراني وهويته وآيدلوجيته. والثاني أن واشنطن تعي أن طهران تريد كسب الوقت «كما فعلت حتى الآن». والخلاصة التي تصل إليها المصادر الفرنسية أن في واشنطن وغيرها من العواصم ثمة «شعور بالضرورة والإلحاح والاستعجال» لمعالجة هذا الملف من غير تأجيل أو تسويف. فمن جهة، هناك سبب تقني يدفع إلى ذلك ومفاده أنه مع نهاية الصيف، ستكون لإيران كميات كافية من اليورانيوم المخصب لتصنيع قنبلة نووية من غير أن يعني ذلك أنهم سيعمدون إلى تصنيعها حكما، بل أمامهم خيار آخر هو ما يسمى «الخيار الياباني» أي امتلاك المعرفة التكنولوجية والمهارات والتجهيزات والمواد التي تمكّنهم من تصنيعها سريعا إذا ما أرادوا ذلك. والأمر الآخر هو العامل الإسرائيلي المتمثل في حكومة بنيامين نتنياهو الذي بنى حملته الانتخابية على «التهديد» النووي الإيراني لإسرائيل. ونقلت المصادر الفرنسية عن الجانب الأميركي «تخوفه» من أن لا تفهم السلطات الإيرانية المعطى الجديد والحاجة الملحّة إلى إيجاد حل ما أو أن تسعى طهران مجددا لكسب الوقت. والرسالة التي شددت عليها باريس هي من جزأين: الأول منها، أن يفهم الإيرانيون أن هناك «فرصة جدية» لمفاوضات حقيقية بسبب الالتزام الأميركي» بالمفاوضات وبإمكانية التوصل إلى حل مع إيران، والجزء الثاني أن الالتزام الأميركي «لن يبقى إلى الأبد».

وحذرت المصادر الفرنسية من أن فشل المفاوضات مع إيران سيدفع إسرائيل إلى ضرب المنشآت النووية الإيرانية. وقالت هذه المصادر إن الطيران الإسرائيلي يقوم بتدريبات فوق المتوسط بين إسرائيل وجبل طارق للتزود بالوقود في الجو، ما يمكن فهمه مؤشرا لتدريبات إسرائيلية على مهاجمة إيران. وتعتبر المصادر الفرنسية أن عملا عسكريا إسرائيليا «محتمل جدا». غير أنها تسارع للقول إن هذا السيناريو «سيكون بمثابة الكارثة» وإن عمل باريس وأطراف أخرى هو «لتفادي» هذا الخيار الذي نبه منه الرئيس نيكولا ساركوزي أكثر من مرة. وأشارت المصادر الفرنسية إلى أن دول الخليج «مقتنعة» بأن الضربة العسكرية ستكون كارثة على المنطقة. ونقلت المصادر المشار إليها أن الدول العربية المعتدلة «الدول الخليجية الست والأردن ومصر» التي شاركت في اجتماع في نيويورك مع ممثلي الدول الست في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي عبرت عن قناعتها من أن إيران تسعى لامتلاك القنبلة وعن «تخوفها الشديد» من هذا التطور. وذهب بعضها إلى القول إنه «إذا لم تمنع إيران من اكتساب السلاح النووي، فإنها بدورها ستسعى للحصول عليها». وترى المصادر الفرنسية أنه «لا شيء يمكن أن يفسر أو يبرر قيام إيران بتخصيب اليورانيوم»، وأنه «لا غاية مدنية» لمثل هذا التخصيب، إذ لا تمتلك إيران مفاعلات نووية سلمية وأن توفير الوقود النووي لمفاعل مفاعل بو شهر على الخليج منصوص عليه في الاتفاق المبرم مع موسكو لمدة 15 عاما.

وترى باريس أن المهم هو إيجاد «دينامية تفاوض» وهو ما لم يتوافر حتى الآن. وترى باريس أن سبب الإخفاق في المفاوضات حتى الآن هو فشل باريس والعواصم الأخرى في إيجاد «قناة تفاوضية مباشرة» مع المرشد الأعلى لإيران آية الله خامئني الذي امتنع حتى الآن عن الاستجابة للرسائل التي وُجهت إليه من فرنسا وألمانيا وغيرها. وحاولت باريس عبر مستشاره على أكبر ولاياتي الذي يُعتبر من المقربين من خامئني العثور على مثل هذه القناة. لكن محاولاتها بقيت عقيمة حتى الآن.

إلى ذلك وفي واشنطن، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أول من أمس إن إسرائيل يمكن أن تخسر دعم دول عربية ضد إيران إذا لم تحقق تقدما في عملية السلام مع الفلسطينيين. وقالت كلينتون أمام لجنة في مجلس النواب الأميركي: «إذا أرادت إسرائيل أن تحصل على دعم قوي تبحث عنه ضد إيران، لا يمكنها أن تبقى بعيدة عن الفلسطينيين وعن جهود السلام». وأضافت أن «الأمرين متلازمان». وأوضحت أن الدول العربية تريد «فعلا تبنّي موقف على أكبر قدر ممكن من الحزم حيال إيران»، موضحة أن هذه البلدان «تعتقد أن إرادة إسرائيل في استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية تعزز قدرتها على معالجة مسألة إيران». وتابعت كلينتون أن دولا عربية عدة «قالت لنا إنه في حال تحقيق تقدم فستكون هناك سلسلة من مواقف الدعم التي تعزز رد المنطقة على إيران».

وأشارت إلى أن نتنياهو سيتوجه إلى واشنطن في مايو (أيار). وأضافت كلينتون أن الولايات المتحدة «لا تريد أن تحكم مسبقا على الموقف الإسرائيلي ما لم تعقد محادثات مباشرة».

ويأتي ذلك فيما دعا الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني أمس الولايات المتحدة إلى الكف عن تهديد إيران بعقوبات جديدة إذا كانت تريد إجراء مباحثات مع طهران بشان برنامجها النووي. وقال رفسنجاني في خطبة صلاة الجمعة إن هيلاري «كلينتون تقول: نحن على استعداد للمناقشة لكننا نعد في الوقت نفسه لعقوبات معيقة ضد إيران». وأضاف في الخطبة التي نقلتها الإذاعة العامة: «ماذا يمكن أن ننتظر بعد مثل هذه التصريحات؟ من الأفضل لهم عدم تكرار هذه التعليقات حتى لا تفسد الأجواء المؤيدة للمباحثات السائدة اليوم في إيران». ويرأس رفسنجاني مجلس الخبراء، الهيئة مكونة من رجال دين والمكلفة الإشراف على نشاط المرشد الأعلى. وقد هددت كلينتون الأربعاء إيران بعقوبات «شديدة القسوة» إذا فشلت المباحثات المتعلقة ببرنامجها النووي.