معرض «الوجه الآخر للحياة في البصرة»

مصور عراقي يرسم صورة حية للمدينة بعيدا عن العنف

من أعمال السوداني لعراقيين يشربون الشاي في أحد مقاهي البصرة
TT

عندما يشار إلى البصرة، كثيرا ما يخطر في بال الذين لا يعرفون المدينة العراقية الجنوبية صور مسلحين وتفجيرات وخراب. إلا أن هذه الصور مبنية على تغطية التطورات العسكرية والسياسية في البصرة منذ حرب 2003 وسنوات القتال التي لحقتها. وهذا ما يعمل المصور الصحافي العراقي، عصام السوداني، على تغييره، فيريد السوداني من خلال صوره التي تعرض في لندن للمرة الأولى أن يلقي الضوء على «الوجه الآخر للحياة في البصرة»، وهو عنوان المعرض الذي يستمر في العاصمة البريطانية حتى 11 مايو (أيار) المقبل. وقال السوداني لـ«الشرق الأوسط»: «أحاول لفت الأنظار إلى مدينة البصرة وهي تفتح ذراعها إلى العالم، فمن خلالها العراق ينتعش، من موانئها وحدودها». وأضاف السوداني، وعمره 30 عاما، «البصرة هي شريان العراق الذي يجب أن ينبض دوما». الموضوع الأساسي لصور معرض السوداني الذي تستضيفه وزارة «التنمية الدولية» البريطانية في قاعة «بارج هاوس» وسط لندن، هو الحياة اليومية في البصرة، من دراسة البنات في المدارس، إلى سوق الذهب والمقاهي الشعبية. وشرح المصور العراقي أنه عمد إلى اختيار الصور التي «تظهر الحياة» في معرضه الأول خارج العراق من أجل «دفع الآخرين إلى رؤيتنا بطريقة مختلفة، فالأمور في البصرة أفضل الآن، ونحن نتطلع لحياة أفضل». وعلى الرغم من أن الصور المعروضة لا تجسد مشاهد عنف أو معاناة، فإن السوداني قال: «أكثر شيء يستهويني هو المعاناة، فكل الحياة تجسد معاناة الناس، ويجب أن نوصل صوتهم إلى الآخرين، ولكن في الوقت نفسه، هناك وجه آخر للحياة». وأضاف: «أحلم بألا أصور التشيع ولا تفجير عبوة ولا جيش، أن أصور مدينة البصرة وهي تعمر بالحياة ومؤتمرات اقتصادية وأبراج عالية وسلام». ويعمل السوداني منذ عام 1998 بالتصوير، إلا أنه ابتدأ عاملا بسيطا في محل أحد أصدقائه للتصوير في محافظة ميسان. وتحدث بشغف ولهفة عن عمله وسعيه لأن يصبح مصورا محترفا، قائلا: «كنت عاملا بسيطا، أوصل أغراضا أحيانا، أحمل بعض البضائع، كانت كلها خبرة». ولكن بعد ذلك انتقل إلى محل يملكه حسين الأسدي، الذي هو الآن مخرج، وعنده تعلم التصوير لينتقل إلى العمل في صحف عراقية مثل «الزوراء» و«القادسية». وبعد مصاعب في العراق، قرر أن يجرب نصيبه في الخارج، فقرر الهجرة إلى الأردن عام 2001، ولكنه عاد مجددا إلى العراق عام 2004، حيث بدأ يلتقط صور التطورات الأمنية والحياتية فيها منذ ذلك الحين. وردا على سؤال حول ما إذا كان يتمنى العمل في إحدى العواصم المؤثرة حول العالم مستقبلا، أجاب: «لقد جربت الغربة وهي أصعب شيء، لا يوجد أحسن من العمل في بلدي، أتحمل انقطاع الكهرباء والمعاناة، ولكن ما أتحمل الغربة». وشرح السوداني أن أكبر تحد يواجهه هو «تغطية الأمور التي لا تريد جهات معينة لها مصالح خاصة أن أصورها»، لكنه امتنع عن الخوض في تفاصيل حول المضايقات التي يتلقاها في عمله، خوفا على سلامته. واكتفى بالقول: «أبذل جهدي في العمل، وأحاول أن أتفادى المشاكل». وأضاف: «أكبر الضغوط هي من العائلة التي كانت تقلق علي وتطالبني بالتخلي عن هذه المهنة، ولكن تمسكت بها ورفضت». ويعتمد السوداني على كاميرته الرقمية من طراز «دي-1» لشركة «كانون» في التقاط الصور وإرسالها عبر الإنترنت، كما أن اعتماده الآخر هو على دراجته النارية التي تأخذه بسرعة إلى أية منطقة ساخنة في البصرة، وتخرجه بسرعة في حال أصبح بقاؤه هناك خطرا. وقال إنه استطاع تغطية حملة «صولة الفرسان» في مارس (آذار) 2007 لنزع سيطرة الميليشيات عن البصرة بسبب دراجته النارية، موضحا: «كنت أركب دراجتي وأغطي كل منطقة بسرعة، وبذلك استطعت أن أسيطر على سوق الصور من البصرة في تلك المرحلة».