تعليم البنات يواجه تزايد قضايا البنات السلوكية بـ«وحدة تقويم»

مرشدة تربوية لـ«الشرق الأوسط»: إنكار السلوكيات الخاطئة «خطأ».. والحل الاعتراف وإيجاد حلول

TT

دفعت سلوكيات بعض طالبات المدارس السعودية في وزارة التربية والتعليم لاستحداث وحدة خاصة بقضايا الطالبات تحت مسمى «وحدة قضايا الطالبات» تتولى عملية رصد ومعاقبة الطالبات اللاتي يرتكبن سلوكيات مخالفة ومتابعة مثل هذه القضايا. وتتمثل هذه السلوكيات أو أهمها في «العنف المدرسي»، و«السلوكيات الشاذة»، و«الهروب من المدرسة» و«الكلمات البذيئة». وفي الوقت الذي ألقت فيه عدد من الطالبات باللوم على مدارسهن بأنها المسؤولة عن انتشار السلوكيات السلبية، أكدت حياة المطوع، المسؤولة في إدارة التوجيه والإرشاد بالوزارة في جدة أن وجود بعض السلوكيات السلبية قاد إلى إنشاء تلك الوحدة التقويمية. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن غرس القيم النبيلة ورعاية السلوك وتقويمه من أهم المسؤوليات التربوية التي تعطى الأولوية في منظومة الأهداف العامة للتربية والتعليم، لافتة إلى وجود بعض السلوكيات السلبية الملحوظة بين الطالبات والتي يتم التعامل معها من خلال برامج رعاية السلوك في كل مدرسة. وكانت بعض الطالبات قد اعترفن مسبقاً بانتشار سلوكيات سلبية بينهن، وأشارت إحدى طالبات المرحلة الثانوية إلى نشوب الخلافات بين الطالبات في المدرسة، تصل إلى حد العنف والضرب والتلفظ بألفاظ غير لائقة. وذكرت الطالبة (فضلت عدم ذكر اسمها) أن خلافا بين زميلتين في الشهر الماضي بدأ بالتلفظ بكلمات بذيئة وانتهى بالضرب وتمزيق الملابس، وجرح إحدى الطالبات بالمشرط على جسمها ووجهها، وأضافت «دائماً نسمع مثل هذه الألفاظ، ونرى مثل هذه الخلافات حتى بين البنات، فيما العديد من المعلمات يكتفين بالتوعد والتهديد أو بأن تقول للطالبة اكتبي تعهدا». وتضيف «العنف والألفاظ البذيئة أمر اعتدنا عليه في المدارس، ولكن ما نلاحظه الآن انتشار سلوكيات شاذة بين الطالبات داخل الحمامات والفصول الخالية». مشيرة إلى ان هناك ممارسات او سلوكيات كارثيه تحدث أحيانا وتسجل في المدارس من الصعب ذكرها أو الحديث عنها. من جهتها ترى هيفاء عبد الله، المرشدة الطلابية المسؤولة عن مراقبة ومتابعة سلوك الطالبات في إحدى المدارس المتوسطة أن ظاهرة الإعجاب بين طالبات المدارس يجب تسليط الضوء عليها، وعدم إهمالها، والتحذير منها، حيث إنها انتشرت بين الطالبات بشكل كبير. وتضيف «كنا نرى مثل هذه السلوكيات على طالبات المرحلة الثانوية والكليات ولكن الآن نشاهدها بين طالبات المتوسط والابتدائي، لذلك لابد من أن تضع المدرسة أهدافا لتعديل مثل هذه السلوكيات لأن دور المدرسة لا يقتصر فقط على التعليم، بل أيضاً تعديل السلوك والحد من انتشار السلوكيات الخاطئة». وطالبت الأسرة بعدم التكتم على وجود مثل هذه السلوكيات لدى الطالبة وضرورة إفادة المدرسة بالمشكلات التي تعاني منها ابنتهم حتى يتم متابعتها ومحاولة التوصل إلى علاج من خلال التعاون بين المدرسة والمنزل، لافتة إلى ضرورة وجود أخصائية نفسية في المدارس وليس فقط مرشدة طلابية لأن المعلمة أو المرشدة ليس لديها الخبرة الكافية للتعامل مع تلك الحالات. من جهتها اتهمت بعض الطالبات المدرسة بأنها مسؤولة عن انتشار هذه السلوكيات السلبية، حيث قالت إحداهن «أنا احمل المدرسة مسؤولية انتشار هذه السلوكيات فقبل دخولي المدرسة لم أكن أعلم بوجود مثل هذه الأخلاقيات، كما أن المدرسة ليس بها رقابة فعندما تحدث أخطاء أو سلوكيات خاطئة، أين تكون المراقبة والمعلمة؟». وتضيف «إن بعض المعلمات عندما ترصدن تصرفات أو سلوكيات خاطئة، فإنهن لا يفعلن شيئا ويكتفين فقط بالتوعد والتهديد كما أن المعلمات يتجنبن التعامل مع هذه الفئة من الطالبات بدلا من نصحهم وتوجيههم». ويعيد المختصون في إدارة التوجيه والإرشاد أسباب انتشار بعض السلوكيات السلبية إلى عدة أمور أهمها التفكك الأسري وارتفاع معدلات الطلاق مما يؤدي إلى انعدام الرقابة الأسرية على الأبناء إضافة إلى ما تبثه القنوات الفضائية من برامج تساعد على تنمية مثل هذه السلوكيات كما أن انتشار تقنية الاتصالات ـ الجوال والانترنت ـ دون مراقبة من قبل الأهل يعد عاملا أساسيا في وجود مثل هذه السلوكيات بين الطالبات. وتعود المطوع لتؤكد على أهمية وجود أخصائية نفسية في كل مدرسة حيث قالت «لا شك أن وجود أخصائية نفسية في المدرسة أصبح مطلبا ملحا في ضوء العوامل السابقة». وحول كيفية علاج هذه السلوكيات تقترح المرشدة الطلابية هيفاء وضع كاميرات مراقبة في مدارس البنات، وقالت «إن نظام كاميرات المراقبة في مدارس الأولاد قلل من السلوكيات الخاطئة بينهم في ضوء انعدام الرقابة الذاتية، مع أننا نعمل جاهدين على خلق رقابة ذاتية في نفوس الطالبات، لأن هذا هو الأهم، ولكن إن لم يكن فلابد من إيجاد البديل لتشعر الطالبة أن هناك رقابة عليها». واعترضت المطوع على وضع نظام كاميرات المراقبة في مدارس البنات، حيث ذكرت «إننا لا نؤيد وضع كاميرات مراقبة في المدارس وإنما نعمل على إيجاد رقابة ذاتية لدى الطالبات من خلال ملاحظة السلوك وتنفيذ برامج لتعديله بإشراف فريق عمل رعاية السلوك الموجود بكل مدرسة». وحول أهمية مناقشة مثل هذه القضايا وعدم إنكارها تقول المرشدة الطلابية إن إهمال هذه السلوكيات وإنكارها خطأ كبير، ومن المفروض الاعتراف بها ومناقشة أسباب وجودها والبدء بإحصاء عدد الحالات لنتمكن من علاجها. وبالعودة إلى المطوع أوضحت «إننا لسنا مع التعتيم على وجود سلوكيات سلبية ولا مع نشر وتسليط الضوء على إبراز تلك السلوكيات، ولكننا نعمل على إيجاد الطرق العلاجية والوقائية المناسبة والتي لن نتمكن من القضاء عليها والحد منها إلا بتضافر الجهود الجادة والمخلصة بين مؤسسات المجتمع الحكومي والمدني لإيجاد هيئة تخطيطية تقوم بصياغة برامج تستهدف الطالبات وتلبي احتياجاتهن وتشبع رغباتهن لأنها مسؤولية مشتركة لا يمكن للمدرسة أن تقوم بها بمفردها».