تباين الآراء بشأن ضرائب الدخل الجديدة في بريطانيا

زيادتها على ذوي الدخول العالية تلقى دعما شعبيا.. والبعض يهددون بالهجرة

TT

وصف المؤلف الموسيقي أندرو لويد ويبر الزيادات في ضرائب الدخل التي تنوي حكومة براون تطبيقها بأنها «المسمار الأخير في النعش»، فيما هدد الممثل مايكل كين بالانتقال إلى الولايات المتحدة بسبب الزيادات الجديدة، فيما قال أحد أكبر مدربي كرة القدم البريطانيين إن ذلك يدمر الرياضة الوطنية.

وقد تسبب قرار رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون بزيادة معدل الضرائب إلى 50% على الأفراد ذوي الدخول العالية في بريطانيا في حدوث ردود أفعال متباينة، بداية من المسارح وحتى غرف النوم في جميع أنحاء بريطانيا.

ويقول منتقدو الزيادة الجديدة، التي تستهدف الأشخاص الذين يجنون أكثر من 220,000 جنيه إسترليني في العام، إنها ستعمل على قتل المواهب الفكرية، وستخلق حقبة جديدة من النزاع الطبقي وتقوض روح العمل الذي تحتاجه البلاد، في الوقت الذي لن تعمل فيه على تقديم الكثير لإنقاذ اقتصاد البلاد المتعثر.

وكتب لويد فيبر، الذي وضع موسيقى فيلم «إفيتا» و«كاتس» و«ذا فانتوم أوف ذا أوبرا»، في صحيفة «ميل أو صنداي»: «إن الأعوام القادمة ستكون مفزعة في المملكة المتحدة، وما ينقصنا هو غارة، على نهج القراصنة الصوماليين، على أصحاب الثروات الذين لا يزالون يرغبون في الاستقرار في بريطانيا».

المشكلة بالنسبة للويد ويبر (الذي تقدر ثروته بـ1.1 مليار دولار بحسب قائمة الأثرياء التي نشرتها صحيفة «صنداي تايمز»)، والمنتقدين الكبار الآخرين، هو أن تلك الزيادات الضريبية تلقى شعبية كبيرة. حيث وجد استطلاع يوجاف الذي أجرته صحيفة «ديلي تلغراف» أن 68% من البريطانيين يدعمون الزيادة، كما وجد استطلاع بوبيلوس الذي أجرته الـ«تايمز» أن 57% يؤيدونها. ومن الواضح أن استطلاعات الرأي تلك تعكس الغضب الشعبي المتزايد تجاه أصحاب البنوك والممولين والأثرياء بوجه عام، نتيجة لفقد الآلاف من المواطنين لوظائفهم ومنازلهم وسط أسوأ كارثة اقتصادية تمر بها البلاد خلال عقود.

وعلى الرغم من طلب لويد ويبر من البريطانيين عدم الخلط بين أصحاب البنوك وبقية الشركات البريطانية الأخرى، فإن نتائج الاستطلاع تشير إلى أن غالبية البريطانيين لا يرسمون مثل ذلك الحد الفاصل. وقال أنتوني كنغ، الأستاذ بجامعة ساسكس: «يسود شعور لدى غالبية الناس بالامتعاض من التفاوت والحوافز الضخمة التي يحصل عليها الأفراد الذين لا يبدون أنهم يستحقونها».

وأشار كنغ إلى أنه ليست لديه فكرة حول ما إذا كان أصحاب الدخول المرتفعة سيغادرون بريطانيا أم لا، ولكن إذا ما كان الأثرياء يبنون قراراتهم على الإقامة أو المغادرة في بريطانيا على أساس الضرائب فإن ذلك سوف يدفع الأفراد إلى التساؤل: «من هؤلاء القوم؟».

وعلى الرغم من استحواذ ضرائب الأغنياء على العناوين الرئيسية على صفحات الجرائد، فإنها لا تشكل سوى كميات ضئيلة من المال، عن تلك الأقسام الأخرى الموجودة في الميزانية التي كشفت حكومة براون النقاب عنها الأسبوع الماضي، خصوصا تلك الخطط باقتراض تريليون دولار خلال السنوات الخمس القادمة، والانتقال بالدين العام إلى 79% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2013. وتقدر حكومة بريطانيا أن ارتفاع ضريبة الدخل من 40% في الوقت الحالي إلى 50%، سيوفر 3.5 مليار دولار في العام عندما يتم تفعيله بداية من العام القادم، ولن تطبق سوى على 300.000 شخص، وهو ما يمثل 1% من دافعي الضرائب في البلاد والذين يبلغ عددهم 31 مليون شخص.

وقال ريتشارد بورتس، أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال: «إنها مصدر ثانوي نسبيا للدخل الإضافي، وسيكون لها تأثيرات ضخمة على دخول الأفراد، لكنها ليست أمرا هينا، وستعمل على تضييق فجوة الدخول».

بيد أن أولئك الذين يدفعون ضرائب مرتفعة يقولون إنها تراجع يحمل الكثير من الدلالات بالنسبة لجيل من رجال الأعمال الذين نشأوا على عدم دفع أكثر من 40% كضرائب على دخولهم. وقد ارتفع معدل الضرائب في السبعينيات إلى 83%، ووصلت إلى 60% حتى عام 1988 عندما تم تخفيض وتبسيط تلك النسبة.

ويقول ريتشارد برانسون، أحد المليارديرات البارزين، والذي يدير مجوعة شركات «فيرجين»: «قد تكون الضرائب المرتفعة مغرية سياسيا على المدى البعيد، لكني أعتقد أن ذلك قد يشكل عقبة حقيقية بالنسبة للموجة القادمة من الشركات البريطانية والدولية الراغبة في الاستثمار».

وكان روبرت فيفر، شريك في شركة «كومباس أدفيزرز» التي تعمل في مجال الدمج والاستحواذ، واحدا من بين كبار رجال الأعمال الذين أخبروا صحيفة الـ«صنداي تايمز» أنه يفكر بجدية في الرحيل.

كما أشار أرسن فنغر، مدرب نادي آرسنال، أحد أشهر الأندية الإنجليزية وأكثرها شعبية، إلى أن معدل الضرائب الجديدة يمكن أن يمنع قدوم اللاعبين الكبار الذين يربحون ملايين الدولارات في العام إلى بريطانيا.

وعندما سئل فنغر، الفرنسي الذي يحمل درجة الماجستير في الاقتصاد، عما إذا كان الدوري البريطاني قد اعتمد أكثر من اللازم على اللاعبين الأجانب، قال: «لا تقلق، فإن ذلك سينتهي عما قريب لأن نظام الضرائب الجديدة، إلى جانب انهيار الإسترليني، سيعملان على ذهاب هيمنة الدوري البريطاني».

وعبر بورتس، أستاذ الاقتصاد، عن شكوكه من إمكانية حدوث «هجرة جماعية من بريطانيا». وقال: «إن أي هجرة جماعية ستكون لعدد قليل ممن يأسرون انتباه وسائل الإعلام».

ودفعت الزيادات الضريبية إلى إلقاء الاتهامات بأن بريطانيا تغذي «حربا طبقية» ضد الأثرياء. ويقول منتقدو السياسة الجديدة إنها تثير الانقسامات القديمة والاستياء، وهو ما وصفه ديغبي جونز، وزير التجارة الأسبق في حكومة براون، بأنها «سياسة الانتقام». ويشير بعض المحللين السياسيين هنا إلى أن خطوة براون يمكن أن تدفع برجال الأعمال الذين دعموا حزب العمال إلى معسكر المحافظين، الذي تقدم على حزب العمال في استطلاعات الرأي التي تأتي قبل الانتخابات العامة التي ستجرى في البلاد في شهر مايو (أيار) 2010.

* شارك كل من كارلا آدم المراسلة الخاصة في لندن، وروبرت توماسون الباحث في واشنطن، في إعداد هذا التقرير.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»