الأمم المتحدة: صراع دارفور أصبح فيه «الجميع ضد الجميع».. وتوقيف البشير صعب الأمور

موفدها إلى السودان قال إن الصراع بات سياسيا وأقل حدة من عام 2003.. ومندوبة واشنطن ترفض توصيفه

سودانية تجلس مع أطفالها في مركز طبي غذائي تابع لمنظمة إغاثية غير حكومية كويتية في شمال دارفور («نيويورك تايمز»)
TT

انتقد الممثل المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور قرار المحكمة الجنائية الدولية (لاهاي) بإصدار مذكرة لاعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقال إن مذكرة لاهاي صعبت الأمور. لكنه أشار إلى أن صراع دارفور أصبح فيه الجميع ضد الجميع، في إشارة إلى أن المسلحين باتوا يقاتلون بعضهم بعضا، بعدما كانوا يقاتلون الحكومة.

وفي بيان أدلى به رودولف أدادا الممثل المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي أمام مجلس الأمن، قال: «إن إصدار مذكرة اعتقال الرئيس السوداني قد أحدث خلافات وانقسامات في العملية السودانية». وحرص أدادا على القول «إن الصراع في دارفور سياسي، وعلى مجلس الأمن توجيه رسالة واضحة لجميع الأطراف تؤكد الرفض للقيام بأعمال عسكرية، وتحث على ضرورة الاستئناف السريع للحوار الشامل». وعلى الرغم من أن ممثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لم يشر إلى المادة 16 من نظام روما للمحكمة الجنائية التي تأذن بتجميد فعالية مذكرة الاعتقال لمدة عام قابلة للتجديد، فإنه أطلع المجلس على طبيعة الانقسامات السياسية التي تشهدها ساحة دارفور وأوضح: «لقد أضعف صدور المذكرة أولئك الذين كانوا يعملون من أجل التسوية وتحقيق التوافق، لما أدت إليه (مذكرة الاعتقال) من تعزيز مشاعر التشدد من الجانبين». ومضى أدادا يقول: «علينا الآن أن نسعى إلى تحقيق التوافق وتمكين العناصر المعتدلة خاصة من المجتمع المدني للقيام بدور لنزع فتيل التوتر». وأكد أدادا على أن النزاع في دارفور لم يكن عنيفا جدا كما كان عليه في سنة 2003، وقال: «إن الوضع قد تغير من مرحلة الصراع العنيف في الفترة الواقعة ما بين 2003 و2004 حيث قتل الآلاف، واليوم أصبح النزاع غير عنيف وفق حدود الأرقام الخالصة».

وقال أدادا إن حركات التمرد قد حولت سلاحها ضد بعضها بعضا وتقوم بعملية تطهير لعناصر تابعة لهما بعد ما يقرب من شهرين من توقيع اتفاق وقف إطلاق نار. وأكد أن كل الأطراف المتحاربة قتلت مدنيين. وأضاف أن «الحركات المسلحة تحارب فيما بينها وتقوم بتطهير أعضاء بعضها بعضا بعنف». ومضى إلى القول إن «دارفور اليوم في صراع، الجميع فيه ضد الجميع» مشيرا إلى أن وباء قطع الطرق فضلا عن انهيار القانون والنظام، باتت من الأمور التي تهيمن على الوضع في دارفور. وأشار أدادا إلى أن 130 إلى 150 شخصا في المتوسط يقتلون شهريا جراء الصراع في الإقليم. وأوضح أدادا أن المحادثات السياسية للتوصل إلى تسوية للصراع قد تجمدت «على الأقل حتى تتضح بالكامل تداعيات إصدار مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية (بحق الرئيس السوداني عمر البشير)». وقال دبلوماسيين بالمجلس إن السفيرة الأميركية سوزان رايس التي اعتبرت مرارا أن الصراع في دارفور «إبادة جماعية مستمرة» شككت في توصيف أدادا أثناء نقاش في جلسة مغلقة بعد أن قدم إفادته. وقال دبلوماسي بالمجلس «رفض الوفد الأميركي فكرة أنه صراع أقل شدة». وقال دبلوماسي آخر إن السفراء الفرنسي والبريطاني والنمساوي والمكسيكي اختلفوا أيضا مع توصيف أدادا.

وكان المجلس يناقش أحدث تقرير للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن «يوناميد» الذي حذر فيه من أن قرار الخرطوم بطرد 13 منظمة إغاثة إنسانية أجنبية وثلاث منظمات محلية عرض «ما يزيد على مليون شخص لخطر يهدد الحياة» في دارفور. ورفض سفير السودان لدى الأمم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم التقرير، قائلا إن تقديره لأثر طرد منظمات الإغاثة «كذبة كبرى».

وأطلع أدادا أعضاء مجلس الأمن على وضع بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة (يوناميد)، وناشد الدول التي تعهدت بتقديم الدعم اللوجستي والفني لدعم ولتعزيز مهمة البعثة. وشدد على أهمية وضرورة بحث السبل والوسائل حول القضايا الرئيسية التي تخص بعثة «يوناميد» المختلطة من أجل تعزيز قدراتها لتنفيذ مهماتها بفعالية أكبر. وتشكو البعثة كما أفاد تقرير الأمين العام بان كي مون الأخير من عدم تجهيزها بطائرات النقل الهليكوبتر وبطائرات الاستطلاع إضافة إلى افتقارها إلى وحدات للنقل، ويضاف إلى ذلك النقص في عدد القوات. وجاء في تقرير بان أن هناك ما يزيد قليلا على 15 ألف و600 من قوات حفظ السلام منتشرون على الأرض في نهاية مارس (آذار)، وهو ما يقل كثيرا عن حجم القوة التي أوصي بها تفويض الأمم المتحدة وهو 26 ألف جندي.

وقال أدادا للصحافيين بعد الاجتماع «نعتقد أنه يمكننا بنهاية العام الوصول إلى نشر كامل للمهمة». لكنه قال إنها لا تزال تفتقر إلى العتاد العسكري الضروري، خاصة طائرات الهليكوبتر لنقل القوات بشكل أسرع.