الأزمة الاقتصادية العالمية تلقي بظلالها على معدل التضخم في مصر

توقع خفض جديد على سعر الفائدة مع مطلع العام المالي

TT

توقع خبراء اقتصاد مصريون أن يخفض البنك المركزي المصري سعر الفائدة الرئيسي في أول شهر يوليو (تموز) القادم بمقدار نصف نقطة مئوية، استثمارا للانخفاض المحتمل في معدل التضخم وانخفاض أسعار الطاقة عالميا والغذاء المستورد بفعل الأزمة المالية العالمية.

وأشار الخبراء إلى أن الخفض الذي أقره المركزي المصري نهاية الأسبوع الماضي، قد يكون «مطلوبا، ولكنه ليس كافيا» لدفع الاقتصاد المصري إلى تحقيق معدلات نمو معقولة، خاصة مع توقع انخفاض معدلات التضخم، نظرا لانخفاض الأسعار العالمية.

وكان البنك المركزي المصري قد أعلن أول من أمس (الجمعة) خفض سعر عائد الإيداع لديه لليلة واحدة بواقع 0.5 في المائة ليصبح 5.9 في المائة وسعر الإقراض لليلة واحدة بواقع 1 في المائة ليكون 11 في المائة سنويا، في خطوة تهدف إلى تنشيط حركة الائتمان في السوق المصرفي المصري، وتشجيع الاستثمار عبر تقليص التكلفة التي يتحملها المقترض، وإن كانت تعني في جانبها الآخر تأثر عائدات الودائع سلبا، حسبما أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم.

وبالرغم من أن هذا الإجراء يعد بمثابة إشارة إيجابية إلى انخفاض معدلات التضخم، وهو المعدل الذي من المأمول أن ينخفض حتى عشرة في المائة مع دخول العام المالي الجديد، إلا أن الخبيرة الاقتصادية بسنت أحمد فهمي ترى أن هذا المعدل المأمول يمثل أيضا معدلا مرتفعا للغاية بالنظر إلى انخفاض معدلات النمو في كافة أنحاء العالم، وأرجعت ذلك إلى «شيوع ممارسات احتكارية» تمنع من انخفاض معدل التضخم إلى مستوى يتناسب مع انخفاض الأسعار عالميا بنسبة 40 في المائة.

وأشار البنك المركزي المصري في بيان له إلى أنه عمد ـ من خلال هذا الإجراء ـ إلى تضييق الفجوة بين السعرين (عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة) لتكون 1.5 نقطة مئوية، بدلا من نقطتين، كما كان الأمر في السابق، ملفتا إلى أن توقعات نمو الاقتصاد العالمي في عام 2009 غير مبشرة، وهو ما يعني التأثير سلبا على معدل نمو الاقتصاد المحلي.

وأشار عبد العظيم إلى أن هذه هي المرة الثالثة التي يلجأ فيها المركزي المصري إلى التدخل باستخدام هذه الأداة المصرفية المهمة خلال العام الجاري، فقد عمد في مارس (آذار) الماضي إلى خفض سعر الفائدة المقرر للودائع وعلى القروض على حد سواء بنسبة نصف نقطة مئوية، وفي فبراير (شباط) المنصرم خفض السعرين بنسبة نقطة مئوية كاملة، وهو أمر لم يكن قد لجأ إليه منذ أبريل (نيسان) من عام 2006.

بيد أن لخفض سعر الفائدة تأثيرا سلبيا، إذ يزيد من معاناة الأسر التي تعتمد على عائد ودائعها لدى البنوك في التصدي لنفقاتها المعيشية، حسبما يشرح عبد العظيم، الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية. ويلفت مصرفيون إلى أن الفرق الواضح في تعامل البنك مع السعرين (الإيداع والإقراض) يشير إلى عدم رغبة إدارته في ألا تخفض المصارف التجارية فوائد الودائع بذات الدرجة التي تخفض بها فوائد القروض التي تمنحها للمستثمرين، بما يشجع النمو الائتماني من ناحية، ولا يوقع أذى كبيرا بالمودعين من الناحية الأخرى.

ورأى الخبير المصرفي أحمد آدم في تصريحات بثتها «وكالة أنباء الشرق الأوسط» أن هذه الخطوة اتسمت بالمفاجأة، نظرا لأن تكهنات الكثيرين تتجه إلى الرغبة في تثبيت سعر الفائدة، منبها إلى خطورة اللجوء المتكرر إلى استخدام هذا السلاح الذي قد يؤدي إلى تآكل الودائع الصغيرة، على حد قوله، مضيفا أن سعر الفائدة ليس هو العامل الوحيد المحدد لقرار البنوك في منح القروض.

وتخالف هذا الرأي الدكتورة بسنت فهمي مستشار بنك التمويل المصري السعودي، ملمحة إلى التنافس المحموم بين دول العالم إلى تخفيض أسعار عملاتها، مشيرة إلى أن هذا التخفيض جاء في الاتجاه السليم، ولكنه ليس بكاف، فأسعار الفائدة في دول العالم تقترب من الصفر، ونادرا ما تبلغ تلك المستويات التي نعهدها عندنا، والإقراض هو روح الاستثمار، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن ينزل المركزي المصري مجددا عدة تخفيضات على سعر الفائدة.

ويسعى المركزي المصري إلى المحافظة على معدلات مقبولة من السيولة لدى المصارف، ولكن الدكتورة فهمي تذكر بأن الملاءة هي العنصر الأشمل من السيولة، إذ لا تمثل السيولة إلا أحد مكوناتها الأربعة.

ويتوقع اقتصاديون أن تثمر الخطوة الأخيرة انتعاشا في البورصة المصرية وزيادة معدلات التداول، خاصة من جانب المستثمرين العرب والأجانب، جنبا إلى جنب، وتخفيض معظم المصارف الفائدة على الودائع، اليوم (الأحد)، بحسب عبد العظيم، الذي أشار أيضا إلى أن صانعي السياسة المصرفية في مصر يتوقعون انخفاض معدل التضخم إلى أقل من عشرة في المائة بحلول بداية السنة المالية الجديدة في أول يوليو (تموز) بسبب انخفاض أسعار الطاقة على المستوى الدولي، وكذلك انخفاض أسعار العديد من السلع الأساسية المستوردة، وعلى رأسها الغذاء، وهو ما سيدعو إلى إنزال تخفيض جديد على سعر الفائدة الرئيسي من جانب البنك المركزي بمقدار نصف نقطة مئوية، كما هو متوقع.