مثول 5 قراصنة صوماليين أمام محكمة في روتردام.. تمنوا البقاء في هولندا لأنها جميلة

وزراء الدفاع والخارجية الأوروبيون يجتمعون في بروكسل لتقييم جهود مكافحة القرصنة

خمسة صوماليين مشتبهين بالقرصنة في قاعة محكمة روتردام بهولندا أمس لمحاكمتهم بتهمة الهجوم على سفينة هولندية مطلع العام الحالي (إ ب أ)
TT

بدأت أمس، أول محاكمة للقراصنة الصوماليين في هولندا، بمثول 5 منهم أمام محكمة في روتردام لمواجهة اتهامات تتعلق بمحاولة اختطاف سفينة ترفع العلم الهولندي.

والمتهمون الخمسة اعترفوا بتخطيطهم لخطف سفينة، إلا أنهم تخلوا عن الفكرة قبل أن يتم اعتقالهم من قِبل البحرية الدنمركية. ويفترض أن تقرر المحكمة لاحقا إبقاءهم في الحجز الاحتياطي ثلاثة أشهر إضافية. وحيا القراصنة الخمسة الصحافيين عند دخولهم قاعة المحكمة، وابدوا سعادتهم لوجودهم في هولندا. وعلى الرغم من الاتهامات الخطيرة الموجهة إليهم، فإنه لن يتم ترحيلهم في حال إطلاق سراحهم، وهم يفضلون الحياة في هولندا، ويأملون في مستقبل أفضل. وأعرب القراصنة عن سعادتهم لوجودهم في هولندا، وقال أحدهم، ويدعى سعيد، لصحيفة هولندية: «هذا بلد جميل، يحترم الإنسان ويحصل على حقوقه. وجدنا معاملة جيدة». وقال آخر، ويدعى فرح، إنه يقيم في زنزانة نظيفة للغاية ويحصل على أكل جيد ويريد البقاء في هولندا. وقال ثالث إنه سيحصل على دورات تدريبية في الكومبيوتر خلال فترة السجن ويتمنى البقاء وأن تلحق به عائلته. وأصدرت هولندا في 21 يناير (كانون الثاني) مذكرات توقيف أوروبية ضده هؤلاء عندما كانوا محتجزين على فرقاطة دانمركية. ونقل القراصنة إلى هولندا في العاشر من فبراير (شباط) بعدما سلمتهم السلطات الدانمركية إلى هولندا في البحرين. وقد يحكم عليهم بالسجن تسعة أعوام بينما قد يحكم على زعيمهم بالسجن 12 عاما. وقال محامي أحد القراصنة ويُدعى جان وليم أوسما إنه ينتظر عقوبة السجن أربع سنوات للقراصنة وسيقدمون بعدها طلبا للحصول على إقامة أو لجوء نظرا إلى تخوفهم من العودة مرة أخرى إلى وطنهم. وقبل ساعات من انعقاد المحكمة اعتبرت بعض وسائل الإعلام الهولندية إن القرصنة هي الوسيلة الوحيدة للهرب من الفقر في الصومال. ونقلت عن محامي الدفاع عن أحد القراصنة قوله إنهم لأول مرة في حياتهم يشعرون أنهم في مكان آمن.

والرجال المتهمون أكدوا أن اليأس دفعهم إلى القيام بالقرصنة، نسبة للظروف المالية الصعبة، وصعوبة صيد الأسماك (بعد دخول شركات أجنبية تقوم بالاصطياد هناك). وقال إن رجال أعمال فاسدين قدموا لهم المعدات اللازمة إضافة إلى الأسلحة. وذكرت الأمم المتحدة أن السلطات المحلية الصومالية متورطة أيضا في عمليات القرصنة، وأن زعماء العصابات وأصحاب الارتباطات الخارجية يسيطرون على القراصنة الذين يحصلون على جزء من الفدية العالية المدفوعة لإطلاق السفن المخطوفة.

يأتي ذلك بعد أن سلمت سفينة تابعة لسلاح البحرية الإسبانية 14 صوماليا يشتبه في تورطهم بأنشطة قرصنة في السواحل الصومالية إلى السلطات الكينية. وتأتي عملية التسليم وفقا لاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والحكومة الكينية وقعت في السادس من مارس (آذار) الماضي تقضي بنقل القراصنة ومحاكمتهم في الأراضي الكينية. وذكر الاتحاد الأوروبي في بيان له أن السفينة الإسبانية وهي «إس بي إس ماركوس دو لا إينسنادا) سلمت المشتبه فيهم إلى السلطات الكينية، مضيفا أنها خامس عملية تسليم منذ توقيع الاتفاقية. وألقت القوات البحرية الأوروبية المكونة من 13 سفينة بحرية، القبض منذ بداية مهمتها في خليج عدن والسواحل الصومالية وحتى الآن على 52 قرصانا. وعقد وزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي، اجتماع مشتركا أمس في بروكسل، تصدّر أجندته إجراء تقييم لعمل القوات الأوروبية المشاركة في عملية «أتلانتا»، لمكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية وخليج عدن.

وأدان الوزراء أمس تجدد المعارك مؤخرا في العاصمة الصومالية مقديشو والاستهداف المتعمد للمؤسسات الاتحادية الانتقالية ومحاولة نسف اتفاق المصالحة الموقع في جيبوتي بين فرقاء الصراع الصومالي. وطالب الوزراء الأوروبيون بوقف فوري للمواجهات المسلحة وتجنب سقوط مزيد من الضحايا والتداعيات الإنسانية المترتبة عن ذلك.وجدد الوزراء الأوروبيون دعمهم لحكومة شيخ شريف شيخ أحمد وشددوا على ضرورة تقديم المساعدة الإنسانية للصومال واحتواء أعمال القرصنة البحرية وتشجيع جهود المصالحة الوطنية في هذا البلد.

والتقى الأدميرال البريطاني فيليب جونس، قائد عملية أتلانتا الأوروبية لمكافحة القرصنة في خليج عدن، مع أعضاء لجنة الدفاع الأوروبية في بروكسل، وقدم لها تقريرا حول العمل الذي قامت به القوة البحرية الأوروبية والخطط المستقبلية في هذا الصدد. وعقب اللقاء تحدث المسؤول العسكري الأوروبي في مؤتمر صحافي، أعرب فيه عن عدم تفضيله وضع حراسة مسلحة على متن السفن التجارية قبالة سواحل الصومال لحمايتها. وقال: «مسألة وضع حراسة مسلحة على متن السفن ما زالت قيد التفكير»، مشيرا إلى إنها لا تشكل حلا فعالا لمسألة القرصنة التي تهدد أمن الملاحة البحرية في منطقة خليج عدن وقبالة السواحل الصومالية. ولمّح القائد العسكري، إلى معارضة الكثير من الأطراف العاملة في مجال الملاحة البحرية لمثل هذه الخطوة على أساس أنها تساعد في تصعيد العنف لكنه عاد وأوضح بأن اللجوء إلى وضع حراسة مسلحة على متن السفن التجارية العابرة لخليج عدن ممكنة في بعض الحالات. وأضاف: «يمكننا أن نقترح مثل هذا الأمر، خصوصا فيما لو كانت السفينة ستجتاز مناطق بحرية معقدة وخطرة».

وقال المسؤول العسكري إن التحركات العسكرية الأوروبية والأطلسية أسهمت في تراجع أنشطة القراصنة ولكن دون التمكن من استئصالها. وأضاف أن سوء الأحوال الجوية في الآونة الأخيرة في المنطقة لم يمثل عاملا مساعدا لقوة أتلانتا الأوروبية المنتشرة قبالة الصومال. ونشر الاتحاد الأوروبي منذ بداية العام الجاري سبع سفن حربية في خليج عدن وقبالة الصومال. وقال إن «عملية أتلانتا قد أسهمت في تخفيض معدل حوادث القرصنة في الخليج، ونجحت في تحقيق أهداف خاصة لجهة مرافقة السفن المحملة بالأغذية التابعة لبرنامج الغذاء العالمي المتجهة إلى الصومال.

وأضاف: «أمكن تأمين الغذاء لما يزيد عن 1.5 مليون صومالي بفضل أنشطة هذه العملية وكذلك بفضل التعاون مع الأنشطة الدولية كافة لمحاربة القرصنة، خصوصا القوة التابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)». وردا على سؤال بشأن مصير القراصنة الذين يتم القبض عليهم، أكد قائد بعثة أتلانتا أن الاتحاد الأوروبي قد أعد إطارا قضائيا «مناسبا» مع كينيا من أجل تأمين احتجاز ومحاكمة هؤلاء، وأضاف: «لا أعتقد بأن ما تم التوصل إليه حتى الآن يشكل حلا نهائيا، إذ لا بد من متابعة العمل مع كينيا وباقي الأطراف الأوروبية والدولية». وأضاف الأدميرال جونس أن الأشهر الستة المتبقية على عمل البعثة لا تزال، كسابقاتها، حافلة بالتحديات والمصاعب.

وأردف: «نعرف أن مشكلة القرصنة لا تحل بين ليلة وضحاها، وتحتاج إلى المزيد من الجهد»، وتابع أن الانضمام إلى عملية أتلانتا يبقى مفتوحا أمام جميع الدول الأوروبية وغيرها، وأضاف: «شاركت السويد مؤخرا في عمليتنا، وسوف تنضم لاحقا كل من بلجيكا وهولندا ورومانيا وسويسرا». وذكر جونس بأن قوة أتلانتا نجحت في احتجاز 4 سفن كبيرة تابعة للقراصنة، «هذا يسهم في الحد من تخطيطهم وحركتهم»، وكذلك تم القبض على عدد منهم حيث رُحّل 38 إلى كينيا».