الجولة الخامسة للحوار الفلسطيني تختتم بلا اختراق.. رغم إصرار مصر على الاتفاق في يوليو

اللجان الخمس ستعاود الاجتماع خلال يونيو.. ووفد حماس ينفي قبوله تشكيل قوة أمنية ويعود إلى سورية للتشاور

TT

اختتمت في القاهرة الجولة الخامسة من الحوار بين حركتي فتح وحماس بلا اختراق رغم إصرار مصر على أن ينتهي إلى اتفاق للمصالحة وتحديدها موعد السابع من يوليو (تموز) المقبل لتوقيعه. وقال مصدر مقرب من وفد حماس إن الأخير غادر القاهرة فور انتهاء المحادثات ظهر أمس إلى دمشق لإجراء مشاورات مع قادة الحركة في العاصمة السورية.

وقال القيادي في حركة فتح زكريا الأغا للصحافيين بعد يومين ونصف من المحادثات بين وفدي الحركتين في القاهرة «لم يحدث اختراق» موضحا أن اللجان الخمس للحوار ستعاود الاجتماع خلال يونيو (حزيران) المقبل في العاصمة المصرية على أن تنجز عملها قبل السابع من يوليو (تموز) «وهو الموعد الذي حددته مصر لتوقيع اتفاق المصالحة» بحضور الفصائل الـ 13 التي شاركت في المؤتمر الافتتاحي للحوار في فبراير (شباط) الماضي.

وكانت خمس لجان شكلت خلال هذا المؤتمر لبحث القضايا الخلافية الرئيسية وهي: تشكيل حكومة وفاق وطني، إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية، الاتفاق على موعد وترتيبات الانتخابات الرئاسية والتشريعية، إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، المصالحات الداخلية ومعالجة آثار الاقتتال الذي انتهى بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة في يونيو (حزيران) 2005.

وأكد الأغا أنه لم يحدث اتفاق حول «قضيتين جوهريتين وصعبتين» هما إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية في قطاع غزة ومهام اللجنة التنسيقية التي اقترحت مصر تشكيلها بديلا عن حكومة الوفاق الوطني. وأوضح الأغا أن «الخلاف يتركز حول تشكيل قوة مشتركة من فتح وحماس في قطاع غزة خلال الفترة الانتقالية إذ ترفض حماس هذا الاقتراح وتطالب بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في قطاع غزة والضفة الغربية معا».

وتابع «اقترحنا تشكيل قوة مشتركة من 10 إلى 15 ألف شخص تتولى مهام الأمن في قطاع غزة وخصوصا المهام الشرطية ولكن حماس رفضت وهي تقبل فقط بتشكيل قوة من 300 فرد نصفهم من فتح والنصف الآخر من حماس لكي تتولى الأمن على معابر القطاع».

وتابع أن هناك خلافا كذلك حول «مهام اللجنة التي اقترحتها مصر إذ ترى حماس أن تكون لجنة تنسيقية بين حكومتي رام الله وغزة ونحن نرفض ذلك ونقول ليس لدينا حكومتان لأن هناك حكومة واحدة (في رام الله) ونعتقد أن مهمة اللجنة يجب أن تكون التنسيق في قطاع غزة مع الأجهزة المحلية والمنظمات غير الحكومية خصوصا حول إعادة إعمار القطاع»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

واقترحت مصر أن يتم انتخاب 75% من أعضاء المجلس التشريعي بنظام القائمة النسبية المطلقة و52% منهم بنظام الدوائر الفردية. وقال مسؤولون من فتح وحماس إن هذا الاقتراح يلقى قبول الحركتين.

واعتبر الأغا أنه في حالة استمرار الخلافات خلال الحوارات المقبلة «فإن الراعي المصري موجود وسيكون له (القول) الحسم عند الضرورة وقد أكدت مصر أنها لن تسمح بفشل هذا الحوار أي لن تسمح بأن ينتهي من دون اتفاق».

من ناحية أخرى نفت حركة حماس أن تكون قد وافقت على تشكيل قوة أمنية مشتركة في قطاع غزة، مشددة على أنها لن تقبل بمثل هذه الخطوة في حال لم يتم تطبيق الترتيب نفسه في الضفة الغربية.

وقال القيادي صلاح البردويل، في تصريح صحافي صادر عنه، إن هذه الخطوة مرفوضة تماما بوصفها لا تشكل مدخلا صحيحا لإنهاء الانقسام، مشددا على أن المطلوب هو إعادة صياغة الأجهزة الأمنية في غزة والضفة الغربية على أسس مهنية ووطنية بعيدا عن التعامل مع الاحتلال. وأضاف البردويل: «أي موافقة على اقتصار تطبيق الاتفاق المتعلق بالأجهزة الأمنية على قطاع غزة يعني بكل وضوح إعطاء شهادة حسن سير وسلوك وبراءة للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية ودورها في محاربة المقاومة والتنسيق الأمني»، مشددا على أن هذا الأمر غير مطروح على أجندة الحركة. ويذكر أن وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية قد نقلت عن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث أن فتح وحماس اتفقتا على تشكيل قوة أمنية مشتركة في قطاع غزة حتى إجراء الانتخابات المقبلة في يناير (كانون الثاني) 2010. وشدد البردويل على أن التوصل إلى اتفاق رهن بتوصل الأطراف المختلفة إلى توافقات تنهي الانقسام وتكون مقبولة من الجميع. وحول ما نسب من تصريحات لمدير المخابرات المصرية عمر سليمان بأن القاهرة ستضغط باتجاه إنجاز المصالحة قبل نهاية الشهر المقبل، قال البردويل: إن سليمان عرض وجهة النظر المصرية بضرورة التوصل إلى اتفاق، موضحا أن القاهرة أعربت عن قلقها من طول مدة الاتفاق. وشدد على ضرورة أن يكون الاتفاق رزمة واحدة في غزة والضفة، رافضا تطبيق أي اتفاق على غزة دون الضفة أو فرض وجهة نظر «فتح» في موضوع الانتخابات. وحول الحديث عن فتح معبر رفح والبدء الإعمار فور التوصل إلى اتفاق، أكد البردويل أن ذلك يؤكد أن إغلاق المعبر كان لدواع سياسية، وأن ما أسماه بـ«سلطة المقاطعة في رام الله» تضغط على مصر من أجل عدم فتح معبر رفح بشكل دائم؛ كي لا يكون ذلك مكسبا للحكومة الشرعية في قطاع غزة.

من ناحيته، طالب رأفت ناصيف، أحد أبرز قادة حماس في الضفة الغربية، قيادة الحركة بتعليق جلسات الحوار الوطني ردا على ما وصفه بـ«المجازر المتواصلة» التي تمارسها الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة سلام فياض بحق أبناء وكوادر حركة حماس في الضفة الغربية. وفي رسالة بعث بها من سجن «مجدو» الإسرائيلي حيث يعتقل، ناشد ناصيف قيادة حماس عدم استئناف أي حوار أو التوقيع على اتفاق المصالحة النهائي إلا بعد إنهاء ملف الاعتقال السياسي ووقف ملاحقة عناصر الحركة وكشف خلاياهم ومصادرة أسلحتهم. ولفت ناصيف إلى ما ترتكبه الأجهزة الأمنية بحق المعتقلين في سجونها، حيث يتم نقل العشرات منهم كل أسبوع إلى المستشفيات جراء تعرضهم للتعذيب الشديد والشبح المتواصل لعدة أيام. وحذر ناصيف من مغبة إعادة تشكيل أو توسيع أي حكومة من قبل الرئيس عباس، معتبرا إياها «خطوة غير شرعية، وتعني إطلاق رصاصة الرحمة على الحوار الوطني الذي سيصبح بلا جدوى».

إلى ذلك، ذكرت مصادر فلسطينية مطلعة أن مباحثات وفدي حماس وفتح خلال جولة الحوار الخامسة التي انتهت الليلة قبل الماضية في القاهرة قد تركزت بشكل أساسي حول المقترح المصري بتشكيل لجنة مشتركة للإشراف على قطاع غزة. وتضاربت التصريحات حول ما تم الاتفاق حوله بشأن هذه اللجنة. من ناحيته، توقع نبيل شعث أن يتم التوصل لاتفاق بين الجانبين بحلول يوليو (تموز) المقبل. من ناحية ثانية، كشفت مصادر فلسطينية مطلعة أن كلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض اتفقا على تشكيل حكومة جديدة، مرجحة أن يتم الإعلان عن هذه الحكومة في أي وقت، على الرغم من اعتراض حركة فتح على هذه الحكومة. وأشارت المصادر إلى أن عباس أوضح لقادة حركة «فتح» أن الحكومة الجديدة ستكون حكومته وبالتالي سيدافع عنها بكل قوة. وأكدت المصادر أنه في إطار الجهود التي يبذلها عباس لتذليل الصعاب التي تعترض طريق هذه الحكومة، التقى برئيس كتلة حركة فتح في المجلس التشريعي عزام الأحمد لمناقشة أوجه اعتراض حركة فتح على الطريقة التي اتبعها فياض في تشكيل الحكومة التي لم يعلن عنها. وكان الأحمد قد خرج في هجوم علني على سلام فياض وحكومته، مشددا على أن هذه الحكومة ليست حكومة حركة فتح.