القوات الباكستانية تتحرك لاستعادة السيطرة علي بلدة في وادي سوات

جيلاني أمام مؤتمر كل الأحزاب: العمليات العسكرية ليست الحل الدائم للتمرد والتطرف في باكستان

تزاحم بين أطفال باكستانيين فروا من معارك سوات للحصول على خبز وطعام في معسكر للاجئين خارج مينة بيشاور الحدودية أمس (رويترز)
TT

قال يوسف رضا جيلاني، رئيس الوزراء الباكستاني، للنخبة السياسية في البلاد، خلال لقائه معهم أمس، إن العمليات العسكرية الدائرة في سوات والمناطق المتاخمة لها، ليست الحل الدائم لمشكلات التمرد والتطرف الحالي، الذي تواجهه باكستان.

وقال جيلاني، خلال لقائه القادة السياسيين في البلاد، الذين اجتمعوا في منزله أمس، لمناقشة الموقف في سوات، والتهديد المتنامي للقتال والتمرد، الذي تواجهه باكستان: «إن العمل العسكري ضد المقاتلين في سوات ماض بنجاح، بيد أنه ليس الحل النهائي للمشكلة».

وحث رئيس الوزراء، القادة السياسيين على الدخول في عملية مصالحة ومشاورة، للبحث عن حلول لقضية القتال والتطرف.

وخاضت القوات الباكستانية قتالا محموما امس لاستعادة السيطرة علي معقل رئيسين لطالبان في وادي سوات، حيث أدى هجوم مكثف إلي فرار أكثر من مليون مدني من المكان. وتقدمت القوات الباكستانية إلي بلدتي ماتا وكانجو، خلال نهاية الأسبوع، حيث أعلن الجيش أن عمليته دخلت «مرحلة جديدة» في ظل انتفاضة الشعب ضد المسلحين. وتعد ماتا، التي تبعد نحو 20 كيلو مترا عن بلدة مينجورا الرئيسية في سوات، معقلا لمسلحي طالبان منذ عام 2007، عندما بدأ الإسلامي المتشدد مولانا فضل الله، حملة عنيفة لتطبيق الشريعة الإسلامية.

واجتاح الجنود مواقع المتمردين في ماتا، حيث انضمت الطائرات المروحية للهجوم اليوم. وهجرت أعداد كبيرة من المقيمين في البلدة منازلهم خلال فترة حظر التجول، في نهاية الأسبوع. وأفادت قناة «جيو» التلفزيونية الخاصة، نقلا عن القائد العسكري المحلي البريجادير جمال، أنه يعتقد أن الجيش استطاع استعادة السيطرة علي نصف البلدة، في حين قتل جنديان خلال القتال المكثف، الذي أسفر عن مقتل 15 من المسلحين علي الأقل. وقصفت طائرات نفاثة ومروحيات حربية أهدافا في بيوشار، وهو وادي جانبي يوجد به مقر المسلحين ومعسكرات تدريبهم. وتجدر الإشارة إلي أن القتال مستمر أيضا في ضواحي بلدة مينجورا.

ويأتي تصاعد حدة القتال في الوقت الذي يترأس فيه رئيس الوزراء الباكستاني، يوسف رضا جيلاني، اجتماعا للقادة السياسيين البارزين في إسلام آباد، لمناقشة الموقف الأمني في سوات، والمناطق المجاورة. وقال جيلاني، خلال اجتماع وصف بأنه مؤتمر جميع الأحزاب: «إن العملية ضد الإرهابيين مستمرة بنجاح وهؤلاء الذين قضوا على السلام يفرون الآن».

وأكد علي أن استخدام السبل العسكرية «ليست حلا دائما» ولكن قال، إن هذا العمل العسكري كان هاما، لأن «شعب سوات احتجز كرهينة». وكان جيلاني، قد أمر القوات الأمنية «بالتخلص» من مسلحي طالبان في الوادي، في السابع من مايو (أيار) الجاري، بعد أيام من انهيار اتفاق سلام هش، بعدما وسع المسلحون من نفوذهم ليشمل منطقة بونير، الواقعة في شمال غربي باكستان علي بعد 100 كيلو متر من إسلام آباد. ويخشى المسؤولون والمعلقون من أن يتلاشى الدعم السياسي والشعبي واسع النطاق للهجوم، إذا حدث دمار كبير ورعاية غير مناسبة للاجئين. ويقول الجيش، إنه لم تقع خسائر في الأرواح بين المدنيين خلال هجومه، ولكنه اتهم المتمردين بإلحاق الضرر بغير المقاتلين، عن طريق وضع قنابل علي جانب الطريق وإطلاق الأعيرة النارية. ولكن لم يتم التأكد من هذه المزاعم بصورة مستقلة. ودعت وكالات الإغاثة لتقديم دعم دولي كبير وعاجل للضحايا الذين فروا من منازلهم، فيما وصف بأكبر عملية فرار جماعي منذ أن حظيت باكستان باستقلالها عن بريطانيا عام 1947. وقال رضا جيلاني، أمس، إن الجيش سيكمل هجومه ضد متشددي طالبان في وادي سوات، ويكفل السلام. وأضاف بينما كان يسعى لحشد دعم الأحزاب السياسية، أن الهجوم الذي بدأه الجيش هذا الشهر، مع تنامي القلق الدولي ازاء تصاعد التمرد، يحقق تقدما، وأنه سيتم بذل كل جهد ممكن لمساعدة أكثر من مليون شخص شردتهم المعارك.

وتصاعدت أعمال العنف في باكستان، التي تمتلك أسلحة نووية، خلال العامين الماضيين، مما أثار مخاوف بشأن الاستقرار وأزعج الولايات المتحدة، التي تحتاج إلى تحرك باكستاني للمساعدة في هزيمة «القاعدة» وإرساء الاستقرار بأفغانستان المجاورة. وقالت الحكومة، إن أكثر من 1000 متشدد قتلوا في الهجوم على وادي سوات، معقل طالبان، في حين قال الجيش، إن زهاء 50 من جنوده قتلوا في المعارك. ولم يتسن الحصول على تأكيد مستقل للتقديرات الحكومية بشأن خسائر المتشددين. وغادر الصحافيون سوات، ولا يسمح الجيش لأحد بالعودة إليه. كما تعطلت الاتصالات مع السكان، الذين لا يزالون بالوادي. وأجبر الهجوم على الوادي، الذي كان في السابق وجهة سياحية، ويقع على بعد 130 كيلومترا شمال غربي إسلام آباد، ما لا يقل عن 1.17 مليون شخص على الفرار من منازلهم، ودعت الأمم المتحدة إلى استجابة دولية كبيرة للأزمة الإنسانية.